هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ظل تصاعد الانتقادات الإسرائيلية لاستخدام القوة المفرطة والرصاص المحرم دوليا ضد المتظاهرين السلميين في غزة قال الجنرال تسفيكا فوغل قائد المنطقة الجنوبية السابق في الجيش الإسرائيلي إن الجيش غير مضطر لتقديم اعتذار عن وفاة أي من الأطفال الفلسطينيين الذين يقتلون على حدود غزة.
وقال تسفيكا، إن موت أي أحد في تلك المنطقة لا يعد عفويا أو عابرا، كما لا أظنه ناجما عن خطأ في استخدام الجنود للسلاح أو تعليمات إطلاق النار.
وزعم في مقابلة نشرتها صحيفة معاريف وترجمتها "عربي21" أن ما يقوم به الجنود على حدود غزة هو لحماية أمن إسرائيل، ولا يتم النظر إلى عمر من يطلق عليه الرصاص أو جيله الزمني، وأضاف: "إني أعرف طريقة اتخاذ القرارات في الميدان، وأستطيع القول أنه لا شيء اسمه إطلاق عفوي، هناك مجموعة من الضباط ترى الأحداث عن قرب، وتقرر أن يتم إطلاق النار أم لا".
وحين سئل عما يتداوله الإعلام العالمي عن سقوط عدد من الأطفال غير المسلحين من بين القتلى الفلسطينيين، قال: ما يقلقني هي المعركة الحاصلة على الوعي، نحن نجد أنفسنا دائما في صورة جالوت وليس ديفيد في المواجهة إزاء غزة، لكننا لا نقدم صورة واحدة لما يدور على حدودها، هناك فيلم كامل متعدد الرؤى.
في سياق ذي صلة، ذكر الكاتب الإسرائيلي بصحيفة هآرتس "ب. ميخائيل"، أن الرصاص المتفجر الذي يستخدمه الجنود الإسرائيليون القناصة على حدود قطاع غزة يعتبر جريمة حرب، وهي ليست المرة الأولى التي يرتكب فيها الجيش الإسرائيلي جرائم حرب، فقد سبق له بين عامي 2008 و2014 أن استخدم الفوسفور الأبيض، وقصف بصورة محمومة، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين.
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21": لئن أطلق الجيش الإسرائيلي على حربيه السابقتين في غزة في ذلك العامين "الرصاص المصبوب والجرف الصامد"، فإن الاسم الملائم لما يمارسه على حدود غزة في 2018 هو "عملية العار"، بعد أن قتل قرابة 40 فلسطينيا وأصاب الآلاف، لم يهدد أحد منهم حياة الجنود الإسرائيليين.
وأوضح أن إصابات الكثير من الجرحى الفلسطينيين مرعبة، وصورهم تجمد الدم في العروق، لأنها ليست جروحا بنار عادية، بل تعبر عن وحشية وغير إنسانية، فمكان دخول الرصاصة صغير جدا، أما مكان خروجها فهو كبير جدا، وأوعية دموية مدمرة، ولحم بشري مطحون، وعظام مهشمة، وكأنه كان هناك وحش مفترس.
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي: تل أبيب لا ترغب باستمرار التظاهرات في غزة
وختم بالقول: هذا النوع من الذخيرة يسمى هولوبوينت وتعني باللغة العبرية "رأس مجوف"، وعند إصابتها للحم تتوسع، تتفتح مثل وردة، وأطرافها تدمر كل ما يصادفها في طريقها، واسمها الرسمي "ذخيرة متسعة"، ويعتبر استخدامها جريمة حرب بذات خطورة إبادة شعب وقتل الأسرى واغتصاب الأسيرات.
الكاتبة عميره هاس قالت في تقريرها المنشور في هآرتس أن الإصابات التي يتعرض لها المتظاهرون الفلسطينيون من النيران الحية تعتبر الأكثر خطورة منذ حرب غزة الأخيرة 2014، لأن معظمهم سيعانون من إعاقات دائمة، على اعتبار أن الجروح الموجودة هي تدميرية، ومسألة علاجها تبدو صعبة على الأطباء.
ونقلت عن ميري إليزابيث إينغرس رئيسة وفد منظمة أطباء بلا حدود التي تزور غزة، وتساعد بعلاج المصابين، أن نصف عدد الجرحى الذين يتلقون العلاج يعانون من جروح تدمر الأنسجة بعد سحق العظم، وبالتالي سيضطرون لدخول عمليات جراحية معقدة جدا، وغالبيتهم سيعانون إعاقات حركية طول حياتهم، مما سيجعلهم بحاجة لعمليات إعادة تأهيل طبية، داخل غزة أو خارجها.
وأضافت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" أن مدخل الرصاص الإسرائيلي لأجساد المصابين يكون صغيرا جدا، لكنه عند خروجه من الجسم يحدث دمارا وخرابا كبيرين، ويصر الأطباء من مختلف التخصصات على استخدام عبارة "جروح تدميرية"، لأنه منذ بدء المسيرات في غزة، أجرى الأطباء هناك عمليات بتر أطراف لـ17 مصابا، منها 13 قدما وأربعة أذرع.
وختمت بالقول: "منذ 30 آذار/ مارس وهي الجمعة الأولى من مسيرات العودة أصاب الجنود الإسرائيليون قرابة خمسة آلاف فلسطيني بقطاع غزة، منهم 1600 جريحا بالنيران الحية، وخمسمائة آخرين بعيارات معدنية، أكثر من 60% منهم في الجزء السفلي من الجسم، 16% في الجزء العلوي، و9% في الرأس والعنق، و5% في البطن والحوض، و4% في الصدر، و4% من هؤلاء الجرحى أصيبوا في أكثر من طرف من أجسادهم بعيار واحد".
أما الخبير العسكري الإسرائيلي بصحيفة معاريف "تال ليف-رام" قال إن قتل عدد من الأطفال والفتيان الفلسطينيين في المواجهات الأخيرة على حدود غزة يظهر حجم الثمن الذي تدفعه إسرائيل من هذه المسيرات التي لم تبلغ ذروتها بعد، وقد تقع منتصف الشهر القادم.
وأضاف في تحليل ميداني ترجمته "عربي21" أن ذلك يتطلب من الجيش الإسرائيلي الحرص الدائم على تقليل عدد الإصابات في صفوف الفلسطينيين، مما يعني أن التحدي المعنوي والنظرة الإعلامية ستبقى تشكل معضلة للداء العسكري العملياتي للجيش، بحيث أن خطأ في إطلاق النار، أو نقصا في الدقة، كفيلة بتشويه صورة إسرائيل حول العالم.
اقرأ أيضا: جنود إسرائيليون سابقون: نشعر بالعار من قتل المتظاهرين في غزة
وختم بالقول: الاستخدام المبالغ فيه للقوة من جانب الجيش الإسرائيلي قد يشجع الفلسطينيين على الخروج المكثف في مسيرات الجمع التالية للاحتكاك بالجيش، الذي يقوم بممارسات غير مفهومة تقدم خدمات تطوعية للفلسطينيين دون قصد، لأن استخدام القناصة كفيل بإحداث أخطاء عملياتية متلاحقة في الميدان.