هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. فقد أقدم ترامب، الأربعاء، على اتخاذ هذه الخطوة متجاهلا كل التحذيرات من مغبة هذا القرار، الذي من شأنه أن يفجر الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب قد تجرأ على اتخاذ قرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وذلك على الرغم من كل التحذيرات من تداعيات هذا القرار الخطير، الذي من شأنه أن ينسف كل جهود المفاوضات من أجل تحقيق السلام. من جهة أخرى، قد يؤدي هذا القرار إلى اندلاع أعمال عنف في منطقة الشرق الأوسط.
وأكدت الصحيفة أن ترامب يعد أول رئيس أمريكي بادر بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل مقر السفارة الأمريكية إلى القدس. والجدير بالذكر أن الكونغرس الأمريكي اتخذ منذ منتصف التسعينات قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس مع إمكانية تأجيل تنفيذ هذه الخطوة كل ست أشهر. على هذا الأساس، لم يجرؤ أي رئيس أمريكي على نقل مقر السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس خشية نسف مفاوضات السلام.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي أقدم على مثل هذا القرار، الذي لطالما تردد أسلافه من الرؤساء الأمريكيين في اتخاذه. وحيال هذا الشأن، أورد المستشار السابق لدى وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية، آرون ديفيد ميلر أن "ترامب أراد من خلال اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل تنفيذ أحد وعوده الانتخابية وإشباع غروره". علاوة على ذلك، كان الرئيس الأمريكي يسعى إلى إرضاء الأطراف المؤيدة لإسرائيل في حزبه الجمهوري، فضلا عن العديد من الشركات التي دعمته خلال حملته الانتخابية.
وأضافت الصحيفة أن بعض الأطراف المسيحية المؤيدة لإسرائيل تمارس منذ سنوات جملة من الضغوط للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وخلال حملته الانتخابية، وعد ترامب هذه الأطراف بتعزيز العلاقات الأمريكية مع إسرائيل وتكثيف الضغط على الفلسطينيين.
وأوردت الصحيفة أن عدم كفاءة ترامب وإدارته، لعبت دورا في اتخاذ هذا القرار الصادم، خاصة بعد أن كلف ترامب صهره، جاريد كوشنر، بقيادة مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد فاجأ هذا القرار العديد من المراقبين نظرا لأن كوشنر يفتقر للخبرة الكافية فيما يتعلق بمسائل السياسة الخارجية. وطيلة المفاوضات، برهن صهر الرئيس الأمريكي على عدم جدارته فيما يتعلق بتولي مسؤولية الوساطة في صلب قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأفادت الصحيفة أن كوشنر قد انحاز طيلة المفاوضات إلى صف إسرائيل. ووفقا لتقارير إعلامية، حاول كوشنر خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، إجبار الرئيس الفلسطيني على وقف المساعدات المالية الممنوحة لعائلات الأسرى والشهداء. آنذاك، رفض عباس هذا الطلب بشكل قاطع.
وبينت الصحيفة أن العديد من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط يعتقدون أن ترامب أقدم على اتخاذ قرار متهور. وفي هذا السياق، أفاد أستاذ العلوم السياسية لدى معهد بروكينغز في واشنطن، شبلي تلحمي أن "الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قد يؤدي إلى اندلاع موجة من الحركات الاحتجاجية في العالم الإسلامي".
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سيضطر إلى إلغاء مفاوضات السلام بعد أن تبين أن ترامب يقف في صف الحكومة الإسرائيلية. وفي هذا السياق، صرح تلحمي أن "قرار ترامب القاضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس لا يستند إلى دوافع منطقية. وعلى الرغم من أن عملية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس قد تستغرق سنوات، إلا أن تداعيات قرار ترامب الخطير ستتواتر بشكل مسبق".
وأقرت الصحيفة بأن العديد من المنظمات الفلسطينية دعت منذ يوم الثلاثاء الماضي إلى "يوم غضب" تنديدا بالقرار الأمريكي. من جهتها، دعت وزارة الخارجية الأمريكية موظفيها في الشرق الأوسط إلى عدم السفر إلى القدس والضفة الغربية. وفي هذا الصدد، أورد رئيس مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية، ريتشارد هاس أن "قرار منع الموظفين الأمريكيين في منطقة الشرق الأوسط من السفر إلى القدس والضفة الغربية يعزى إلى احتمال اندلاع أعمال عنف في هذه المناطق".
وفي الختام، شددت الصحيفة على أن ترامب قد نسف بقراره الأخير كل الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي الأثناء، من الواضح أن ترامب قد وفى بأحد وعوده الانتخابية.