هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ألقت الأزمة الدولية بشأن اختفاء الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي منذ دخوله مقر قنصلية بلاده في تركيا قبل أسبوعين، بظلالها على الأسواق المالية والأجواء الاستثمارية في المملكة العربية السعودية.
وواصلت شركات مالية وتكنولوجية وإعلامية كبرى، انسحابها من مؤتمر "مباردة مستقبل الاستثمار"، المقرر، انعقاده في العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء المقبل، ويستمر لثلاثة أيام.
ويوصف مؤتمر الاستثمار السعودي بـ "دافوس الصحراء"، وكان ولي العهد محمد بن سلمان يعول كثيرا على هذا المؤتمر في الترويج لخطته الاستثمارية ضمن رؤية السعودية 2030، وتقديم إغراءات للمستثمرين الدوليين، لجذب استثماراتهم إلى المملكة.
وساهمت أزمة خاشقجي، في إثارة مخاوف المستثمرين بمؤشرات المال السعودية، خاصة مع تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المملكة حال ثبوت تورطها في مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي.
وانضم صندوق النقد الدولي إلى قائمة المنسحبين من مؤتمر الاستثمار السعودي. وقال متحدث باسم الصندوق في بيان له الثلاثاء: "تأجلت زيارة مديرة الصندوق المقررة سلفا إلى منطقة الشرق الأوسط، وكانت تشمل الرياض"، دون الإفصاح عن سبب تأجيل الزيارة.
وكانت لاغارد قد قالت في مؤتمر صحفي يوم السبت في إندونيسيا إنها لا تعتزم تغيير خطط سفرها، لكنها تشعر "بالفزع" من التقارير الإعلامية عن اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي منذ زيارته للقنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من الشهر الجاري.
اقرأ أيضا: مديرة صندوق النقد الدولي لن تحضر مؤتمرا استثماريا في الرياض
وسبق انسحاب لاغارد من المؤتمر السعودي، بحسب ما رصدته "عربي21"، إعلان عدد كبير من مديري شركات مالية وتكنولوجية كبرى انسحابهم من المؤتمر السعودي، من بينهم مجموعة البنك الدولي، وثلاثة بنوك عالمية (أتش أس بي سي وستاندرد تشارترد وكريدي سويس )، و"غوغل كلاود"، و"أوبر"، و"فورد" للسيارات، وشركة "AOL" المعنية بتزويد الخدمات عبر الإنترنت، و"فياكوم"، و"CHASE" إحدى أكبر المؤسسات المالية في الولايات المتحدة، و"بلاك روك"، و"بلاك ستون".
وجاءت تلك الانسحابات للشركات الدولية، إلى جانب انسحاب مؤسسات إعلامية عدة من بينها "نيويورك تايمز"، "سي إن إن"، "سي إن بي سي"، فاينانشال تايمز"، "هافينغتون بوست"، بالإضافة إلى مجلّة "بلومبيرغ"، فضلا عن رئيس تحرير "ذي إيكونميست"، زاني منتون يدوس، ومالك صحيفة "لوس أنجليس" "باتريك سوون شيونغ".
وأعلن المتحدث باسم مجموعة "بي جي أر" جيف بيرنباوم، وفقا لموقع "ذي ديلي بيست"، أن مجموعة الضغط والعلاقات العامة لم تعد تعمل لصالح السعودية، وذلك بعدما قطعت مجموعة غلوفر بارك للعلاقات العامة علاقاتها بالسعودية الاثنين الماضي.
اقرأ أيضا: بنوك ومؤسسات مصرفية تنضم لمقاطعي مؤتمر الاستثمار بالسعودية
وفي المقابل، قال صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إن مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار سيعقد في موعده المقرر، بمشاركة دولية كبيرة، مؤكدا حضور أكثر من 150 متحدثا يمثلون أكثر من 140 مؤسسة مختلفة، إضافة إلى شراكات مع 17 مؤسسة عالمية، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس).
وأكد الخبير الاقتصادي يوسف أبو النجا، أن المؤتمر الاستثماري الذي يطلق عليه السعوديون "دافوس الصحراء"، هو جزء من خطة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في السعي لتنويع اقتصاد المملكة الذي يعتمد على تصدير النفط.
وقال أبو النجا خلال حديثه لـ "عربي21"، إن الانسحابات المتواصلة للشركات والمؤسسات الدولية أفقدت المؤتمر جزءا كبيرا من أهميته بالنسبة لما كان مخططا له قبل أزمة اختفاء خاشقجي، وهو ما دفع متحدث باسم المؤتمر إلى وصف تلك الانسحابات بـ "المخيبة للآمال".
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المملكة حال ثبوت تورطها في مقتل خاشقجي، إلى جانب الحملة الإعلامية التي تبنتها مؤسسات صحفية دولية للتشهير بالمسؤولين والشركات التي ستشارك في المؤتمر، ساهم بشكل كبير في عزوف الكثير من المستثمرين الدوليين والرؤساء التنفيذين لكبرى الشركات والبنوك الدولية، وآثار مخاوفهم بشأن مستقبل الاقتصاد السعودي.
وأضاف: "محمد بن سلمان أنفق الكثير من الأموال لتحسين صورته في الغرب وكسب ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية، ولكن هذه الصورة اهتزت بعد تصاعد أزمة خاشقجي على الصعيد الدولي، وبدأت تتبخر معها طموحات وخطط ولي العهد السعودي".
وأشار أبو النجا إلى أن "قضية خاشقجي ستكلف الاقتصاد السعودي خسائر كبيرة سواء بشكل مباشر من خلال هروب الاستثمارات من المملكة وتسييل مستثمرين سعوديين وأجانب لمحافظهم المالية، أو غير مباشر بسبب الصورة السلبية التي تشكلت عن المملكة في الأسواق الدولية والتي ستؤدي إلى عزوف الشركات والمؤسسات الدولية عن السوق السعودي".
اقرأ أيضا: اقتصاديون: هذا أكثر ما يخشاه السعوديون بعد قضية خاشقجي
وقال الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، في تصريحات سابقة لـ "عربي21"، إن قضية خاشقجي ستقتل أي أمل لنمو الاستثمار الأجنبي بالمملكة، لافتا إلى أن "المملكة تمتلك واحدا من أكبر الصناديق السيادية في العالم باحتياطيات تتجاوز 650 مليار دولار وهذا هو التهديد الأكبر ضد الاقتصاد السعودي".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن ابتزازات ترامب المتوالية للمملكة موجهة إلى الاحتياطيات في صندوقها السيادي، وتجميد الصندوق والاستيلاء على الاحتياطي إضافة إلى مئات المليارات المملوكة للأفراد والشركات السعودية هو التهديد الذي بات أكثر ما يخشاه السعوديون بعد حادثة خاشقجي".
وأوضح ذكر الله أن "الاقتصاد السعودي ما فتئ يتحسن بعد ارتفاع أسعار النفط، عانى خلالها من أربع سنوات عجاف أكلت جزءا من الاحتياطي النقدي الأجنبي بواقع أكثر من 100 ملياردولار في المتوسط. وتشير التقديرات للعجز في الموازنة العامة للعام المالي القادم إلى نحو 50 مليار دولار".