هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شهد سوق العملات الإلكترونية تسارعا شديدا في ارتفاع سعرها، وقفز عدة قفزات خيالية منذ بداية هذا العام، حيث ارتفع سعر عملة "بيتكوين" من 836.85 دولارا إلى 7000 دولار تقريبا.
هذا الارتفاع دفع صغار المستثمرين إلى الاستثمار في هذه العملة على الرغم من وجود مخاوف وتساؤلات حيال هذا الارتفاع الجنوني، ومن يقف وراءه، وما هي أسبابه.
سبب الارتفاع الجنوني
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذا التسارع ازداد بعد طلب قراصنة الإنترنت فدية بهذه العملة إبان تنفيذهم هجوم "واناكراي" الإلكتروني، بينما يرى آخرون أن مؤسسات ودولا معينة يقفون خلف هذا الارتفاع الجنوني.
وفي هذا المجال، يربط الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل هذا التسارع بعدة عوامل، منها تكهنات أن الصين التي هددت بإيقاف التداول في الـ "بيتكوين" قبل أسابيع، قد تمنح تراخيص للتعامل بهذه العملة.
وتابع إسماعيل في حديث لـ "عربي21": "هناك أيضا شائعات تتحدث عن نية موقع أمازون البدء بقبول "بيتكوين" في تعاملاته مع زبائنه، وعندما تدخل شركات كبرى هذا المجال يتهافت الأشخاص على الالتحاق بالموجة".
وضرب الخبير الاقتصادي مثالا آخر، حيث أشار إلى أن شركة "مايكروسوفت" تقبل من زبائنها عملة "بيتكوين" مقابل تحميل الأفلام والموسيقى وألعاب الفيديو، لافتا إلى أن "التهافت والهوس" بهذه العملات يؤدي إلى ارتفاع سعرها.
بدوره، أرجع الخبير الاقتصادي محمد فارس هذا الارتفاع إلى مضاربات يقوم بها متداولون يستخدمون ما سماها "أموالا ساخنة لا تستقر في السوق".
وأوضح في حديثه لـ "عربي21": "تؤدي هذه المضاربات إلى تضخم غير طبيعي وغير صحي في سعر صرف العملات الإلكترونية عموما، ومنها "بيتكوين وبيتكوين كاش"".
من يقف خلف هذا الارتفاع؟
هذا الارتفاع، حفّز مخيلة المتابعين وبدؤوا ينسجون قصصا حول الجهة التي تقف خلفه، واعتبره البعض قرارا سياسيا لبعض الدول، لكن الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل ينفي أن تكون هناك أيد خفية من الناحية السياسية وراء هذا الارتفاع.
وأشار إسماعيل إلى أن بعض الشركات والأفراد يستفيدون من الترويج للعملة الرقمية المشفرة مثل شركات ما يسمى ""Blockchain أي البيانات المتسلسلة التي تتخصص في خلق تسهيلات وبنية تحتية للمعاملات الرقمية في البيتكوين.
وتابع: "فضلا عن أن شركة "بيتكوين" نفسها وصناديق العملات الرقمية وحتى بورصة كريبتو في سان فرانسيسكو أي بورصة العملات المشفرة، ومن له مصلحة أيضا ويستفيد من هذه العملات، يحاولون إقناع البنوك والشركات بالتعامل بها".
في المقابل، يرى الخبير محمد فارس أن استفادة المضاربين وكبار التجار من عمليات جني أرباح سريعة يعزز من ارتفاع قيمة هذه العملات، دون أن يستبعد أن تكون هناك صناديق سيادية وحكومات ومحافظ استثمار كبرى متورطة في هذه المضاربات ومستفيدة منها.
فقاعة العملات
يبقى السؤال، بغض النظر عمن يقف خلف هذا الارتفاع، هل ستستمر هذه الفقاعة بالاتساع؟ خاصة أن صغار المستثمرين صدموا كثيرا بحالات مشابهة في قطاعات اقتصادية مختلفة؟
يجيب الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل عن هذا التساؤل، بترجيح استمرارية هذا الارتفاع في ظل وجود متعاملين بها وزبائن يستخدمونها، مستدركا: "لكن ستظهر فضائح تتعلق بسرقات وعمليات احتيال مما قد يؤدي إلى إغلاقها".
ويذكر نهاد بأن هذه العملات لا تخضع لسلطات رقابية وقوانين ويكتنفها السرية التامة، منوها إلى "أنها ستبقى معرضة للنصب والاحتيال، ولا يوجد آليات للتعويض (..) أتوقع أن تزداد الفقاعة حجما قبل أن تنفجر".
أما الخبير الاقتصادي محمد فارس فيرى أنه في أي لحظة "أتوقع عملية تصحيح ستؤدي إلى انهيار كبير في أسعار بعض العملات الإلكترونية، وهذا ما سبق أن حذر منه الكثير من المصرفيين".
ويضيف: "الارتفاع الذي سجلته "بيتكوين" مثلا خلال الأشهر الماضية لم يكن منطقيا، ولا يمكن بحسب أساسيات السوق أن يستمر على حاله".
يُذكر أن رئيس بنك "جي بي مورغان" الاستشاري والاستثماري الأميركي "جيمس ديمون" حذر خلال حديثه في مؤتمر مالي بنيويورك في أيلول/سبتمبر الماضي من هذه العملات الإلكترونية، وقال: "إن التعامل في الـ "بيتكوين" يتنافى مع القواعد المصرفية المتعارف عليها وهي عملة افتراضية ولا مستقبل لها".