تحية لك مستحقة أن حضرت إلى بلاد الحرمين ورقصت بالسيف تكرما مع ملوكنا ورؤسائنا، فما كان منهم إلا أن ردوا التحية بأحسن منها، فهم "المسلمون بحق"، فبادلوك الرقص بالرقص وزادوك من الريالات والدولارات 400 مليارات، وربما بعض الزيادات، فأنت الضيف وإكرامك من أوجب الواجبات.
ولا يجوز إكرامك دون زوجك البتول وحرمك المصون "ميلانيا"، فحملت من الهدايا ما ينوء بالعصبة أولي القوة، وأما ابنتك "إيفانكا" اليهودية المتسامحة فقد تغاضى الناهون عن المنكر عن زجرها على قصير وشفاف ثيابها وكشفها لشعرها ووجهها، فوجهها يشع منه نور الإيمان، وعليها علامات الصلاح والإحسان، فشيدنا لها في الحال مركز "اعتدال" لمراجعة مناهج الأخلاق والإسلام، وتحرير الخطاب الديني من القيود والأغلال، لئلّا تضل به الأجيال، وبنى أحدنا لها مسجدا ليكون طريقها للجنة ممهدا، وآخر أدى عنها العمرة لينير قبرها من الظلمة، وثالث أسمى مولودته باسمها تيمنا وتبركا بها.
وحملت هي الأخرى (إيفانكا) من الهدايا والعطايا ما يكفي لإشباع ملايين المسلمين الجوعى والعرايا، لكنها أحق بذلك منهم، فربما تهز جذع نخلة الرضا على ملوكنا ورؤسائنا فتساقط عليهم من بركاتها رطبا جنيا، فيظلون على كراسيهم مليّا، ويتولى الملك من كان بالأمس صبيا ويسحق من يصدع بالحق إن ظل حيا. ولإن سبق إلى تل أبيب بعض الأعراب سرا، فقد فعلها مثله وزاد بإرسال من ينوب عنه جهرا، والعفيفة الطاهرة تسيبي بنت ليفني تستقبل الكل حتما، وتسحر العقول وتختم على القلوب ختما، وهم مع ذلك يترددون في مصافحتها يدا، فقد علمناهم أن قتل ملايين المسلمين أهون من مصافحة امرأة أجنبية عفيفة كانت أو بغيّا.
وحكامنا متسابقون في الخيرات، فما إن علموا اجتماع الأمم المتحدة على البر والتقوى، فقالوا لزاما ألا تواجه الأمور بشيء من الفتور، بل لا بد من زيادة الهمة ورفع درجة الاستعداد للقمة. وقد كان ما كان مما لا يخطر على قلب بشر ولا جان، فقال إمام الحرم لولي الأمر :"الصحبة الصحبة.. فأنت على سفر وغربة.. وستلقى الأحبة.. ترامبا وصحبه"، ولا بد أن نظِهر الوسطية والاعتدال وعميق الفهم في الفعل والمقال، ودعك مما كان يقال عن "الولاء والبراء"، فقد (كان عندنا في الفهم داء، والآن قد أدركنا الشفاء"، ونحن "من البراء بُرآء"، وفي الولاء "نوالي من توالي في الحاضر والتالي".
ثم ماذا صنعت أمريكا؟! أنعاديها لأنها قتلت المسلمين في العراق؟! ودمرت البلاد بزعم السلاح النووي وبعد سنوات لم يجدوا إلا شرح الإمام النووي؟! وتهدج صوت الشيخ وهو يقول: "أنعاديها يا قومنا لأنها قتلت المسلمين في أفغانستان والصومال والكثير من البلدان؟! أنعاديها يا قومنا لدعمها ما يسمى بإسرائيل لأنها احتلت فلسطين؟ّ! وعلا صوت الشيخ بالنحيب كما يفعل في تراويح رمضان، وهو يقول: "أنعاديها لأنها تدعم احتلالها للمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين؟! فوالله وبالله وتالله "إن للأقصى ربا يحميه". ألا تؤمنون بقدرة ربكم على ذلك دون جهاد، فهو اليوم يسمى إرهاب، وربكم هو رب القلوب والألباب؟!".
ثم خَفَّ نحيبه، وخَفَتَ نشيجه، وقال: "اللهَ اللهَ فيمن يعادي الأمريكان. إنهم أهل كتاب وذمة، أليس عندكم ذمة؟!". ثم قال: "المملكة وأمريكا قطبا العالم في التأثير، ومليكنا سلمان بن عبدالعزيز مع مليكهم دونالد بن
ترامب يقودان العالم والإنسانية نحو مرافئ الأمن والسلام والرخاء والاستقرار".
وأنا أسألكم بالله: هل أحدثت في الدين فتقا؟! أيها المتنطعون المتهكمون، ألا تقود أمريكا العالم إلى مرافئ الأمن والسلام؟! أما كانت أمريكا هي سر الرخاء والاستقرار؟! لماذا قلوبكم سوداء؟! أما زلتم تذكرون أنها قتلت الأبرياء في ناجازاكي وهيروشيما وكافة الأرجاء؟! مالكم كيف تحكمون؟! هل هؤلاء مسلمون؟! لقد ران على عقولكم وقلوبكم ما تكسبون.
لماذا تحملون لأمريكا الشنآن والضغينة، وتقولون إنها لعينة، أما آن لقلوبكم المريضة وعقولكم السقيمة أن تنسى دعم أمريكا لكل طغاة العالمين وأنها تزرع الفتن ذات الشمال وذات اليمين، وتسيطر على مصادر الطاقة وتمصّ دماء الشعوب وتوقع بهم الفاقة؟ كل ذلك من أجل مصلحة الشعوب ولكنكم متخلفون قاصروا الفهم.
ولإن أخطأوا في قتل الملايين وتجويع الآدميين وترويع الآمنين، فإن الخطأ والسهو والنسيان ليس محلا لمجازاة أو حساب أو عذاب، بل مما يدخل في دائرة الغفران.
فدعوهم ليطهروا العالم من الإرهاب، ويبيعوا السلاح للأوغاد، ويرعوا مصالح العباد، ويقودوا العالم إلى مرافئ الأمن والسلام والرخاء والاستقرار، ونحفظ مقاصد الشريعة ولا يكون لأحد منكم ذريعة. "ولإن حَمَلت نفوسكم مِنّي فستتحسرون على عظمة ما ورد عنّي. فلإن كنت مدحت دونالد بن ترامب، فسيأتيكم مِن بعدي مَن يرفع النتن بن الياهوو إلى أعلى عليين، كما جعلوا السيسى من المرسلين، وإن قال السيسى إن النتن مؤهل لقيادة المنطقة، فسيخرج من يقول إنه أوحي إليه، وعند ذلك تندمون على بُغضِكم لي وتَشنِيعكم عليَّ، ولكن يومها لن ينفعكم الندم.
هل بلغت؟ قالوا نعم. قال فلتشهد شياطين الإنس والجن.