هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مركز بحثي إسرائيلي، أن حالة عدم الاستقرار التي تعصف بالسعودية عقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، "تمس مباشرة" بالمصالح والقدرات الإسرائيلية والأمريكية أيضا.
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده يوئيل جوجانسكي و الداد شفيت، أن الرواية السعودية التي زعمت أن خاشقجي مات أثناء "مشادة في القنصلية، وإن حظيت برد أولي إيجابي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن البيت الأبيض وزعماء آخرون في العالم، يشددون على أن ما قيل من تفاصيل ليست كاملة، ويجب على السعودية تقديم أجوبة للعديد من الأسئلة".
ونوه إلى أن المطالبات بإجراء تحقيق دولي مستقل في الموضوع "تتكاثر"، لافتا إلى أن العديد من زعماء العالم، أعلنوا مقاطعتهم للمؤتمر الاستثماري الذي انطلق اليوم في الرياض، تحت مسمى "دافوس الصحراء".
وذكر التقدير، الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها المركز بشكل شبه دوري تحت عنوان: "نظرة عليا"، أن "ردود أفعال ترامب ومحافل أخرى في إدارته، منذ بداية القضية تعكس التواءات تتراوح بين إدراك أن سلوك السعودية لا يمكن أن يمر دون رد، وبين التطلع لعدم الاعتراف بفشل السياسة الأمريكية حيال المملكة، وقرار التعويل على ولي العهد محمد بن سلمان، وبشكل أساسي المخاطرة بتضرر مصالح اعتبرها ترامب حيوية".
وحول "صورة الرئيس"، كشف أن هناك "تخوف من أن تلقي القضية ظلالا ثقيلة على تفكير ترامب، الذي شدد في الغرف المغلقة على أن العلاقات الوثيقة لصهره جارد كوشنير مع ولي العهد تشكل عبئا على السياسة الأمريكية"، لافتا أن "ترامب وإدارته يفهمان بأنهما يعتبران في نظر تقدير القيادة السعودية أنهم في جيوبهم".
فمن جهة، يعتبر يمكن أن يساعد الموقف الأمريكي السعودية على "التغلب على آثار القضية، ومن جهة أخرى، فإن ترامب غير معني بأن يعتبر زعيما ضعيفا".
وبشأن الجانب الاقتصادي، فإن "ترامب يشدد على ثمن المس بالاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، ولاسيما في ضوء الوعود بشراء وسائل قتالية بمبلغ 110 مليار دولار"، وفق التقدير الإسرائيلي.
ونوه إلى أن "ترامب يولي أهمية للمخاطر المحتملة في حال فرضت عقوبات على السعودية، وعلى خلفية الاستعدادات لانتخابات منتصف الولاية، إضافة لرغبته استغلال تحسن في الوضع الاقتصادي كرافعة لتحسين فرص المرشحين الجمهوريين".
وحول السياسية الإقليمية، ذكر أنه "حتى قبل قضية خاشقجي برزت في واشنطن علامات استفهام حول قدرة الرياض على القيام بدور مركزي أعدته لها إدارة ترامب في التقدم بمساعيها لاحتواء ولجم السلوك الإيراني في الشرق الأوسط".
وأضاف: "في واشنطن كما في تل أبيب، علقوا آمالا كبيرة على بن سلمان ورأوا فيه شريكا في مكافحة إيران وفي المسيرة السلمية"، موضحا أنه "طرأ تحول معاكس في أوساط الكثيرين في واشنطن عن تلك الآمال، وخاصة بعد سلوك السعودية في حرب باليمن، وأزمة قطر، والاعتقال المؤقت لرئيس وزراء لبنان سعد الحريري".
وبين التقدير، أن أصداء قضية خاشقجي "لا تهدأ في الولايات المتحدة أو الساحة الدولية، حتى بعد البيان السعودي"، منوها أن "هناك محافل كثيرة بما في ذلك في الساحة الإقليمية (تركيا، إيران وقطر)، غير معنية بالسماح للقضية بالنزول عن جدول الأعمال".
