نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن ضحايا
التطهير العرقي الذي ما فتئ يتعرض له مسلمو بورما على يد الميليشيات البوذية والجيش القومي البورمي. وفي الأثناء، وقع رصد بعض الروايات لشهود عيان عاشوا الرعب وكانوا ضحايا الحقد الطائفي في ظل صمت دولي رهيب.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن جنود
ميانمار مارسوا أشد أنواع القمع والتنكيل في حق المسلمين هناك. فقد عمدوا إلى ذبح الرجال والتعدي على النساء المسلمات واغتصابهن بشكل جماعي. وفي هذا الصدد، روت راجوما إحدى الناجيات من مجازر جيش ميانمار ما شاهدته بأم عينيها.
ونقلت الصحيفة على لسان راجوما، التي أحرقت قريتها بالكامل في ميانمار، أن الجنود مارسوا أبشع أعمال العنف وأشدها دموية. وأثناء، تدميرهم للقرية، توجه بعضهم لراجوما وصوبوا نحوها مسدساتهم وافتكوا منها طفلها الرضيع ورموه في النار، ليقوموا إثر ذلك بسحبها إلى إحدى المنازل ويغتصبوها بشكل وحشي.
وأضافت راجوما أنه "مع حلول الليل، كنت أركض بين الحقول عارية، في حين كانت الدماء تغطي جسدي. كنت وحيدة، فقد فقدت طفلي وأمي واثنين من أخواتي فضلا عن أخي الصغير. كلهم قضوا نحبهم أمام ناظري".
وقالت الصحيفة إن راجوما تعرضت لكل هذه المظالم فقط لأنها مسلمة، تنتمي إلى أكثر الأقليات العرقية اضطهادا على وجه الأرض. وتمضي راجوما اليوم أيامها في مخيمات اللاجئين في
بنغلاديش. وقد روت قصتها لفائدة صحفي نيويورك تايمز أثناء وجودهم في المخيمات.
وذكرت الصحيفة أن الآلاف من مسلمي بورما فروا على غرار راجوما من عمليات القتل الممنهج على يد البوذيين. وقد عملت المنظمات الحقوقية المرتكزة في مخيمات بنغلاديش على نقل إفادات الناجين وشهود عيان. وفي هذا الإطار، أكد جلهم أن الجنود التابعين للحكومة كانوا غالبا ما يمارسون عمليات تقتيل شنيعة، حيث يقومون بطعن الرضع وقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء. فضلا عن ذلك، عادة ما يرمون القنابل المتفجرة في المنازل، ويحرقون العائلات بشكل جماعي حتى الموت. أما الشباب العزل، فكانوا ينفذون في حقهم عمليات إعدام رميا بالرصاص.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشعب المسلم في بورما اليوم يدفع ثمن عمليات التقتيل المدفوعة بحقد طائفي تعود جذوره إلى ماض سحيق، في ظل صمت دولي مدقع من الجهات الفاعلة. وقد كشفت تحقيقات المنظمات الحقوقية أن الجيش البورمي قد قتل أكثر من 1000 مدني في إقليم أراكان. ومن المرجح أن عدد القتلى يتجاوز 5000 مسلم، نظرا لأن الحكومة البورمية لا تسمح للمراقبين التابعين للأمم المتحدة بدخول الأماكن التي تستعر فيها عمليات التقتيل.
ووفقا لما نقله أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان والمتابعين للشأن البورمي، فقد أتت القوات الحكومية على الأخضر واليابس من منازل وحقول ومخازن أغذية وأشجار، وجعلتها هشيما تذروه الرياح. وتسعى الحكومة من خلال ذلك إلى إغلاق الباب في وجه أي محاولة من قبل
الروهينغا للعودة إلى ديارهم.
وأكدت الصحيفة أن جذور هذا العدوان الطائفي يعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية. وفي هذا الصدد، أوضح عظيم إبراهيم، وهو أكاديمي اسكتلندي وباحث في وضع الأقلية المسلمة في بورما، أن الروهينغا قد وقفوا إلى جانب البريطانيين في حين ساند البوذيون المحتل الياباني. وقد أعقب ذلك العديد من المذابح في حق المدنيين.
وعقب فوز الحلفاء طمع الروهينغا في الحصول على استقلالهم أو إلحاقهم بشرق باكستان، أو بنغلاديش اليوم، حيث تقطن أغلبية مسلمة. ولكن بريطانيا، ولإرضاء الأغلبية البوذية في ميانمار، وافقت على ضم الأقلية المسلمة لدولة بورما، ليخضع المسلمون هناك طوال عقود لسيل من الاضطهاد والقتل.
وذكرت الصحيفة أن القرية التي عاشت فيها راجوما تجمع مجموعتين عرقيتين شديدتي الاختلاف، حيث تشمل البوذيين الأراكانيين والمسلمين الروهينغا. وفي الأثناء، تتبع كل فرقة دينا مختلفا وتتكلم لغة مختلفة وتتناول أطعمة مختلفة، في حين يشعر كل طرف تجاه الآخر بالريبة والخوف والحذر.
وفي الختام، أوردت الصحيفة تصريحات راجوما التي أكدت أن البوذيين كانوا يقطنون على بعد بضع دقائق من منزلها ولكنها لم تتحدث معهم ولو مرة واحدة طيلة حياتها. وأضافت راجوما، قائلة "إنهم يكرهوننا".