هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، تقول فيه إن السلطات في المملكة العربية السعودية تواجه تحديات في مواجهة التطرف.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السلطات السعودية جاءت بفكرة تنافس للمدارس الحكومية، يقوم من خلالها التلاميذ بالتقاط صور أو تصوير فيديو، التي تظهر أن "المملكة في خدمة الإسلام" والقوات الأمنية "تقوم بقتال المتشددين الإسلاميين".
وتستدرك الصحيفة بأنه تم تعليق المبادرة، ومستقبلها غير معروف، بعد اتهامات بأن الإسلاميين قاموا باختطاف المشروع، حيث تم فصل أول مدير للبرنامج في تشرين الأول/ أكتوبر، بعد تقارير إعلامية تحدثت عن تعاطف العاملين في المبادرة مع الإخوان المسلمين، وهي الحركة التي تصنفها السعودية بالإرهابية، لافتة إلى أن المديرة الجديدة للبرنامج لم تقض إلا 72 ساعة عندما تم فصلها للأسباب ذاتها.
ويجد التقرير أن تجربة الحكومة مع البرنامج المعروف باسم "فطن" يكشف عن التحديات التي تواجه مشكلة إصلاح التعليم المحافظ، مشيرا إلى أن نجاح البرنامج مهم لقدرة الرياض على تحقيق تعهدات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتحويل البلد، الذي عادة ما وصف بمجتمع يصدر التطرف إلى مجتمع متسامح.
وتقول الصحيفة إن "نظام التعليم عادة ما انتقد بسبب المقررات الدراسية التي تدعو إلى كراهية غير المسلمين، وخلق تربة خصبة للتطرف، فيما بدأت عملية مراقبة وتدقيق النظام التعليمي وتأثير الوهابية عليه بعد أن كان 15 من بين 19 من المشاركين في هجمات 11/ 9 من السعوديين، ويؤكد المسؤولون السعوديون أن هناك جهودا كبيرة بذلت لتحديث التعليم وإعادة النظر فيه، وتعديل المقررات الدراسية، وحذف المقاطع التي تدعو للتعصب".
ويلفت التقرير إلى أن تقارير نشرت مؤخرا عن معاهد بحث ومنظمات حقوق الإنسان، تشير إلى أن المواد التعليمية الدينية لا تزال تحتوي على عناصر فيها إشكاليات.
وتورد الصحيفة أنه بحسب مراجعة قامت بها منظمة "هيومان رايتس ووتش"، فإن كتابا للصف الخامس مثلا يحتوي على فقرة تصف المسيحيين واليهود بالوثنيين، وورد في كتاب آخر أن "من يبنون القبور للأنبياء والصالحين في المساجد هم آثمون"، في إشارة للصوفيين والشيعة.
وينقل التقرير عن المديرة التنفيذية لـ"هيومان رايتس ووتش" سارة واتسون، قولها: "تعد سياسات الحكومة غير المتسامحة والتمييزية هي مصنع محلي للتطرف"، وأضافت أن "السعودية لا تحتاج إلى إصلاح نظام التعليم فقط لإنهاء الكراهية الدينية المفتوحة، التي تشجع عليها المقررات الدراسية والمدرسين على حد سواء، لكنها بحاجة لتنهي التمييز المستشري ضد سكانها الشيعة والعمال المسيحيين الأجانب أيضا".
وتقول الصحيفة إن المسؤولين السعوديين رفضوا التعليق على تقريرها الصحافي.
وينوه التقرير إلى أن وزير التعليم أحمد العيسى أعلن العام الماضي عن خطط الحكومة وقف طبع المقررات التعليمية في عام 2020، كجزء من جهودها إصلاح النظام، وسيتم بدلا من هذا توفير "تابليت" ومقرر تعليمي رقمي تفاعلي، يتم تعديله في الوقت الحقيقي، وستكون هذه عرضة للتدقيق وحذف أو تحرير أي مادة تعد غير مناسبة بسهولة.
وتستدرك الصحيفة بأن الخبراء يرون أن المشكلة ليست المقرر بحد ذاته، لكن التأكد من اتباع المدرسين المقرر، ومن أنهم لا يقدمون مواقف أصولية من أنفسهم، لافتة إلى أن الوزارة قالت إنها قامت بإجراءات ضبط ضد عدد من المدرسين الذين عبروا عن مواقف متطرفة في داخل قاعات الدرس.
وينقل التقرير عن أستاذة التربية في جامعة الملك سعود فوزية البكر، قولها إن تقدما تحقق في إصلاح النظام التعليمي، خاصة في المدن الكبرى، مستدركة بأن القلق يكمن فيما إذا كانت البلدات الصغيرة والريفية تتلقى المستوى ذاته من العناية في بلد نسبة 70% من سكانه هم من تحت سن الثلاثين.
وتضيف البروفيسورة البكر: "يتغير المجتمع بطرق مختلفة، خاصة في المدن الكبرى، والمشكلة هي مع الحكومة وسياساتها؛ لأنها رجعية، وبدأت الحكومة بالتحرك إلى الأمام بعدة طرق".
وبحسب الصحيفة، فإن البكر لا تزال تشعر بالقلق حول المقررات الإضافية والنشاطات بعد الدوام الدراسي، التي عاد ما ينظمها ويشرف عليها أساتذة من جماعات إرشاد دينية، وتقول: "الآن هناك الكثير من القيود (على النشاطات داخل المدارس)، ولا يمكن لأحد الدخول للمدرسة دون إذن، لكن هل يفعلون ما يكفي في الجنوب؟"، في إشارة إلى المناطق التي جاء منها عدد من المشاركين في هجمات 11/ 9.
ويفيد التقرير بأنه سيتم تحويل الإشراف على برنامج "فطن" إلى "مركز التفكير الأمني"، الذي أعلنت عنه وزارة التعليم الشهر الماضي، منوها إلى أن مسؤول البرنامج الجديد سعد المشوح، أخبر وكالة الأنباء الرسمية أن الوزارة تقوم بإعادة النظر في المبادرة قبل أن تعيد إطلاقها من جديد في فصل الربيع.
وتقول البكر للصحيفة إن تعليق البرنامج بسرعة بعد ربط المشرفة عليه بالإخوان المسلمين هي إشارة إلى التقدم، مستدركة بأن الكثير يشكون في فاعلية برامج كهذه.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول مستشار تعليمي في المنطقة الشرقية إنه "لا يمكن حل مشكلة التطرف من خلال برنامج (فطن) أو برامج أخرى.. هذه برامج براقة تدعمها الوزارة بصفتها إنجازات، لكن تأثيرها ضعيف".