هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن فوز التحالف الشيعي بقيادة مقتدى الصدر في الانتخابات العراقية، ما من شأنه أن يثير مخاوف القوات الإسبانية المتواجدة في النجف بعد الغزو الأمريكي للعراق.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مقتدى الصدر هو الفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية. فعلى عكس التكهنات، تمكن التحالف الذي يقوده الصدر، الذي يتكون من المؤيدين والشيوعيين والعلمانيين، من احتلال مركز الصدارة في النتائج الجزئية التي أعلنت عنها اللجنة الانتخابية يوم الإثنين الماضي.
وأضافت الصحيفة أن تحالف الفتح، بقيادة هادي العامري، رئيس حزب الحشد الشعبي، وهي المجموعة الشيعية المدعومة من قبل إيران، قد نجح في الفوز بالمركز الثاني. ويليه في المركز الثالث الكتلة التي يقودها رئيس الوزراء الحالي، الشيعي حيدر العبادي، الذي تعرض لهزيمة نكراء.
ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان العبادي، حيث أفاد قائلا: "نحن على استعداد للعمل والتعاون من أجل تشكيل أقوى حكومة ممكنة للعراق، على أن تكون خالية من الفساد". وجاءت هذه الوعود بعد أن حث جميع الأطراف المتنافسة على ضرورة احترام نتائج الانتخابات، التي سجلت نسبة مشاركة بلغت حوالي 44.52 بالمائة.
ومن جهته، صرح عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي الذي اندمج في كتلة مقتدى الصدر أن "النتائج الأولية قد أظهرت أن قائمتنا قد احتلت المركز الأول في تسع محافظات. لقد عبر الشعب عن رفضه للزعماء الفاسدين الذين شاركوا في هذه الانتخابات".
وأضافت الصحيفة أن رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، قد عاد إلى الساحة منذ سنتين تقريبا، عندما أصبح الوجه البارز في الاحتجاجات الشعبية التي اقتحمت المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد. وقد طالبت هذه المظاهرات آنذاك بوضع حد للفساد المتفشي في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن الصدر يتمتع بقاعدة واسعة من المؤيدين الذين كانوا على مدار عقد من الزمن بمثابة كابوس للجيش الأمريكي وحلفائه.
وبينت الصحيفة أنه، في ظل هذه المطالب، تمكن الصدر من تشكيل تحالف ساهم في إحداث ثورة في بلد ينزف لمدة ثلاثة عقود جراء العنف الطائفي. وفي هذا السياق، صرح العالم السياسي العراقي مهيار كاظم أن "كتلة الصدر تشكل جزءا من أكبر الحركات التي تدعو إلى إقامة دولة علمانية. وقد حظيت هذه الكتلة بنسبة دعم كبيرة جراء حالة الإحباط المتفشية في جميع أنحاء البلاد إلى جانب إساءة استخدام الدين والإسلام السياسي من جانب الأحزاب السياسية الطائفية، فضلا عن دور النخب السياسية التي لديها علاقة سطحية مع الشعب".
وأفادت الصحيفة أن حزب الصدر قد تحصل على حوالي 1.3 مليون صوت وتمكن من ضم حولي 54 مقعدا في برلمان يتشكل تقريبا من 329 مقعدا. وبفارق ضئيل، تلته كتلة هادي العامري، بحوالي 1.2 مليون صوت و47 مقعدا. في المقابل، حظي العبادي بتأييد حوالي مليون شخص ونال 42 مقعدا برلمانيا. أما رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، فقد احتل المركز الرابع بحوالي 25 مقعدا.
وأوردت الصحيفة أن النتائج قد سلطت الضوء على مجتمع مجزأ سيكون في مواجهة مهمة تشكيل الحكومة في غضون 90 يوما. في المقابل، في ظل المناخ الإقليمي الحالي، وتصعيد العلاقات بين واشنطن وطهران على إثر الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية النووية الإيرانية، يمكن أن تصبح هذه المهمة أكثر تعقيدا.
والجدير بالذكر أن مقتدى الصدر يعد أحد أقدم أعداء الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية آيات الله. ففي شهر شباط/فبراير الماضي، اعتبر مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي برسم مسألة ترشيح مقتدى الصدر "خط أحمر". وحذر ولايتي قائلا إنه "لن يسمح لليبراليين والشيوعيين اعتلاء سدة الحكم في العراق".
وخلال سنة 2010، فازت قائمة نائب الرئيس العراقي السابق، إياد علاوي بفارق متواضع، لكنه لم يكن قادرا على ترؤس الحكومة بسبب اعتراض طهران. وفي هذا الصدد، أكد رائد فهمي، قائلا: "لقد تغيرت الأمور، هناك نوع من التوافق بين جميع القوائم كما يوجد أساس للاتفاق، وما يهمنا هو الإصلاح وحل المشاكل الرئيسية التي يعاني منها المواطنون".
وأفادت الصحيفة أن العامري يتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران، حيث عاش هناك مدة عقدين من الزمن تقريبا. ومن جانبه، حاول العبادي، منذ توليه منصبه في أيلول/سبتمبر 2014، حماية العلاقات مع الأمريكيين والإيرانيين من خلال التعاون مع كليهما في الحرب ضد تنظيم الدولة. إلى جانب ذلك، أكد الباحث مهيار كاظم أن "الصدر هو مثال للقومي العراق الذي سيحاول التفاوض على دور سياسي جديد فيما يتعلق بالتوترات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وإيران. وعلى الرغم من أنها لعبة صعبة، إلا أن الصدر سيسعى إلى خلق أرضية مشتركة حتى لا تلحق المنافسة السياسية الضرر بالعراق".
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن خبر فوز مقتدى الصدر في الانتخابات كان له وقع خاص في بغداد. وإلى جانب الأفق المظلمة لعملية إعادة البناء المعلقة في شمال غرب البلاد، يضاف النزاع المرير بين الأحزاب الكردية. فقد طالبت ست تشكيلات بإعادة تنظيم الانتخابات في المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي بالإضافة إلى كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها، وذلك بتهمة تزوير الانتخابات، مما تسبب في اندلاع أولى الاضطرابات في محافظة السليمانية.