ومع أن إدارة ترامب، "لم تقل كلمتها الأخيرة في القضية، إلا أنه من المشكوك فيه أن تكون محاولة ترامب كي يثبت في الوعي الحاجة للتمييز بين قصور القيادة السعودية وبين رغبته في الحفاظ على مكانة المملكة كشريك استراتيجي".
وقدر المركز، أن "قضية خاشقجي لا تزال بعيدة عن نهايتها، وهي تطرح التحدي الأكبر على علاقات الولايات المتحدة والسعودية منذ هجمات أيلول/سبتمبر 2001، وأيضا هي أخطر الخطر على استقرار السعودية الداخلي".
ولفت إلى أن الأزمة الحالية التي تعصف بالسعودية "تأتي والعائلة المالكة غير متراصة الصفوف، وهناك معارضين لولي العهد من أعمامه وأخوته، وهو الذي اتخذ حكما فرديا مركزيا وأساليب عنيفة ليسكت منتقديه".
وأكد أن "الأسرة المالكة فوجئت بشدة وحدة ردود الأفعال في الساحة الدولية على قضية خاشقجي ويبدو أنها لم تستعد لمواجهة آثارها".
وعلى الجانب الشخصي، فالسفير السعودي في واشنطن، خالد بن سلمان، وهو شقيق ولي العهد، "والذي أعيد للرياض على عجل، قد يعد أن يكون من الآن فصاعدا له دور مركزي في عملية اتخاذ القرارات".
وبشأن الجانب السياسي، "أدرك الملك أن ابنه محمد، قد سار شوطا بعيدا ويجب لجمه، والعودة به لسياسة أكثر توازنا وحذرا، لا تجر انتقادات زائدة من الداخل والخارج"، وفق التقدير الذي أوضح أن التخوف على استقرار السعودية سببه هو "مرض الملك العجوز، ومدى قدرته على التحكم فيما يجري".
وأكد المركز الإسرائيلي، أن استقرار السعودية "مصلحة" أمريكية إسرائيلية، مقترحا كي "تبعد المملكة عن نفسها بعضا من الآثار السلبية لقضية خاشقجي، بأن تبرز دورا وجهودا حيويا في الحملة ضد إيران، وتحاول الإقناع بأنه لا بديل لقيادتها الحالية، حتى من حيث الإصلاحات الداخلية الضرورية".
وكشف أن "مقاييس اقتصادية مركزية ساءت منذ عين بن سلمان وليا للعهد، كما أن حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة يوجد في الدرك الأسفل منذ 14 سنة"، لافتا إلى هروب أصحاب رؤوس المال السعوديين من المملكة بشكل "غير مسبوق".
وعلى هذه الخلفية، "يبرز التخوف في الإدارة الأمريكية من أن التدهور المحتمل في العلاقات بين الدولتين، بأنه سيجسد حقيقة أن رهان ترامب على القيادة السعودية كعمود فقري لسياسته في الشرق الأوسط كان مغلوطا".
ولفت التقدير، أنه "عندما يتعاظم التهديد على استقرار السعودية، وعشية دخول العقوبات على إيران حيز التنفيذ، تتعزز علامات الاستفهام بشأن صحة الإستراتيجية الأمريكية، التي تستهدف احتواء طهران في المنطقة، استنادا لتحالف عربي بقيادة السعودية".
وأوضح أن "عدم اليقين في المملكة عظيم والحساسية ستزداد مع اقتراب نقل التاج"، موضحا أن ولي العهد "لم يثبت مكانته بعد".
وحول المصالح الإسرائيلية، أكد التقدير الإسرائيلي، أن "فترة عدم استقرار السعودية، والهزات في علاقات واشنطن مع الرياض، من المتوقع أن تمس مباشرة بمصالح إسرائيل وبقدرتها على أن ترى فيها شريكا عمليا لتحقيق أهداف مشتركة".