أثارت تصريحات محافظ
البنك المركزي المصري، طارق عامر، بشأن ديون مصر الخارجية، تساؤلات كثيرة في الأوساط الاقتصادية حول الديون السرية التي تقترضها الحكومة المصرية، وفيم تنفقها؟ وكيف ستسددها".
وقال عامر في تصريحات صحفية، إن مصر ستسدد 5.2 مليار دولار لبنك التصدير والاستيراد الأفريقي قبل نهاية ديسمبر/ كانون الأول، مشيرا إلى أن "رد مستحقات البنك الأفريقي تساهم في خفض كبير جدا في الالتزامات الخارجية".
ووفقا لرويترز، تعد هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها البنك المركزي المصري عن هذا القرض الضخم وحجمه وموعد الحصول عليه، وهو شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 وعقب قرار تعويم البلاد للعملة الوطنية مقابل الدولار.
وارتفع الدين الخارجي لمصر بنسبة 38.4% إلى 73.9 مليار دولار بنهاية شهر مارس/ آذار 2017 مقابل 53.4 مليار دولار في شهر مارس/ آذار 2016.
وكان عمرو الجارحي، وزير المالية المصري، قال الأسبوع الماضي، إن بلاده تخطط لاقتراض عشرة مليارات دولار من خلال سندات دولية جديدة، بينما من المقرر أن تسدد مصر ديوناً خارجية تزيد عن 11 مليار دولار خلال العام المالي الحالي الذي ينقضي بنهاية يونيو/ حزيران 2018، وفق محافظ البنك المركزي طارق عامر.
ولم يذكر الجارحي إطارا زمنيا لهذه القروض، فيما قال مصدران لوكالة رويترز إن الاقتراض سيكون خلال العامين الحالي والمقبل.
وعلق الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، على تصريحات عامر قائلا: "الأمر المخيف هنا حقاً هو أن يستيقظ المصريون ليجدوا أنفسهم مطالبين بسداد عشرات من القروض المخفية عنهم، وذلك على غرار قرض بنك التصدير والاستيراد الأفريقي، البالغ قيمته 5.2 مليار دولار، والذي لم يعرفوا عنه شيئاً سوى قبل موعد سداده بشهرين".
وقال عبد السلام في مقال له تحت عنوان "القروض الكتيمي": " لأول مرة نسمع اليوم عن القروض المخفية التي يتم الحصول عليها والتوقيع عليها في الخفاء والظل" مضيفا أن "هذه النوعية من القروض لا أحد يعرف أية تفاصيل بشأنها، ما حجمها، ما مدتها الزمنية، أي آجالها، هل هي قروض قصيرة الأجل مدتها عام، أم متوسطة تمتد إلى ما بين 3 و5 سنوات، أم هي قروض طويلة الأجل مدتها 20 سنة وربما أكثر، لا أحد يعرف أيضا سعر الفائدة المستحق علي القروض الكتيمي، ما هو موعد سدادها، ما هي تكلفة التأخر في السداد، أي الجهات والمحاكم التي يتم اللجوء إليها في حال حدوث نزاع بين المقرض والمقترض؟".
وتساءل عبد السلام قائلا: "لماذا لم تكشف الحكومة المصرية، ممثلة في البنك المركزي ووزارة المالية، عن تفاصيل القرض الضخم الذي منحه بنك التصدير والاستيراد الأفريقي عقب الحصول عليه مباشرة، ولماذا يتم إخفاء هذا القرض تحديداً عن البرلمان والرأي العام المصري، علما بأن وزيري المالية والاستثمار لا يتركان مؤتمرا ولا فرصة يلتقيان فيها بصحافيين إلا ويعلنان عن الحصول على قرض جديد، وكأن الحصول على قروض من الخارج هو بمثابة شهادة ثقة للاقتصاد المصري وحكومة شريف إسماعيل".
وتابع الخبير الاقتصادي، أنه "من حق المواطن أن يعرف كل الحقائق المتعلقة بالدين العام، سواء الداخلي أو الخارجي، ومن حقه أن يعرف حجم القروض المستحقة على بلده لأنه هو الذي يدفعها من جيبه وجيب أولاده في النهاية".
وعن كيفية سداد مصر ما عليها من التزامات خارجية، وانعكاساها على حجم
الاحتياطي النقدي الذي تتفاخر الحكومة المصرية بوصوله إلى 36.143 مليار دولار في نهاية أغسطس/ آب الماضي مقابل 36.036 مليار في نهاية يوليو، قال الباحث الاقتصادي، أحمد المنياوي، لـ
"عربي21"، إن الحكومة المصرية تقترض لسداد عجز الموازنة وليس للاستثمار أو زيادة معدلات الإنتاج، وهو ما يدفعها للاقتراض مجددا من أجل سداد القروض.
واستبعد المنياوي أن تلجأ الحكومة إلى الاحتياطي النقدي لسداد التزاماتها الخارجية، قائلا: "إن مصر عليها التزامات مالية مستحقة ومطلوب سدادها قبل نهاية 2018 تبلغ قيمتها 8.1 مليار دولار، وهو ما يعني تراجع الاحتياطي النقدي إلى نحو 28 مليار دولار إذا قررت الحكومة السداد من قيمة الاحتياطي النقدي".
وتابع: "الحكومة ليس لديها مانع في الحصول على مزيد من القروض الجديدة، بأسعار فائدة مرتفعة، في سبيل الحفاظ على المستويات الوهمية للاحتياطي النقدي الحالية، وخداع المواطنين بوجود تحسن في مؤشرات الاقتصاد المصري".
وتوقع المنياوي أن تبلغ حجم ديون مصر منتصف العام القادم نحو 140 مليار دولار، في حين توقع البنك الدولي أن تصل ديون مصر بنهاية العام الجاري وبداية العام القادم نحو 104 مليارات دولار.