نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور، يقول فيه إنه قبل انتهاء
تنظيم الدولة وطرده من معقله القوي الرقة في سوريا بدأت الخلافات بين أعدائه.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه بعد شهرين على طرد تنظيم الدولة من أكبر معاقله
العراقية في مدينة الموصل، فإن القوات التي أخرجته منها لم تجد وقتا لتهنئة بعضها، بل إن القوات العراقية والبيشمركة بدأت مواجهة في مدينة
كركوك.
ويقول وينتور إن الموقف المتشدد من الحكومة العراقية وإيران في الأربع والعشرين ساعة الماضية ضد قرار
الأكراد العراقيين عقد
استفتاء، الذي عارضته الدول الغربية كلها، يهدد باندلاع حرب ستقوض وحدة العراق.
وتذهب الصحيفة إلى أن الكابوس نابع من قيام القوات التركية أو الإيرانية باحتلال أجزاء من كردستان العراق، ما يؤدي إلى حرب عصابات قبل أن يتحقق حلم سحق تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن هناك حديثا بين السنة المحرومين عن إنشاء منطقة حكم خاصة بهم، على خطى الأكراد.
ويورد التقرير نقلا عن السنّة، قولهم إنهم مع الأكراد يشكلون نسبة 40-45% من سكان العراق، وفي حالة انفصل الأكراد فإنهم سيتحولون إلى أقلية صغيرة في دولة شيعية، بشكل يجعلهم عرضة أكثر للعنف الطائفي، لافتا إلى أن هناك مخاوف من تأثير إيران على الحكومة في بغداد، حيث كان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، في بغداد خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وينقل الكاتب عن رئيس اللجنة البرلمانية عن كردستان جاك لوبرستي، قوله إن نتائج المواجهة في كركوك ستكون كارثية، ويضيف: "ستكون كارثة على العلاقات الكردية العربية، حيث تقوم المليشيات الوكيلة عن إيران باستخدام الأسلحة الأمريكية ضد حلفائنا المهمين في البيشمركة، وسيكون هناك تخل واضح عن المسؤولية من الجماعات المدعومة من إيران، التي ليست مهتمة بتسوية سلمية بين بغداد وأربيل، ويجب ألا يقف الغرب متفرجا على استغلال المليشيات الشيعية وإيران للخلافات في داخل العراق لتحقيق أهدافهم الأنانية".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الأطراف كلها أساءت تقدير الوضع، فمن الممكن أن البعض فسر الاستفتاء الكردي على أنه ورقة مقايضة وليس إعلانا للاستقلال، وبدلا من ذلك، دفع القوميون الأكراد القيادة لخدمة أهدافهم وأكثر مما قدرت."
ويجد التقرير أن "طلاقا وديا بين العراق وشماله لم يكن ليحدث، خاصة أن الاستفتاء شمل المناطق المتنازع عليها، والمواقف العاطفية المتعلقة بسيطرة الأكراد على النفط، بحيث يمنحهم موقعا استراتيجيا".
ويعلق وينتور قائلا إن "الأكراد ربما كانوا متفائلين من موقف تركيا، واعتقدوا أن المصالح النفطية والتجارية ستكون كافية لإقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإظهار نوع من المرونة، وربما أساءوا تقدير قوة وتأثير إيران والمليشيات التابعة لها في العراق".
وترى الصحيفة أن الدبلوماسية الغربية كانت قليلة ومتأخرة، مشيرة إلى أنه بعد الأداء المهين للجيش العراقي أمام مقاتلي تنظيم الدولة، قامت الولايات المتحدة في ظل إدارة باراك أوباما بضخ مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية؛ لدعم البيشمركة، التي أثبتت قيمتها في المعارك ضد تنظيم الدولة.
ويستدرك التقرير بأن القيادة الكردية تعجلت بعقد الاستفتاء الذي رأته القوى الغربية مزعزعا للاستقرار، ولم يجد الغربيون نفوذا لإقناع حاكم كردستان مسعود بارزاني بتأجيله، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، انتظر حتى 23 أيلول/ سبتمبر، أي قبل يومين من الاستفتاء، ليقدم للاكراد مخرجا، حيث قال لهم إن أمريكا ستتفهم الحاجة للاستفتاء لو لم يتحقق تقدم وحل للقضايا العالقة بين بغداد وأربيل.
وينوه الكاتب إلى قول الأكراد إنهم سمعوا وعودا كثيرة من قبل، دون تحديد موعد للاستفتاء، فإنه لا مجال للتأخير، حيث يرى الأكراد أن الشيعة في بغداد يريدون حكم الغالبية، والسيطرة على النفط.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن "الولايات المتحدة إن أرادت أن تمنع الحرب بين حليفيها، فإن عليها العمل على تقوية ما ورد في رسالة تيلرسون في 23 أيلول/ سبتمبر، أو تراقب التحالف الذي عملت على تشكيله بجهد وهو يتداعى".