نشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية تقريرا ذكرت فيه أن الروبوتات القاتلة حقيقة لا مراء فيها، وهي جزء من المرحلة القادمة من الثورة العسكرية التي سيشهدها العالم.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الآلات التي تحتوي على برامج الذكاء الصناعي والقادرة على التعلم واتخاذ قراراتها من تلقاء نفسها، ستجعل العالم يتسابق من أجل امتلاكها ويغض الطرف عن آثارها الأخلاقية.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال السير ريتشارد بارونز، قولا أفاد فيه أن الأصوات التي نادت الأسبوع الماضي بوضع حظر دولي وقائي لمنع انتشار هذه
التكنولوجيا الخطيرة، التي قد تقع في يد دول قياداتها لا ضمير لها، دليل على وعي العالم بخطورتها، كما ذكر الضابط المتقاعد أن أكثر من 100 قيادي في عالم التكنولوجيا قد صاغوا رسالة تدعو الأمم المتحدة لتجريم هذا السلاح السفاح.
كما أورد هذا الجنرال، الذي ترأس حتى السنة الماضية قيادة القوات المشتركة في المملكة المتحدة والفريق المسؤول عن تحضير سيناريوهات
الحروب المستقبلية، أن المجال العسكري يواجه ثورة خطيرة أساسها التطور التكنولوجي المدني.
وبينت الصحيفة أن الخبراء في هذا المجال يتوقعون أن الذكاء الصناعي سيستخدم قريبا في صناعة طائرات من دون طيار، والعربات المدرعة والغواصات القادرة على العثور على الهدف والتعرف عليه، ناهيك عن اتخاذ قرار تصفيته من عدمه. كما ستمنح تلك الأجهزة القدرة على التعلم التلقائي.
وفي هذا السياق، حذر المدير التنفيذي لتيسلا، إيلون ماسك، رفقة 115 خبيرا آخر في مجال الروبوتات والذكاء الصناعي، من أن تجبر "الروبوتات الذكية" العالم على الدخول في حروب شرسة لم يسبق أن شهد مثلها من قبل، وتندلع في وقت وجيز غير كاف ليتدخل البشر لإيقافها. ولعل هذا ما أكدوه في رسالتهم، "لن نتمكن حتى من رد الفعل، فإن فتح باب صندوق باندورا اللعين فسيكون من الصعب غلقه".
وأشارت الصحيفة إلى أن بريطانيا ملتزمة بأن تخضع أسلحتها لسيطرة البشر. وفي هذا الإطار، أفاد السير ريتشارد أنه "إذا سألت وزارة الدفاع في المملكة المتحدة لأكدوا لك عدم رغبتهم في منح الآلات السيطرة الذاتية، فضلا عن أنهم سيضمنون لك أنها ستكون دائما تحت سيطرة البشر. ولكن، إن سألت دولا أخرى حول العالم فلن تجد هذا الخيار مطروحا أبدا لديهم".
بالإضافة إلى ذلك، تطرق الجنرال إلى مسألة خطيرة جدا تتعلق بالذكاء الصناعي وقدرته على التعلم، إذ قال: "حتى وإن لم تخطط لامتلاك هذه القدرات، فإن عليك التعامل مع آلات ستكتشف بنفسها أنها صنعت لتسفك الدماء، وأنها خارجة عن سيطرة البشر".
وذكرت الصحيفة أن خبراء الروبوتات يعتقدون أن التكنولوجيا المدنية قد تجاوزت بكثير نظيراتها العسكرية في مجال صناعة السيارات ذاتية القيادة، والشبكات الرقمية القادرة على التعلم الذاتي. لهذا، يرى الجنرال ريتشارد أن هذا يخدم مصلحة القوات العسكرية، لأن التكنولوجيا المتوفرة ستكون أرخص تكلفة وأكثر وفرة ونجاعة.
واستعرضت الصحيفة المجالات التي يمكن أن تخدم فيها الروبوتات المجال العسكري، مثل إمكانية توظيفها في حراسة المفاعلات النووية، أو منع الأشخاص من الاقتراب من المناطق المحظورة، على غرار المنطقة منزوعة السلاح بين كوريا الشمالية والجنوبية.
ورأت الصحيفة أن توظيف مثل هذه الروبوتات سيريح الجنود من القيام بالمهام المملة والصعبة، التي قد تشكل خطرا على حياتهم. ومن هذا المنطلق، يبدو أن توظيف مثل هذه التكنولوجيا سيكون أقل تكلفة، لأنها تكنولوجيا مدنية بالأساس وقع تعديلها لتنفيذ مهام عسكرية، ولن تأخذ من إدارتها راتب التقاعد أو مصاريف العلاج.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من الصعب وقف انتشار الروبوتات القاتلة، نظرا لفشل جهود وقف انتشار الأسلحة النووية من قبل.
وحول هذا الموضوع، قالت ليز كوينتانا، مديرة معهد خدمات العلوم العسكرية في المملكة المتحدة، متحدثة عن صعوبة منع انتشار تلك الأسلحة، إنه "من وجهة نظر إنسانية يجب منع انتشار الروبوتات القاتلة، ولكن من وجهة نظر عسكرية، يجب الاستثمار فيها وتوظيفها".