طور
لاجئ سوري، يدعى عبد الله كرم،
لعبة فيديو، أطلق عليها اسم "باث أوت"، تصور الواقع الذي يعيشه العديد من اللاجئين حتى يطلع عليه الشباب والأطفال، وخاصة في أوروبا، حسبما أفاد تقرير لصحيفة "أي بي ثي" الإسبانية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الأشخاص البالغين يشعرون بالقلق إزاء الشباب الذين غالبا لا يفرقون بين الواقع والعالم الافتراضي.
وأشارت إلى أن لعبة الفيديو الجديدة ستساهم، من خلال الواقع الذي تصوره، في لفت أنظار العديد من الأطفال والشباب إلى حقيقة الوضع الذي يعيشه اللاجئون. وبالتالي، ستتيح لهم هذه اللعبة الفرصة لعيش مغامرة استثنائية تقتضي الهروب من الحرب في محاولة للوصول إلى أوروبا، مهما كلف الثمن.
وبينت الصحيفة أن أحداث هذه اللعبة تنطلق من منزل بطل المغامرة في وسط سوريا في سنة 2011، حيث يعيش طفل مع عائلته في ظل عدم توفر الكهرباء، إذ كلفت أم البطل طفلها بالمهمة الأولى ضمن اللعبة، حيث يتعين عليه البحث عن قارورة غاز كي تتمكن والدته من طهي الطعام، وحتى تصرف نظره عن مخططها القاضي بالانضمام إلى الاحتجاجات التي جابت الشوارع ضد الأسد. وفي حين كان الطفل يبحث عن قارورة غاز في الظلام الحالك، عثر على صورة لقلعة في أوروبا، آنذاك أخذ الهدف الأساسي يتبلور في ذهنه.
ونقلت الصحيفة تصريحات عبد الله كرم، البالغ من العمر 21 سنة، الذي قال: "لقد مررت فعلا بمختلف الوقائع التي عرضتها اللعبة، لازلت أذكر اليوم الذي فكرت فيه للمرة الأولى في إمكانية ترك كل ما يربطني ببلادي، كنت آنذاك أستبعد أن يكون الفرار أمرا ممكنا".
وتجدر الإشارة إلى أن عبد الله كان يحب الرسم كثيرا. لقد كان يرسم حتى يتمكن من تجسيد تجاربه الشخصية. وسرعان ما تحولت هذه الرسومات إلى المحور الأساسي للعبة الفيديو "باث أوت"، التي أنتجتها وعملت على تطويرها الشركة الألمانية "كوزا كرييشن"، المتخصصة في إنتاج الألعاب التي ترمي إلى التطرق إلى المسائل الاجتماعية الراهنة.
وأضافت الصحيفة أنه يتعين على بطل اللعبة التغلب على العديد من العقبات مرورا بمختلف مستويات اللعبة، سواء المطاردات، أو الجنود، أو الرقابة وحقول الألغام، إلى غير ذلك حتى يتمكن من الوصول إلى أوروبا في نهاية المطاف.
وتعتمد اللعبة على رسوم متحركة ثنائية الأبعاد، بمنظور غير متناظر، تماما مثل الذي اعتدنا مشاهدته في لعبة بوي نينتندو، التي تعيد إنتاج أو تجسيد صور مناطق الصراع، والبحار والطرقات الوعرة.
وأوردت الصحيفة على لسان مدير المشروع، المطور الألماني جورج هوبير، أنه "عندما رأيت الرسومات تأثرت بها للغاية، وأدركت حقا أني قد حصلت على لعبة فيديو ستدفع مختلف لاعبيها إلى التأثر بالقصة ومعايشة أحداثها تماما مثل الأطفال الذين أُجبروا على الفرار من أراضيهم للبحث عن مستقبل أفضل في مكان آخر".
وأضاف هوبير قائلا: "لقد تعرفت على عبد الله في سالزبورغ خلال عرض مسرحي، بعد أسبوعين فقط من قدومه إلى النمسا. حين اطلعت على رسوماته، فكرت أنه يجب أن نوظفها بطريقة أو بأخرى.. ربما كان عبد الله يفكر في استغلال هذه الصور في عمل فكاهي، لكنني كنت مقتنعا أن لعبة الفيديو ستكون الخيار المثالي الذي يليق بتجسيد هذه الصور. وقد أكدت لي ردود الفعل الأولى من قبل الجمهور صحة وجهة نظري".
من جانبه، شدد عبد الله على أنه "لم يكن وقع تذكر كل الأحداث التي عشتها صعبا بالنسبة لي، بل على العكس تماما. لقد كان ذلك بمثابة علاج ووسيلة لاسترجاع كل التفاصيل التي عشتها آنذاك. ففي خضم كل تلك المخاطر، لا تكون واعيا بما يجري تحديدا، كل ما تشعر به هو رغبة قوية في المضي قدما".
وأكدت الصحيفة أن الفكرة الرئيسية للعبة تكمن في السماح للاعب بالمشاركة في هذه التجربة، دون التعاطي معها على اعتبارها دراما، حيث أن المؤامرة التي تقوم عليها اللعبة تتخللها جرعات كبيرة من الفكاهة والعديد من المفاجآت الأخرى.
ودعا عبد الله إلى الاستمتاع بهذا الشريط الاستثنائي من الصور، مع العلم أن مبتغاه الحقيقي يتمثل في دفع الشباب الأوروبي إلى تفهم كل ما يحدث في البلدان التي تعيش في ظل الحروب، فضلا عن سبب توافد عدد كبير من اللاجئين إلى بلدانهم.
والجدير بالذكر أنه وفي الوقت الراهن، تتوفر لعبة الفيديو، "باث أوت"، في نسختها التجريبية فقط. وفي تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، من المتوقع أن يتم إصدار النسخة النهائية.
ونقلت الصحيفة انطباعات عبد الله كرم، الذي صرح مازحا: "سوف نستغني عن هذه النسخة من لعبة الفيديو في حال تمكنا يوما ما من العودة إلى سوريا واللعب بين ربوعها. حينئذ سيتعين علينا تطوير لعبة فيديو أخرى يكون فيها بطل الرواية أحد اللاجئين في أوروبا يحاول أن يتعامل مع البيروقراطية والفقر والحرائق في مخيمات اللاجئين، والتغلب على عائق اللغة أيضا..". وأضاف مبتسما: "ستكون لعبة فيديو صعبة حقا ومشوقة للغاية".