هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تبحث الحكومة التونسية عن خفض العجز في ميزانها التجاري، من بوابة تحديد الواردات من الخارج، عبر منع استيراد سلع وخدمات والسماح بأخرى.
القرار الذي صدر الشهر الماضي، سيضرب عصفورا آخر، يتمثل في تقليل تصدير النقد الأجنبي للخارج، ممثلا بقيمة السلع ممنوعة الاستيراد.
وتعاني تونس من ارتفاع عجز ميزان التجارة، وشح في النقد الأجنبي، مع تباطؤ نمو الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات الماضية، ومصادر النقد الأجنبي الأخرى، أهمها السياحة.
مدير عام التجارة الخارجية في وزارة التجارة التونسية، خالد بن عبد الله، رجح تراجع نسق حجم التوريد بحلول 2018، بعد دخول حزمة من الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة، الشهر الماضي حيز التنفيذ.
من أهم القرارات أيضا، دعوة البنك المركزي التونسي البنوك المحلية، إلى وقف إقراض الموردين لتمويل واردات حوالي 220 منتجا استهلاكيا معظمها كمالية.
ووصل عجز الميزان التجاري مع نهاية سبتمبر المنقضي بحسب المعهد الوطني للإحصاء إلى مستوى غير مسبوق عند 11.5 مليار دينار تساوي 4.6 مليارات دولار.
تقنين الواردات
أمام هذه الوضعية المتأزمة، تحركت الحكومة التونسية لخفض قيمة الواردات، وحماية احتياطي العملة الأجنبية الذي تراجع بشكل حاد، بسبب الهبوط الكبير للعملة المحلية مقارنة باليورو والدولار.
وبلغ احتياطي النقد الأجنبي في تونس 12.6 مليار دينار تساوي 5.3 مليارات دولار، يعادل 94 يوم توريد حسب معطيات البنك المركزي، حتى مطلع الشهر الجاري.
من بين السلع التي تعتبرها وزارة التجارة والبنك المركزي غير ضرورية، مواد غذائية مثل أنواع من الأسماك والأجبان والفواكه، إضافة إلى عطور وخمور وبعض الأجهزة الكهربائية مثل آلات التكييف.
خلل بالميزان التجاري
رأى خالد بن عبد الله، مدير عام التجارة الخارجية في وزارة التجارة التونسية أن الإطار العام لاتخاذ مثل هذا الإجراء، يأتي في إطار معالجة وضعية الميزان التجاري المختل.
وأوضح أن قرار تحديد الواردات، هو نقدي صرف، "اتخذه البنك المركزي وليس له تأثير على التزامات تونس الدولية بفرض حواجز جمركية أو الحد من نفاذ السوق الداخلية للصادرات المحلية".
وزاد: "القرار لن يكون له أي تأثير على التزامات تونس، في إطار المنظمة العالمية للتجارة أو اتفاقياتها الثنائية مع بقية الدول".
وطمأن المسؤول التونسي المصدرين، بأن هذا الإجراء "لن يكون له تأثير على صادراتهم ولا يتضمن خرقا للاتفاقيات التجارية الدولية لتونس".
وكانت أصوات داخل تونس، أشارت إلى أن قرار تحديد الواردات، يدخل ضمن الحمائية التي تحذر منها دول العالم، بتقليص حجم التجارة الواردة.
ومن المنتظر وفق اعتقاد "عبد الله" أن ينخفض نسق حجم التوريد من معدل 1.5 مليار دينار تساوي 600 مليون دولار شهريا، إلى 1.2 مليار دينار تساوي 480 مليون دولار في الفترة القادمة أي 1.440 مليار دولار سنويا.
وخلص إلى أن تونس قد تنهي العام الحالي بعجز تجاري في حدود 14 مليار دينار تساوي 5.8 مليارات دولار.
قرار غير مدروس
في المقابل، لم يتقبل الموردون التونسيون القرار الجديد واعتبروه غير مدروس ومتسرع، وسيكون له انعكاسات حتى على أداء قطاع التصدير.
موقف تبناه "فتحي بن جازية"، وهو مورد تونسي يعمل في مجال التوريد منذ 2002 وله شركة تشغل 75 موظفا وعاملا.
وأشار إلى أن السلطات التجارية التونسية لم تتشاور مع أهل المهنة، بحكم وجود علاقات توريد ممتدة من الجهات المصدرة.
واعتقد أن الإجراء سيكون له انعكاس مالي سلبي على العديد من شركات التوريد والتصدير، بما سيهدد مصير مئات الشركات وفقدان الوظائف.
إجراء متأخر
الخبير الاقتصادي معز الجودي، وصف قرار البنك المركزي التونسي بالمتأخر نسبيا، وجاء في فترة حساسة ومفصلية، يعاني فيها الاقتصاد المحلي من أزمة مالية.
كانت تونس أنهت 2016 بعجز تجاري في حدود 11.6 مليار دينار تساوي 4.8 مليارات دولار.
لكنه أكد أن القرار رغم تأخره إلا أنه صارم، "من أجل وقف نزيف التوريد العشوائي وغير المدروس.. هناك موردون ساهموا في إغراق السوق المحلية بمنتجات غير ضرورية".
ونبه إلى أن القرار قد يحمل انعكاسات سلبية على مستوى المصدرين التونسيين، وتابع: "لتونس التزاماتها الدولية بحكم أنها منخرطة في منظمة التجارة الدولية، ولديها اتفاقيات تجارية ثنائية مع عدد من الدول، ما قد يشكل خطرا على الصادرات".