نشرت صحيفة
"الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن
التطهير العرقي الذي
تتعرض له أقلية الروهينغيا المسلمة على يد الحكومة البورمية. فعلى الرغم من مرور
أكثر من سنة على تهجيرها، لم تتمكن هذه الأقلية من العودة إلى ديارها، ولم تحصل
على حق اللجوء، ليتحول أبناؤها إلى جيل ضائع، محروم من أبسط حقوقه.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الرواية الرسمية التي تدعيها السلطات
في دولة
بورما، تزعم أنه يوم الجمعة 25 من آب/ أغسطس 2017، شن حوالي 150 متمردا من
مسلمي الروهينغيا هجوما باستخدام قذائف منزلية الصنع، مستهدفين أكثر من 20 مركز
شرطة في شمال ولاية راخين المحاذية لحدود بنغلاديش.
وأضافت الصحيفة أن هذه
العملية مثلت إيذانا ببدء حملة تهجير جماعي لهذه الأقلية العرقية، التي تفتقر إلى
حق المواطنة في بلد تحكمه أونغ سان سو تشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام. ومنذ
ذلك الوقت، اضطر أكثر من 700 ألف شخص إلى مغادرة بلادهم والبقاء في مخيمات
اللاجئين في بنغلاديش. ويمثل مخيم كوتوبالونغ أكبر مخيم لاجئين في العالم، وتديره
حكومة بنغلاديش. وبعد أن تم افتتاحه قبل سنتين، أصبح يعيش في هذا المخيم الآن 626
ألف لاجئ من الروهينغيا، حسب بيانات قدمتها منظمة أطباء بلا حدود.
ونقلت الصحيفة عن ماريا
سيمون، منسقة أنشطة أطباء بلا حدود في بنغلاديش، أن عملية التهجير الجماعي
للروهينغيا بدأت قبل سنة، وقد تضرر منها أكثر من 700 ألف إنسان اضطروا للهروب من
بورما. ويعيش هؤلاء الأفراد الآن في مخيمات تفتقر للتنظيم والبنية التحتية، وقد
باتوا يمثلون مجموعة عرقية محاصرة داخل دوامة من المعاناة والظلم إلى ما لا نهاية.
وأضافت ماريا أن
"الروهينغيا في بنغلاديش مضطرون للبقاء داخل حدود المخيم، وبالتالي سلبوا
حقهم في حرية الحركة، وأغلبهم يفتقرون إلى الماء النظيف والحمامات والمراحيض. كما
حرموا من التعليم والوظائف والرعاية الصحية، ويعيشون في منازل مصنوعة من الخيزران
واللدائن.
وذكرت الصحيفة أنه على
الرغم من الرواية الرسمية للنظام العسكري في بورما، التي تدعي أن متمردين من
الروهينغيا هم السبب وراء في دوامة العنف، أكدت شهادات المنظمات الإنسانية الدولية
في المنطقة، أن ما يجري هو محاولة من السلطات البورمية لطرد هذه الأقلية من
بلادها. ففي سنة 2012، اندلعت موجة من أعمال العنف الطائفي في بورما، وبالتحديد في
إقليم راخين، نتيجة تحريض من قبل الرهبان البوذيين ذوي التوجهات القومية المتشددة.
وقد كان أبناء أقلية الروهينغيا هم الضحايا.
وأقرت الصحيفة أنه في
ظل موجة العنف هذه، تشكل تنظيم يسمى "جيش إنقاذ الروهينغيا"، كان مجهزا
بأسلحة خفيفة، وشن عديد الهجمات ضد مراكز الشرطة، ما أدى إلى مقتل 9 جنود. عقب
ذلك، انطلقت أكبر عملية عسكرية يقوم بها الجيش ضد هذه الأقلية، وقد صاحبتها مجموعة
من الإجراءات التعسفية الهادفة إلى منع منظمات الإغاثة من تقديم العون للروهينغيا.
ونقلت الصحيفة عن فراد
ويتيفين، مدير منظمة وورلد فيجن بنغلاديش، أن "اللاجئين يريدون منا أن نتذكر
أنهم بشر مثلنا، وأنهم لا يزالون موجودين هنا. وتوجد أمور معدودة قد تحسنت منذ
السنة الماضية، ولا يزال من غير الممكن إعادتهم إلى ديارهم على المدى
المنظور". كما أكد فراد ويتيفين أن الأوضاع التي تعيشها أقلية الروهينغيا في
مخيم اللاجئين مأساوية، حيث يعانون من الفقر والاكتظاظ، على الرغم من الجهود التي
تبذلها أكثر من 100 منظمة إغاثية دولية، تعمل إلى جانب الأمم المتحدة وحكومة
بنغلاديش لتحسين الأوضاع.
وأردف ويتيفين بأن
"أغلبية الأطفال وعائلاتهم عانوا من سنوات من الاضطهاد والعنف في بورما.
واليوم، لا يزالون يتعرضون للمخاطر بما أنهم مهجرون، لا يتمتعون بالمواطنة في
بورما، ولا يحملون صفة اللاجئ في بنغلاديش".
وتحدثت الصحيفة عن فتاة
تدعى جانيت ياجور، وهي واحدة من اللاجئين الذين يعيشون في مخيم كوتوبالونغ. تقضي
هذه الفتاة التي تبلغ من العمر 13 سنة، كامل وقتها في تصليح المأوى الذي تسكنه،
والبحث عن الماء، ومساعدة أمها في البحث عن طعام. في هذا الصدد، صرحت جانيت، قائلة:
"أريد أن أذهب للمدرسة، ولكن لم يعد بإمكاني ذلك". و"قد حذرت منظمة
وورلد فيجن بنغلاديش من أن عددا كبيرا من الأطفال، تماما مثل هذه الفتاة، يواجهون
خطر التحول إلى جيل ضائع بالكامل، بسبب حرمانهم من أبسط حقوقهم.
وفي الختام، أكدت
الصحيفة أن منظمة الأمم المتحدة تعتبر أن ما تتعرض له أقلية الروهينغيا المسلمة هو
عملية تطهير عرقي حقيقية، وهو ما تنفيه الحكومة البورمية. وفي الأثناء، لا يزال
أبناء الروهينغيا محرومين من كل حقوقهم، ويعجزون عن العودة إلى بلادهم، ولم يحصلوا
على حق المواطنة في بورما أو صفة اللجوء في بنغلاديش.