هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في القاهرة إدموند باور، يقول فيه إنه بعد هجوم مسجد الروضة في شمال سيناء، الذي راح ضحيته أكثر من 300 شخص، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن رده على المتشددين، حيث قامت طائرات بضرب ما قالت إنها مواقع تابعة لهم شمال سيناء.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن النائب العام المصري قال إن ما بين 25- 30 متطرفا نصبوا كمينا للمصلين أمام باب المسجد والنوافذ، وأخذوا يطلقون النار عليهم، لافتا إلى انتشار الكثير من نظريات المؤامرة حول منفذ العملية وتوقيتها، حيث ربط الكثيرون بين الهجوم والدوافع السياسية للرئيس الذي يريد إثبات قدراته الأمنية.
ويقول الكاتب إن "تقارير صحافية مصرية ذكرت أن المنفذين كانوا يحملون رايات تنظيم الدولة، ولم يكن الهجوم الأسوأ في تاريخ مصر، لكنه الأول الذي ينفذ ضد مسجد، حيث استهدف الجهاديون قوات الجيش والشرطة المصرية ولسنوات عدة، ويبدو أن التبرير وراء استهداف مسجد الروضة بالتحديد لأن المترددين عليه هم من أتباع الصوفية، الذين يعدهم الجهاديون منحرفين عن الدين".
ويلفت باور إلى أن الكثيرين ممن التقاهم قرب جامع السيدة زينب يتداولون نظرية المؤامرة، وأصر أحدهم في مقهى قريب من المسجد، على أن هذا الهجوم "بسبب الانتخابات"، حيث من المتوقع أن يرشح السيسي نفسه للانتخابات التي ستعقد بداية العام المقبل، وأنه من أجل التمسك بالسلطة، فعندما رشح نفسه للانتخابات عام 2014 كانت الرسالة هي أن الجنرال السابق هو الشخص الوحيد القادر على توفير الأمن والاستقرار للبلد ومنعه من الانزلاق في الفوضى التي شهدتها ليبيا وسوريا.
وتنقل الصحيفة عن أحد زبائن المقهى، قوله: "لقد دعمته، لكنني لن أصوت له مرة أخرى، وأنا أتحدث نيابة عن كل شخص: لن يفوز"، حيث قاد السيسي البلاد وسط حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والهجمات الإرهابية، وتساءل زبون المقهى قائلا: "هل نعيش أفضل مما كنا عليه؟ .. راتبي هو ثلث ما كان عليه"،
ويذكر التقرير أن الملصقات عن الانتخابات المقبلة تنتشر في الشوارع، وتظهر صورة السيسي في الزي العسكري مع عبارة "ابنيها"، التي من المفترض أن تكون حركة شعبية، إلا أن بعض قادة المجتمع تلقوا عرائض من وزارة الداخلية لتوزيعها.
ويبين الكاتب أنه مع قرب الانتخابات فإنه يبدو أن الهجوم أثار أعصاب الحكومة، حيث وعد الرئيس بالرد الحاسم على المتطرفين، وأعلن ثلاثة أيام حداد على أرواح الضحايا، وأعلنت أجهزة الإعلام الحكومية عن تخصيص مساعدات لعائلات الضحايا قيمة كل منها 200 ألف جنيه مصري، وأعلن بعد ساعات من الهجوم عن غارات جوية.
وتستدرك الصحيفة بأن المزاج ظل هادئا في القاهرة، فشمال سيناء محظور على الصحافيين، ولهذا من الصعب التأكد من المعلومات، وتعود سكان القاهرة على قصص العنف من سيناء التي تبدو بعيدة، حيث يقول مهندس الاتصالات أحمد يوسف: "لا يستطيعون القدوم للقاهرة، فهي مزدحمة".
ويعلق الخبير في شؤون الجماعات الجهادية ومراسل شؤون أفريقيا للصحيفة جيسون بيرك، قائلا إن سيناء تعيش في ظل حكم الطوارئ منذ تشرين الأول/ أكتوبر عام 2014، عندما قتل المتشددون أكثر من 30 جنديا، وبعد أكثر من ثلاثة أعوام فشلت الدولة في قمع التمرد الذي يقوده فرع لتنظيم الدولة "ولاية سيناء"، الذي كان مسؤولا عن هجمات ضد كنائس، وأسقط طائرة روسية في شرم الشيخ عام 2015 وقتل ركابها 224 شخصا.
ويقول بيرك إن المتهم الرئيسي في هجوم بئر العبد هو "ولاية سيناء"، فالأخيرة استهدفت المسجد لكونه صوفيا، حيث تعد الصوفية لدى أتباع السلفية الممارسة في عدد من دول الخليج منحرفة، وتعد ولاية سيناء واحدة من الجماعات المحلية التي انتشرت واعتمد عليها تنظيم الدولة في ذروة صعوده للقيام بمهام أمنية، لافتا إلى أنه في الوقت الذي تمت فيه هزيمة فروع التنظيم في الجزائر وليبيا، إلا أنه نظم جماعة قوية في مصر رغم المحاولات المتكررة للحكومة المصرية ضده.
ويتحدث بيرك عن العمليات التي قام بها الجهاديون ضد المدنيين، خلافا لتنظيم القاعدة الذي يستهدف عناصر الجيش والشرطة والمسؤولين، لكن ليس الناس العاديين، وينقل عن الخبير في شؤون الإرهاب دافيد غارتنسين- روس، قوله: "تنظيم القاعدة ليس معتدلا أكثر من تنظيم الدولة، لكنه براغماتي".
ويرى أن التمرد في سيناء مرتبط بآثار الربيع العربي وسقوط نظام حسني مبارك، الذي ترك فراغا أمنيا، والإفراج عن آلاف الإسلاميين، ونهاية حكم معمر القذافي، بشكل سمح بتدفق الأسلحة.
ويذهب بيرك إلى أن هناك شعورا بالتهميش بين سكان سيناء البدو، والأهم من هذا كله هو الاستراتيجية غير المتقنة في مكافحة التمرد التي زادت منه بدلا من القضاء عليه.