هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على تراجع قناة "الجزيرة" القطرية عن بث الفيلم الوثائقي "اللوبي- الولايات المتحدة الأمريكية"، الذي يتحدث عن جماعات الضغط في واشنطن المدافعة عن مصالح حكومة بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21" إنه قد تم حظر عرض الفيلم، الذي يتكون من أربع حلقات، مدة كل
واحدة منها 50 دقيقة، من قبل القناة التي أنتجته، وهي الجزيرة، الذراع الإعلامي
لدولة قطر.
وأشارت الصحيفة إلى أنه، في نهاية سنة 2017 ومطلع
سنة 2018، أثار مصير الفيلم الذي اكتنفته
السرية، هوس أوساط المناصرين للإسرائيليين والمناصرين للفلسطينيين في الولايات
المتحدة الأمريكية، موضحة أن الفئة الأولى اعتبرت بث هذا الفيلم أشبه بانتشار
للطاعون، في حين انتظرت الفئة الثانية صدوره على أحر من الجمر.
وبينت الصحيفة أن السبب من وراء ذلك يعود إلى اهتمام
الفيلم بالعديد من جماعات الضغط، التي تدافع عن مصالح حكومة بنيامين نتانياهو،
رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يترأس ائتلافا يمينيا متشددا ومعدا لقيام دولة
فلسطين.
وبفضل مراسل تسلل في صفوف هذه الجماعات متسلحا
بكاميرا خفية، كان من المنتظر أن يكشف الوثائقي عن الأساليب السرية المستخدمة من
قبل هذه المنظمات فاحشة الثراء من أجل الحصول على الدعم من الكونغرس، ومواجهة خصوم
حكومة بنيامين نتانياهو في معركة الرأي العام التي تخوضها.
اقرأ أيضا: ما قصة رسائل الجزيرة لمنظمات مؤيدة لإسرائيل بأمريكا؟
وأضافت الصحيفة أنه "كان من المتوقع أن يكشف
الفيلم الوثائقي عن أمور مثيرة للاهتمام، تجدر الإشارة إلى أنه قد تم إصدار أول
وثائقي من هذا النوع في مطلع سنة 2017، حيث تم تخصيصه للحديث عن جماعات الضغط
الموالية للإسرائيليين في المملكة المتحدة. وقد أظهر الوثائقي دبلوماسيا إسرائيليا
تآمر مع مسؤول بارز لإسقاط وزير، قيل إن مواقفه كانت موالية للفلسطينيين بشكل كبير،
ونتيجة لذلك، كان على السفارة الإسرائيلية تقديم اعتذارات رسمية وسحب موظفها من
البلاد".
وذكرت الصحيفة أنه في بداية شهر آذار/ مارس، وبعد
تشويق كبير وتأجيل بث الفيلم الوثائقي عدة مرات، قام الصحفي الأمريكي، كلايتون
سويشر، رئيس خلية التحقيق في الجزيرة، بتأكيد ما قامت الصحافة الإسرائيلية بالإعلان
عنه في وقت سابق وهو أن الفيلم قد تم التخلي عن بثه بقرار من الحكومة القطرية.
في الواقع، ومن أجل الإبقاء على علاقات طيبة مع كبرى
المنظمات اليهودية الأمريكية، فضلا عن الإدارة الأمريكية، قامت سلطات الدوحة
بتجميد بث الجزء الثاني من الفيلم الوثائقي، وقد تم اتخاذ هذا القرار في سياق
الحرب الباردة القائمة في الخليج بين المعسكر المؤيد للسعودية وقطر، التي قاطعها
جيرانها بسبب علاقاتها مع إيران والإسلاميين في الشرق الأوسط.
