أثار خبر احتفاء حكومة السيسي بارتفاع تحويلات
المصريين العاملين في الخارج إلى أعلى مستوى في تاريخها خلال الاثني عشر شهرا التي تلت قرار تحرير سعر الصرف (من تشرين ثاني/نوفمبر 2016 إلى تشرين ثاني/ نوفمبر 2017)، مخاوف المصريين من إعادة طرح فكرة فرض ضرائب على تحويلاتهم.
وبلغت تحويلات المصريين 2. 24 مليار دولار، بزيادة قدرها نحو 20% عن الفترة المماثلة من العام السابق، البالغة 2. 20 مليار دولار، وبنحو 43 % عن العام (2015-2016)، التي بلغت فيه نحو 17 مليار دولار فقط.
تجارب مريرة مع الحكومة
وللمصريين تجارب مريرة مع حكومة السيسي سواء في فرض رسوم وضرائب جديدة، أو زيادة الموجودة بالفعل، ففي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي رفعت رسوم التقدم للامتحانات بالنسبة للطلاب المصريين بالخارج ، ودفعها بالدولار بدلا من العملة المحلية، وتراوحت المصروفات ما بين 100 و150 دولار، بدلا من بضعة جنيهات.
وفي آب/ أغسطس 2016، كما قام برلمان السيسي بزيادة الرسوم على المصريين الراغبين في العمل خارج البلاد، ليكون 200 جنيه لحملة المؤهلات العليا، و100 جنيه لغيرهم بدلا من 60 جنيهًا سنويًا.
وفي تموز/ يوليو 2016 دعا رئيس بنك القاهرة، منير الزاهد، إلى فرض ضريبة دخل إضافية تصل نسبتها إلى 30% على المصريين العاملين في الخارج، إضافة إلى إجبارهم على تحويل نصف مرتباتهم بالعملة الصعبة إلى مصر.
وفي آذار/ مارس 2014، أثار خبر بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية الجدل بشأن مقترحات بفرض ضريبة على المصريين العاملين بالخارج، والذي رفضته الجاليات المصرية والمراكز الحقوقية، كالمركز المصري للحقوق
الاقتصادية والاجتماعية.
في هذا السياق؛ قال المستشار السياسي والاقتصادي الدولي حسام الشاذلي، لـ"عربي21": "في حقيقة الأمر إن زيادة التحويلات لم تأت نتيجة لزيادة الثقة في السياسيات الحكومية كما يشاع، ولكنها نتيجة طبيعية لأمرين رئيسين، الأول هو استقرار سعر الصرف الكارثي للدولار عند 17.80 جنيها؛ ما دفع الكثيرين إلى الاستفادة من السعر الجنوني في شراء العقارات والأراضي وغيرها".
استقرار يسبق الانهيار
وتابع: "الأمر الثاني يتعلق بإلغاء الحد الأقصى للتحويلات البنكية من داخل مصر والذي كان محددا عند 100 ألف دولار شهريا كأحد شروط قرض صندوق النقد الدولي ما جعل الكثير من المصريين يطمئن لإمكانية إخراج أمواله التي يستثمرها في مصر في أي وقت".
ولم يستبعد الشاذلي فرض ضرائب على التحويلات قائلا: "بالنظر للسياسة العامة المتخبطة للحكومة والتي تتعامل مع المعطيات قصيرة الأمد؛ فإنه من المؤكد أن النظام الحاكم سيسعي لفرض ضرائب على تحويلات المصريين بالخارج لتحقيق أكبر مكسب من الحالة الآنية المؤقتة والتي أزعم أنها ستنتهي مع ارتفاع وتيرة الاضطرابات السياسية".
وبشأن مسار تلك التحويلات، قال إن "المصريين سيلجأون في نهاية الأمر إلى تحويل أموالهم للخارج، أو تجميد مدخراتهم في عقارات وودائع ، مما سيقلل من إمكانية توظيف هذه الأموال بأي صورة من الصور لإنعاش السوق، أو زيادة حجم الاستثمار".
الظروف غير مهيئة
بدوره، استبعد الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، إمكانية فرض ضرائب أو رسوم على تحويلات المصريين بالخارج "الدولة ليست مضطرة لاتخاذ مثل هذه الخطوة الآن؛ بسبب زيادة التحويلات، وتوفر العملة الصعبة".
وحذر من أي "إجراء أو تفكير في فرض رسوم أو ضرائب أو دمغات أو ما شابه سيثير الرعب لدى المصريين، وسيقلل من التحويلات عبر البنوك، وتعتمد على طرق أخرى لتجنب أي رسوم، كما وأن الثقة التي اكتسبها على مدى شهور والتي أدت لزيادة التحويلات ستهتز وتنهار".
وبشأن تاريخ تلك الدعوة، أوضح "أنها أثيرت من سنتين من قبل بعض المسؤولين عندما كانت هناك أزمة كبيرة في توفير الدولار، كما أن هناك شاهد آخر، وهو طلب صندوق النقد الدولي اتخاذ إجراء بشأن تحويلات الأجانب الذين يستثمرون في أذون الخزانة، وقرر البنك المركزي على إثره، منذ نحو أسبوعين، بفرض رسوم 1% على تدفقات الأجانب في الأوراق المالية".
نهم نظام السيسي
فيما عزا الناشط العمالي بالخارج، سيد حماد، زيادة تحويلات المصريين لعدة أساب قائلا: "لو سلمنا أن الأرقام التي أوردها البنك المركزي صحيحة، فإن تلك الزيادة تجب أن توضع في مكانها ومفهومها الصحيحين؛ وهي أنها جاءت نتيجة انخفاض شديد للجنيه، وزيادة الهجرة خارج مصر بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية والمضطربة؛ وبالتالي زادت الأموال التحويلات".
وتوقع أن يغامر نظام السيسي، "بفرض رسوم أو ضرائب على المصريين بالخارج وتحويلاتهم للاستفادة من الوفرة الموجودة؛ لأنها ليست المرة الأولى التي يفرض فيها كهذه رسوم على المصريين بالخارج، دون رد فعل يوقفه".