هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب جاكسون ديهيل، يشير فيه لما أسماها عملية السحل على "تويتر" لمن تبنى الحاكم الفعلي للسعودية، محمد بن سلمان، عندما جال الولايات المتحدة هذا العام، قائلا: "لم أكن واحدا من المعجبين به".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد أن صارت صورة ولي العهد مشوهة، فإنه يشعر بنوع مع التعاطف مع بعض الذين راهنوا عليه.
ويقول ديهيل إن "هؤلاء المراقبين الأذكياء المطلعين على الشرق الأوسط العربي لم ينجذبوا إليه، مثل دونالد ترامب بوعود العقود التجارية وصفقات الأسلحة، ولا انفتاحه التكتيكي مع إسرائيل ضد إيران، لكنهم شعروا بحالة من الإلهام لمحاولاته تحديث الإسلام في المكان الذي يحتاج للتغيير وبشكل ملح، فالسعودية هي موطن 15 من منفذي هجمات أيلول/ سبتمبر 2001، وعدد لا يحصى من الجنود الراجلة في تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة".
ويبين الكاتب أن "الإصلاح الديني الذي يعني اقتلاع النزاعات الراديكالية والعنيفة من الإسلام كان الهدف الأكبر للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط من 11/ 9، مع أن أحدا لم يتحدث عنه كثيرا، فبعد الهجمات اعتقد الكثيرون، ومنهم جورج دبليو بوش، بالفكرة التي تقول إن الديقراطية هي العلاج الضروري لهذا كله، إلا بعد حالة البهجة القصيرة، التي لم تستمر سوى أشهر من انتفاضات الربيع العربي عام 2011، شعر الكثيرون بحالة إحباط وانهيار العزيمة من الحكومات العاجزة والاستبدادية الزاحفة في كل من مصر وتركيا".
ويلفت ديهيل إلى أن "محمد ورجل مصر القوي عبد الفتاح السيسي ومن يوجههما في الإمارات العربية المتحدة والكثيرين في واشنطن وجدوا طريقا جديدا للأمام: ديكتاتوريون متنورون، ويمكن أن يسجن دعاة الإصلاح الديمقراطي والمؤيدين للديمقراطية، مثل جمال خاشقجي، أو يجبرون على الخروج للمنفى، الأمر الذي عارضه المؤيدون الأمريكيون للإستبداد، لكن محمد والسيسي سيشنان حربا على تنظيم القاعدة، ويسحقان الدعاة المتطرفين الذين يلهمون الجهاد، وسيكونان بيوشيه ولي كوان يو الشرق الأوسط، ويقودان مسيرة الحداثة التي تجعل من الرياض أكثر لمعانا، وربما أكثر تسامحا من دبي".
وينوه الكاتب إلى ما كتبه الدبلوماسي الأمريكي المخضرم دينيس روس في "واشنطن بوست"، بأن محمد بن سلمان لم يسمح فقط للمرأة بقيادة السيارة وبفتح دور السينما، بل إنه عين رئيسا معتدلا لرابطة العالم الإسلامي، وكتب: "لو تحققت تغيرات أم بي أس"، مستخدما اختصار اسمه، "فإنها ستقلل التطرف الديني، وتنهي تصدير السعودية له، وتطابق الإسلام مع الحداثة، وتقدم النموذج الذي يفتقده الشرق الأوسط العربي".
ويتساءل ديهيل: "من لا يدعم هذا؟ إن خاشقجي كان صحافيا مخضرما وأكثر الناقدين حدة للموجة الجديدة من الأوتوقراطيين، فكان ممن ألهمتهم ثورات الربيع العربي، وشعر بالخيبة من بعض نتائجها، لكنه لم يتخل عن الديمقراطية، بل على العكس ناقش في المقالات التي كتبها في صحيفة (واشنطن بوست) أن الرقابة والتوازنات، خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير، تظل مهمة لقضية الحداثة، وأن الإصلاح لن يتحقق من أعلى لأسفل".
ويذكر الكاتب أن خاشقجي كتب قبل عام، قائلا: "الأمير محق في ملاحقة المتطرفين، لكنه يقمع الأشخاص الخطأ"، في إشارة إلى سجنه عشرات الليبراليين الذي يدعمون الإصلاحات ذاتها التي يروج لها ولي العهد، في وقت يواصل فيه المتطرفون الحديث وبحرية.
ويقول ديهيل إن "خاشقجي اتهم ظلما بدعم التطرف الإسلامي، ولم يكن كذلك، لكنه آمن أن الإصلاح لا يعني سحق جماعات سياسية سلمية تؤمن بالقيم الإسلامية، فقال في آب/ أغسطس: (لن يكون هناك إصلاح سياسي وديمقراطية في أي بلد عربي دون القبول بالإسلام السياسي كجزء منه)".
ويعلق الكاتب قائلا إن "محمد والسيسي مصممان على تدمير جماعة الإخوان المسلمين، التي تعد أقدم وأكثر جماعات الإسلام السياسي استمرارية في المنطقة، لكن خاشقجي ناقش بأن تجاوزات الإخوان المسلمين في مصر كان يمكن إصلاحها من خلال الانتخابات، وليس من خلال انقلاب السيسي الدموي، وتوصل إلى نتيجة أن (الكراهية والتعصب ضد أي نوع من أنواع الإسلام السياسي دمرا خيار العرب للديمقراطية والحكم الرشيد)".
ويعتقد ديهيل أن "اغتيال خاشقجي المأساوي أثبت صحة ما يقوله، ورغم عدم وجود الأدلة القاطعة، إلا أن أي دارس لوضع السعودية لا يعتقد أنه من الممكن حدوث قتل العمد في بلد عاصمة أجنبية، وعلى يد فريق من 15 شخصا، دون معرفة واحتمال توجيهه".
ويجد الكاتب أن "هذا يكشف عن المسألة الجوهرية، وهي أنه لا يمكن الرهان عليه بصفته وكيلا للإصلاح، والأمثلة نادرة عن قدرة الطغاة على تعزيز الحداثة ومكافحة الفساد، فهم يركزون في النهاية على التخلص من معارضيهم، وباستخدام الوسائل التي تربي الراديكالية، وتجعل من الإصلاح الحقيقي مستحيلا".
ويختم ديهيل مقاله بالقول: "كان من الواجب على داعمي محمد الأمريكيين ملاحظة التناقض بين قمعه وهدفه لتحديث الإسلام، ووفاة خاشقجي يجب أن تنهي حلمهم بإصلاح العرب من خلال الرجل القوي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)