نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية حوارا مع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في
اليمن، ألكسندر فيت، طرق فيه إلى الوضع المأساوي في اليمن في ظل تواصل الحرب الأهلية وتفشي وباء
الكوليرا الذي فتك بمئات الآلاف من اليمنيين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الوضع في اليمن كارثي، حيث فر حوالي مليونا شخص من البلاد، فيما بقي 80 في المئة من الشعب تحت رحمة المساعدات الدولية.
وسبق أن منظمة الصحة الدولية، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2016، إلى ظهور أولى حالات الإصابة بوباء الكوليرا، الذي انتشر فيما بعد بسرعة كبيرة في كافة أنحاء البلاد. ومؤخرا، تمكنت لجنة
الصليب الأحمر الدولية من السيطرة على هذا الوباء بشكل أفضل. وفي هذا الصدد، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن إن "موسم الأمطار قد يساهم في تأزم الأوضاع وظهور المزيد من الأمراض".
اقرأ أيضا: ارتفاع معدل الغارات الجوية في اليمن مقارنة بالعام الماضي
وأردف فيت أن "الوضع في اليمن خارج عن السيطرة، حيث انهار قطاع الصحة بالكامل. كما نفذت أكياس الدم الاحتياطية في بنوك الدم. وفي خضم هذه الحرب، لا يموت المدنيون جراء الصراعات والقصف المكثف فحسب، بل نتيجة عوامل غير مباشرة، أيضا".
وأضاف أن "اليمن يعتبر بلدا ناميا، حيث يضم مدنا وبنية تحتية منظمة على عكس الصومال. وفي الوقت الراهن، دمرت الحرب كل شيء، فقد استهدفت الأطراف المتنازعة المولدات الكهربائية ومحطات ضخ المياه. علاوة على ذلك، يشتكي الأهالي من نقص المياه الصالحة للشرب والمرافق الصحية النظيفة".
وتساءلت الصحيفة عن الأسباب الرئيسية الكامنة وراء ظهور وباء الكوليرا. وفي هذا الصدد قال فيت: "لقد أحصينا إلى حد الآن 500 ألف حالة مصابة بوباء الكوليرا. وفي الأثناء، قتل حوالي 2000 شخص نتيجة هذا الوباء القاتل. في المقابل، توجد كمية ضئيلة للغاية من الأدوية بأسعار خيالية، علما أن المدنيين لا يستطيعون دفع ثمن هذه الأدوية، نظرا لأنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ سنوات".
اقرأ أيضا: بوبليكو: بن سلمان يساهم في زعزعة استقرار المنطقة.. كيف؟
وردا على سؤال الصحيفة فيما يتعلق بالمشاكل التي تبعث على القلق في اليمن، أشار رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن إلى أن "انتشار الأمراض المزمنة في اليمن، على غرار مرض السكري مسألة تستدعي القلق. وعلى الرغم من أن هذا المرض يمكن معالجته، إلا أن المرضى مهددون بالموت في حال عدم تمكنهم من شراء حقن الإنسولين".
وحول الإجراءات التي اتخذها الصليب الأحمر لمجابهة هذا الوضع، أوضح قائلا: "نحن نعمل على تكريس خبرة سنوات من العمل المكثف في اليمن، وذلك عبر دعم مراكز غسيل الكلى، على سبيل المثال. من ناحية أخرى، نحن نحرص على جلب الأدوية الضرورية لمساعدة اليمنيين على متن الطائرات".
ولفت فيت إلى أن "مطار صنعاء مغلق، لكن بعض منظمات الإغاثة على غرار اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطباء بلا حدود والأمم المتحدة تتمتع بإمكانية الدخول إلى العاصمة صنعاء. في الوقت ذاته، لا تزال بقية الموانئ في عدن والحديدة مغلقة".
وتطرقت الصحيفة إلى مدى قدرة منظمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر على العمل دون عوائق في كامل البلاد. وفي هذا السياق، قال فيت إنه "يمكننا الدخول إلى كافة المناطق في البلاد. وفي الأثناء، يعمل موظفو الصليب الأحمر المحليون في المناطق التي لا يمكننا النفاذ إليها، حيث يتكفلون بمعالجة الآلاف من الأشخاص بشكل يومي".
وفي سؤال الصحيفة عن أكثر المناطق مأساوية في اليمن، أجاب رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "الوضع حرج في كافة المدن اليمنية، لكن الوضع مأساوي للغاية في بعض المدن على غرار تعز".
وأضاف: "يصعب الوصول إلى مدينة تعز، ولا يمكننا دخول المدينة إلا عن طريق المسالك الترابية، علما أن الرحلة إلى هذه المدينة عبر سيارة جيب تستغرق ساعات طويلة. لقد دُمرت مدينة تعز بالكامل، تقريبا، نتيجة الصراعات. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر المدينة إلى قنوات الصرف الصحي، في حين انتشرت القمامة في كل الشوارع، مما أدى إلى انتشار الكوليرا بشكل سريع، وهو ما يفسر ارتفاع عدد الوفيات في هذه المدينة الحدودية".
وحذر فيت من أن "الصراع في اليمن اتخذ منحا خطيرا بشكل فاق كل التوقعات، مما جعل التوصل إلى حل سياسي أمرا صعب المنال. وقد تتوقف معاناة الشعب اليمني بمجرد الإعلان عن هدنة بين مختلف أطراف النزاع، مع العلم أن عدد الموتى في صفوف الشعب اليمني يرتفع يوما بعد يوم".