رغم اقتراح المجلس القومي للإعاقة بمصر نصوص قانون جديد للإعاقة منذ سنوات، فقد تأخر إقرار المطلب حتى صدر القانون الجديد الشهر الماضي، بما يثير ارتباط ذلك بموعد الإنتخابات الرئاسية الشهر الحالي، لإرضاء شريحة
المعاقين التى ورد بالتعداد الأخير للسكان أن عددها أكثر من عشرة ملايين شخص؛ لمن تزيد أعمارهم منهم عن خمس سنوات.
ومن يقرأ نصوص القانون الجديد يشعر أنه في إحدى الدول الغربية المتقدمة، من حيث الإغداق على المعاقين بنحو 16 نوعا من الحقوق السياسية والصحية والتعليمية والتشغيلية والقضائية والإعلامية، وغيرها، وهى أمور لا يتوافر معظمها أساسا لغير المعاقين.
فقد نص القانون في المادة الرابعة منه؛ على حقهم في التعبير بحرية عن آرائهم، وتمكينهم من المشاركة في تسيير الشؤون العامة، ومشاركتهم في صياغة السياسات والبرامج، بمن فيهم الأطفال المعاقين، وتوفير أعلى مستوى ممكن من المقومات الأساسية لاحترام الكرامة الإنسانية لهم، من مأكل ومشرب ومسكن ورعاية صحية واجتماعية ونفسية وغيرها، وتوفير البيئة الآمنة للمعاقين، وعدم تعريضهم للاستغلال الاقتصادى أو السياسي أو التجاري، أوالعنف أو الاعتداء أو التعذيب أو الإيذاء، أوالإهمال أو التقصير، أو المعاملة المهينة أوالتأثير على أي حق من حقوقهم.
ولعل نظرة سريعة إلى واقع المجتمع حاليا تبين غياب غالبية تلك الحقوق، رغم النص عليها في الدستور
المصري لعموم المصريين، فكيف يتم توفيرها للمعاقين؟
بل لقد نصت المادة 37 من قانون المعاقين على إخطار المجلس القومي للإعاقة فور القبض على أي شخص معاق، مع قيام الجهات المختصة والمجلس القومي للإعاقة بتوفير المساعدة الصحية والاجتماعية والمساعدة الفنية والقانونية له، وكذلك توفير أماكن خاصة منفصلة للمعاقين في أماكن الاحتجاز والسجون والمؤسسات العقابية الأخرى.
8 ملايين جنيه لعشرة ملايين معاق
وحتى يمكن أن نتخيل إمكانية تحقيق تلك النصوص، نتساءل: كم خصص النظام المصرى للمعاقين بموازنة العام المالي الحالي الذي ينتهى آخر شهر حزيران/ يونيو القادم؟ لقد خصص أقل من 8 مليون جنيه، بينما يذكر تعداد السكان أن عدد من هم فوق سن الخامسة منهم؛ يبلغ أكثر من عشرة ملايين معاق.
أي يصل نصيب المعاق في الموزانة 78 قرشا، أي أقل من جنيه واحد خلال العام، فما بالنا لو أضيف عدد المعاقين البالغة أعمارهم أقل من خمس سنوات.. فكم سيصل نصيب المعاق من الموازنة؟
والغريب، أن موازنة المجلس القومي لشؤون الإعاقة كانت بالعام المالي السابق 18.5 مليون جنيه، لكن تم إنقاصها بنحو 10.7 مليون جنيه، رغم ارتفاع عدد السكان، ونسبة التضخم، وأثر تعويم الجنيه على مستوى المعيشة، حيث ترتبط معدلات الإعاقة المرتفعة عادة بالفقر.
وإذا كان هناك أكثر من عشرة ملايين معاق أعمارهم تزيد عن الخمس سنوات، فكم من المعاقين حصلوا على خدمات اجتماعية من قبل الجهات الرسمية عام 2016؟ حيث تشير بيانات جهاز الإحصاء الرسمي لوجود 170 دار حضانة للأطفال المعاقين في المحافظات المصرية، استفاد من أنشطتها أقل من ستة آلاف طفل معاق.
مزاحمة المعاقين بنسبة التشغيل
كما بلغ عدد المستفيدين من خدمات مكاتب التأهيل الاجتماعي بالمحافظات 94 ألف معاق، منهم 41 ألف في شكل الحصول على بطاقة تثبت نوع الإعاقة لديهم، و30 ألف حصلوا على شهادات تأهيل من تلك المكاتب، و2200 حصلوا على أجهزة تعويضية، و73 معاقا حصلوا على علاج طبيعي.
كما استفاد أقل من سبعة آلاف معاق من مؤسسات ذوي الصعوبات المتعددة لمن لهم أكثر من نوع للإعاقة، وقدمت مراكز العلاج الطبيعي بالمحافظات خدمات لنحو 17 ألف مصاب بشلل نصفي، وأقل من 16 ألف مصاب بشلل أطفال، وأقل من 13 ألف مصاب بضمور عضلات.
ومن هنا، فإن ما نصت عليه المادة 22 بالقانون التي تشير لإلزام الجهات الحكومية وغير الحكومية بتعيين نسبة 5 في المئة من عدد العاملين من المعاقين، يصبح صعبا، خاصة وأن نفس القانون قد ألزمهم بخفض ساعات العمل اليومبة بنحو ساعة مدفوعة الأجر للمعاقين.
ومن ناحية أخرى، ورغم النص على تخصيص نسبة 5 في المئة من عدد
الوظائف بالجهات الحكومية للمعاقين منذ سنوات، إلا أن رئيس الوزراء أصدر قرارا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي باحتجاز نسبة 2 في المئة من نسبة الخمسة في المئة المقررة للمعاقين، وذلك لتعيين المصابين بالعمليات الحربية والأمنية ومصابي الثورة والمحاربين القدماء، وجواز أن يعين بتلك الوظائف أزواج الفئات السابقة أو أحد أولادهم أو أحد والديهم أو أحد إخوتهم القائمين بإعالتهم، وهو ما يعني عمليا تقليل فرص العمل المتاحة للمعاقين، رغم أنه كان من أهداف المجلس القومى للإعاقة عند إنشائه؛ رفع نسبة فرص العمل بالجهات الحكومية من 5 في المئة إلى 7 في المئة.