وبينت الصحيفة أن قطر كانت تعي جيدا أنها ستخسر
ثقلها أمام المملكة العربية السعودية، إذا ما تخلى عنها البيت الأبيض، لذلك رأت
أنه من الأفضل إسكات القناة التابعة لها، حتى وإن كان ذلك على حساب تقويض مزاعم
استقلالية القناة التي تمولها الحكومة القطرية بالكامل، أما في الداخل، فلم يمر
هذا القرار مرور الكرام، حيث تمثلت ردة فعل الصحفي كلايتون سويشر في الحصول على إجازة، في حركة
تنم عن انعدام ثقته في رؤسائه.
ومنذ بضعة أسابيع، ومثلما كان من المتوقع، بدأ تسريب
مقاطع من الفيلم الغامض على شبكة الإنترنت وفي الصحافة، وهو ما قام به موقعان
أمريكيان مواليان للفلسطينيين، وهما "ذي إلكترونك انتفاضة" و"غراي
زون". من جهتها، قامت صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" التي كان بإمكانها
الحصول على تحرير شبه نهائي للحلقات الأربع، بعرض محتواها، وهو ما قامت به فيما
بعد المجلة الأمريكية "ذا نايشن".
اقرأ أيضا: رفض واسع لاستضافة الجزيرة "أفخاي أدرعي" بالاتجاه المعاكس
وخلصت الصحيفة إلى أن الأسرار التي قام بجمعها، تحت
غطاء السرية، صحفي الجزيرة، الذي أطلق عليه اسم "توني"، فضلا عن مزيد
التحقيقات التي قام بها زملاؤه، كشفت أساسا عن أمر واحد وهو عملية الملاحقة
السيبرانية الممنهجة في الولايات المتحدة الأمريكية ضد أنصار "بي دي أس"،
وتدعو هذه الحركة إلى معاقبة الدولة العبرية طالما أن هناك احتلالا للأراضي
الفلسطينية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحركة تعتمد تكتيكا غير
قائم على العنف ومستوحى من الصراع ضد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، كما تسجل
نجاحا بصفة منتظمة، على غرار ما حدث مؤخرا، وهو انسحاب مغنية البوب الأمريكية
الشهيرة لانا دل راي من مهرجان نُظم في شمال إسرائيل.
ونقلت الصحيفة تصريحات مدير "لجنة الطوارئ من
أجل إسرائيل"، نواه بولاك، الذي أكد أنه "لتشويه الرسالة، يجب أن تشوه
حاملها. في هذا الصدد، عند الحديث عن حركة "بي دي أس"، يجب أن تشير إلى
أنها مجموعة تحرض على الكراهية والعنف ضد المدنيين، أي أنها تدعم الإرهاب".
الجدير بالذكر أن نواه بولاك يظهر في مقطع من الفيلم الوثائقي وهو بصدد قيادة
احتجاج يفتقر للعفوية ضد جماعة مؤيدة للفلسطينيين.
ووفقا لمجلة "ذا نايشن" الأمريكية، يمكن
أن يتخذ هذا الهجوم الإلكتروني، المدعوم من قبل وزارة الشؤون الاستراتيجية
الإسرائيلية، شكلا من أشكال التجسس على المواطنين الأمريكيين، ما يعني أنه غير
قانوني، في المقابل، لم يغب هذا الخطر عن
سيما فاكنين جيل، المديرة العامة في الوزارة، حيث أنها قالت في مؤتمر أقيم في
واشنطن خلف الأبواب المغلقة: "نحن حكومة تعمل على أرض أجنبية، وبالتالي،
علينا أن نكون حذرين للغاية".
وتساءلت الصحيفة حول ما إذا كانت هذه التسريبات،
التي لها تأثير كبير على صورة قناة الجزيرة، ستقنع السلطات القطرية بالتخلي عن
قرار حظر بث الفيلم الوثائقي، مشيرة إلى أن صحفيا يعمل في القناة قال إن
"الفيلم الوثائقي لم يُلق به في سلة المهملات، وقد يتم في نهاية المطاف بثه
في الوقت المناسب".