هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن الثقوب السوداء. وإلى حد الآن، لم يتمكن أحد من رؤية هذه الثقوب نظرا لشدة ظلمتها، فضلا عن أنها محاطة بحقل جاذبية يجمع حوله الغبار الكوني، الذي يحجب الثقوب تماما. لكن، يبدو أن رؤية الثقوب السوداء ستصبح أمرا ممكنا بفضل تلسكوب "أفق الحدث".
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنه لم يتمكن أحد من رؤية الثقوب السوداء نظرا لأن جاذبيتها مرتفعة جدا إلى درجة أنها قادرة على جذب الموجات الكهرومغناطيسية على غرار الضوء أو الأشعة السينية. ولعل أكثر ما يميز هذه الثقوب ظلمتها، التي تفوق ظلمة الكون.
وأكدت الصحيفة أن الثقوب السوداء محاطة بأفق الحدث. في الأثناء، سيعمد تلسكوب يحمل اسم "أفق الحدث" إلى التقاط أول صورة لثقب أسود. في سنة 1916، أوضح عالم الفلك الألماني، كارل شفارتزشيلد أن الثقوب السوداء موجودة بعد أن تمكن من احتساب نصف قطر الأجرام السماوية، وذلك بالاستناد إلى نظرية النسبية لألبرت أينشتاين، ليظهر ما يعرف "بنصف قطر شفارتزشيلد".
وأشارت الصحيفة إلى أن الشمس قد تتحول إلى ثقب أسود في حال تقلصت إلى كرة نصف قطرها لا يتجاوز 3 كيلومترات، ومن ثم يختفي هذا الثقب وراء أفق الحدث. في الأثناء، يختفي كل جسم أو ضوء بشكل نهائي في حال سقط داخل الثقب.
وأضافت الصحيفة أن الثقوب السوداء تنقسم إلى نوعين. يتمثل النوع الأول في الثقوب السوداء النجمية، التي تشكل المحطة الأخيرة في حياة نجم ضخم. وعند نهاية عمر النجم، ينهار على نفسه في شكل مستعر فوق عظيم. ويعد هذا الانهيار أمرا حتميا، حيث لا يمكن لأي قوة في الكون أن تحول دون ذلك. أما بقايا هذا النجم، فتتجاوز نصف قطر شفارتزشيلد لتختفي وراء أفق الحدث. في السابق، تمكن بعض علماء الفلك من رصد عشرات الثقوب النجمية في درب التبانة. ففي سنة 1970، تم رصد نجم الدجاجة إكس 1 في كوكبة الدجاجة على بعد حوالي 6 آلاف سنة ضوئية من مجرتنا.
وأفادت الصحيفة أن النوع الثاني من الثقوب يتمثل في الثقوب العملاقة. وتعادل كتلة هذه الثقوب حجم الشمس بملايين أو مليارات المرات، علما وأنها توجد في مختلف المجرات. أما فيما يتعلق بنشأتها، فتتشكل هذه الثقوب عن طريق اندماج مجموعة من النجوم أو الكتل الغازية الضخمة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر لا ينطبق في جميع الحالات، إلا أن الأمر المؤكد أن مجرتنا تحتوي على ثقب أسود عملاق محاط بحقل جاذبية عالية. ويتميز هذا الثقب العملاق بكتلته الكبيرة، في حين يبلغ نصف قطره 12 مليون كيلومتر.
وأضافت الصحيفة أن مجموعتنا الشمسية تدور حول ثقب أسود عملاق على مسافة تصل إلى حوالي 26 ألف سنة ضوئية. لهذا السبب، لا يمكن رصد الأفق الحدث التابع لهذا الثقب انطلاقا من كوكب الأرض نظرا لصغر حجمه، الذي يضاهي حجم كرة تنس الطاولة.
وتابعت الصحيفة أن مجرة درب التبانة تحتوي على كومة من الضباب والغبار تحجب رؤية الثقب الأسود العملاق. في المقابل، تعتبر مهمة اختراق الضباب الكوني ممكنة عن طريق الموجات الكهرومغناطيسية ذات الأطوال الموجية الطويلة، التي يمكن رصدها عن طريق أجهزة التلسكوب.
وأوردت الصحيفة أن أجهزة تلسكوب راديوي منتشرة في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن المكسيك والتشيلي والقطب الجنوبي، رصدت في شهر نيسان/أبريل الماضي الموجات الصادرة من الثقب الأسود العملاق. وانطلاقا من هذه التلسكوبات الصغيرة، تشكل ما يسمى "بتلسكوب أفق الحدث"، الذي يتسم بسطحه التجميعي الكبير.
وبينت الصحيفة أن الصورة، التي التقطها هذا التلسكوب العملاق، تداخلت مع بقية البيانات الصادرة من بقية التلسكوبات الراديوي. من هذا المنطلق، تم تجميع هذه المعطيات في أقراص صلبة ليتم إرسالها إلى معهد ماكس لعلم الفلك اللاسلكي في بون ومرصد هيستاك في بوسطن لمعالجة صورة الثقب الأسود.
وذكرت الصحيفة أنه وفقا للنظرية النسبية لألبرت أينشتاين، يمكن وصف الجاذبية القوية، التي يتسم بها الثقب الأسود عن طريق انحناء الزمكان. من جهتها، اتبعت موجات الراديو الملتقطة من محيط الثقب الأسود العملاق هذا الانحناء الزمكاني.
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أنه ولئن لم نتمكن من مشاهدة ما في داخل الثقب الأسود، إلا أننا سنكون قادرين على رؤية ما يوجد خلفه بفضل الانحناء الزمكاني. بعبارة أخرى، ستمكننا الصورة، التي التقطها تلسكوب "أفق الحدث"، من رؤية الثقب الأسود وفقا لما أكده أينشتاين في نظريته النسبية.