نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن
الفضائح الجنسية التي تلاحق منتج أفلام هوليوود، هارفي واينستين، وعن السبب الذي جعل العالم يصمت عن مثل هذه الانتهاكات الجنسية بحق المرأة في العالم المتقدم.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن أصابع الاتهام موجهة لواينستين، المعروف بسلوكه الشاذ والبذيء، بارتكاب اعتداءات جنسية بحق مشاهير الممثلين. وقد طرد مباشرة من شركة واينستين، عندما علم الجميع بأن لديه ميولات جنسية مضطربة تعرف بـ"الافتراس الجنسي".
وذكرت الصحيفة أن أكثر من 16 مسؤولا تنفيذيا، من بينهم من عمل سابقا في شركة واينستين أو ميراماكس أو يعمل الآن في إحداهما، قد أفادوا بأن سلوك هارفي كان معروفا لدى الجميع. في المقابل، عمل الممثلان المشهوران، مات دامون وراسل كرو، على إخفاء فضيحة هارفي سنة 2004، الأمر الذي أغضب الصحفية شارون واكسمان، التي ذهبت قصتها أدراج الرياح.
ورأت الصحيفة أن هذا الصمت الذكوري في الدفاع عن حقوق المرأة من الاستعباد الجنسي الذي يمارسه بعض الشواذ، قد ساهم في انتشار هذه الظاهرة. وتساءلت: هل من واجب الرجال التحرك وإدانة مثل هذه التصرفات، أم على
النساء التحرك والدفاع عن كرامتهن، أم على الضحية فضح الجاني؟
وأوضحت الصحيفة أنه من الأسباب التي تدفع المجرم لارتكاب مثل هذه الاعتداءات الجنسية؛ حجم النفوذ والسلطة التي يتمتع بها الجاني، والغطاء الثقافي الذي يمنحه المجتمع لمثل هذه الممارسات. وحيال هذا الشأن، قال الناشط الحقوقي جون سميث: "الرجل الذي يقوم بهذا الفعل؛ لا يقوم به إلا إذا كان يمتلك القوة والثروة التي تنجيه من العقاب، لهذا السبب، يختار الرجل عادة المرأة الأضعف والأقل ثروة منه".
ونقلت الصحيفة عن الكاتبة البريطانية لورا بيتس؛ قولها إنه "عندما تكشف المرأة عن تعرضها للاعتداء الجنسي، تكون النتائج كارثية، حيث تتعرض لمثل هذه الاعتداءات أكثر من ثلثي النساء في أماكن العمل، وتعجز ثمانية في المئة منهن عن كشف ما حصل لهن أو الحديث عنه، أما ثلاثة أرباع اللواتي كشفن ما حصل لهن، قلن إن شيئا لم يتغير، بينما أكدت 16 في المئة منهن أن الأمور ازدادت تعقيدا بعد كشف الاعتداء عليهن".
وقالت البروفيسورة ليز كيلي، مديرة وحدة دراسة العنف ضد الطفل والمرأة في جامعة ميتروبوليتان بلندن: "أشعر بعدم الارتياح عند سماع بعض العبارات مثل: لو تحدثت النساء عن هذا في وقت سابق لتمكنّ من وقف الانتهاك الجنسي بحقهن، ولكن لقد تحدثت النساء عن ذلك وجوبهن باستخدام الجاني لسلطته لكتم أصواتهن".
ونقلت الصحيفة عن بيتس قولها: "هناك طرق عدة للتعاطف مع الضحايا ودعمهن، وسيكون لهذا أهمية لدى النساء اللاتي اضطررن إلى الصمت عما يحدث لهن". كما اعتبرت أن الصمت السلبي أو ضحكات المشاهدين من بعض الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها المرأة في العمل من قبل زملائها ومرؤوسيها؛ قد يزيد من حالة الإحباط والقلق لديها أكثر من الاعتداء نفسه.
وذكرت الصحيفة أن المتابعين ليس عليهم كتابة تقارير عن واقعة الاعتداء الجنسي الذي تتعرض له النساء حتى يساهموا في الدفاع عنهن، ولكن يكفي تسجيل الحادثة أو التعبير عن الصدمة أو الحديث مع الضحية حول الإجراءات الواجب اتباعها؛ بدل الصمت أو الضحك.
وفي حين أن الفضائح الجنسية ما زال لها رنين قوي في آذان العامة، يبقى للجانب الثقافي تأثير على التشريعات التي تحمي المرأة. فرئيس الولايات المتحدة الحالي، دونالد ترامب، الذي اشتهر بفضيحته الجنسية وبسوء معاملته للمرأة، لم يمنعه هذا من الفوز في الانتخابات الرئاسية ودخول البيت الأبيض. وفي هذا دليل على طبيعة المجتمع الأمريكي.
وتعتقد الباحثة والمؤرخة، جوان بوركي، أن بشاعة الاعتداء الجنسي تجعل الضحية ترغب في نسيان ما حصل معها. فضلا عن ذلك، يمثل جسم المرأة مصدرا للمخاطر الاجتماعية والخزي الثقافي؛ الأمر الذي يمنع الشابة من الحديث عن العنف الجنسي الذي تتعرض له، خشية أن تصنف ضمن المختلات عقليا.
أما من وجهة نظر الرجل حول التصدي للعنف الجنسي الذي تواجهه المرأة، فتقول كيلي إن الرجال متواطئون نوعا ما في هذه الجريمة. فالبعض منهم ينظر إلى الأمر من زاوية الحسد، حيث يتمنى أن يكون هو مكان الجاني؛ الرجل القوي الذي نجا بفعلته، أو أنهم لا يريدون جذب الانتباه والاعتراض على مثل هذا الفعل الشنيع؛ لأن في ذلك تحد لرجولتهم.
وأكدت الصحيفة أن الاعتداء الجنسي يجب أن يتم التعامل معه كتسرب الغاز، فإذا كان هناك شائعات بوجود انتهاك في حق شخص ما؛ وجب التثبت من صحة الادعاءات واتخاذ الإجراءات اللازمة، وتوفير الحماية للضحية لأن التستر على الجريمة سيساهم في تفشيها.