هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، الأمر الذي طرح تساؤلات حول إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة. ومن الأسئلة الأخرى التي طفت على السطح، نذكر المواضيع التي تتمحور حول حجم الموارد التي يملكها الفلسطينيون لمجابهة الوضع.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، شأنه شأن الطقس، لا يحتاج لمعاينة ميدانية لتحديد قوة الرياح واتجاهها. ونظرا لوجود هذا الصراع منذ عقود في منطقة الشرق الأوسط، يمكن الإقرار بأن الفلسطينيين غير قادرين على قيادة انتفاضة على نطاق واسع على خلفية زعزعة مشروع استقلال بلادهم.
وأضافت الصحيفة أن الكثير من الحرائق قد اندلعت يوم الخميس كالمعتاد في الأماكن التقليدية التي يعبر فيها الفلسطينيون عن غضبهم؛ على غرار حواجز رام الله، وباب دمشق في القدس. علاوة على ذلك، وعد الكثيرون بأن تكون صلاة الجمعة في المساجد بأعداد غفيرة. لكن، هل يمكن لهذه التحركات أن تغير مسار تاريخهم؟ وهل يمكن أن تجبر البيت الأبيض على إعادة النظر في قراره الأخير؟ في ظل الوضع الراهن، تبدو هذه الفرضية مستبعدة للغاية.
اقرأ أيضا: شيخ الأزهر يدعو لانتفاضة جديدة من أجل القدس
وذكرت الصحيفة أن الفلسطينيين قبلوا باختلال التوازن في ميزان القوى بينهم وبين الإسرائيليين، خاصة بعد أن أصيبوا بأزمة نفسية على خلفية فشل الانتفاضة الثانية. فضلا عن ذلك، اعترف أحد المسؤولين الفلسطينيين بهذا الجانب، وأقر بأن "الإسرائيليين يملكون كل الوسائل بين أيديهم؛ بينما لا يملك الفلسطينيون أي شيء".
وأوضحت الصحيفة أن قرار الرئيس الأمريكي، الذي أكد سيادة إسرائيل على القدس، حدث سبقته العديد من المراحل. ففي بداية الأمر، أعلن الإسرائيليون القدس الغربية عاصمة لهم سنة 1949. وفي وقت لاحق، وتحديدا بعد حرب الأيام الستة، أعلن الإسرائيليون أن القدس بأكملها عاصمة لهم، ودعموا قرارهم بقانون أساسي سنة 1980.
إلى جانب ذلك، دعم الإسرائيليون مخططهم، الذي يهدف إلى الإعلان رسميا عن القدس عاصمة لهم، بمشروع حضري تمكن في الوقت الراهن من بناء "حزام يهودي" حول مدينة القدس. وعموما، تعد بسغات زئيف وراموت في الشمال، ومعاليه أدومين في الشرق، وهار غيلو وهار حوماه في الجنوب؛ المستوطنات المكتظة بالإسرائيليين المنتمين إلى الطبقة الوسطى، التي تمثل حاجزا بين فلسطينيي الضفة الغربية والقدس.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال كانت للقدس رمزية تاريخية وروحية، باعتبارها الداعم للهوية الجماعية؛ فيمكن القول إن الفلسطينيين قد فقدوا معركة "الكتلة الحرجة" أي معركة التغيير. ويفسر ذلك بأن عدد الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية، لا يتجاوز 300 ألف ساكن. علاوة على ذلك، يفوق عدد اليهود في الجزء الشرقي للقدس، المحتل من قبل إسرائيل منذ سنة 1967 وفقا للقانون الدولي، عدد السكان العرب في هذه المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن الحكومات الإسرائيلية ساهمت على مدار السنوات الخمسين الماضية، وبشكل نشط، في إنجاح سياسة "الحقائق على أرض الواقع". وإلى حد الآن، رفض المجتمع الدولي، وبإجماع، الإقرار بسياسة الأمر الواقع الإسرائيلية من خلال رفض الاعتراف بالقدس عاصمة لها. وإلى حد الآن، يعد قرار المجتمع الدولي أخلاقيا وقانونيا، لكنه لا يخلو من النفاق.
في واقع الأمر، تؤدي جميع الوفود الرسمية زياراتها إلى القدس دون تردد، بما في ذلك الفرنسية. كما يتمركز المراسلون الدوليون في القدس. ومن المفارقات أن جميع أنواع الاتفاقات، الاقتصادية والعلمية والأمنية، التي تعزز الروابط بين إسرائيل وحلفائها، يتم توقيعها في القدس.
اقرأ أيضا: ثلاثون عاما على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (شاهد)
وفي الختام، قالت الصحيفة إن "دونالد ترامب وضع نهاية للحقيقة القائلة بأن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيمر عبر تقسيم القدس والضفة الغربية. وسواء من منظور براغماتي أو من منطلق السخرية، ستصدر جميع الأطراف أحكامها بما يتماشى مع الموقف الإسرائيلي ومصالحه".