هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافي فيليب أوبيجي جونيار، يقول فيه إنه عندما أعلن أبو مصعب البرناوي في 2016، أنه سيطر على منظمة بوكو حرام لصالح تنظيم الدولة، كانت رسالته الأولى واضحة ومختصرة: فتحت قيادته ستستهدف المنظمات الخيرية الغربية.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن البرناوي، قوله إن تلك المنظمات "تسعى بقوة لتنصير المجتمع.. وهم يستغلون الظروف للنازحين بسبب الحرب الطاحنة، ويقدمون لهم الطعام والمأوى ثم ينصرون أطفالهم".
ويعلق جونيار قائلا إن "ما لم يقله البرناوي وقتها بأن تنظيم الدولة (ولاية غرب أفريقيا) سيقوم باستهداف النساء العاملات في تلك المنظمات، باختطافهن وطلب فدية لإطلاق سراحهن، وإعدامهن عندما لا تستجاب طلبات التنظيم، ونتيجة لهذا رأينا مأساة تتكشف في الأسابيع والأيام الأخيرة بدأ العمل لها قبل ثمانية أشهر".
ويشير الموقع إلى أنه في حوالي الساعة السابعة مساء في الأول من آذار/ مارس، قام مجموعة من مقاتلي البرناوي بمهاجمة بلدة ران في شمال شرق نيجيريا، حيث يحاول عشرات آلاف النازحين المحليين الحصول على مأوى، وانتقل المقاتلون إلى مخيم يوجد فيه العديد من الأشخاص التابعين لمنظمات دولية، وفتحوا النار على عمال الإغاثة، فقتلوا شخصين من المنظمة الدولية للهجرة، أحدهما مدير للمخيم، والآخر طبيب يعمل مستشارا مع اليونيسيف.
ويورد التقرير نقلا عن عبدالله إدريس، وهو أحد السكان الذين شهدوا ما حدث، قوله: "وصلوا إلى ران بأعداد كبيرة، وتوجهوا مباشرة إلى المخيم.. لقد عرفوا بالضبط ما الذي أتوا لفعله".
ويلفت الكاتب إلى أن ثلاث عاملات، هن هاوا ليمان، وهي قابلة تعمل مع الصليب الأحمر، وسيفورا خورسا، وهي ممرضة تعمل أيضا مع الصليب الأحمر، وأليس لوكشا وهي ممرضة تعمل مع اليونيسيف، قمن بالفرار نحو قاعدة عسكرية قريبة، وأرسلت ليمان رسالة صوتية على "واتساب" لصديقة، قالت فيها إن هناك هجوما، وأشارت الرسالة الصوتية إلى أن المهاجمين اقتحموا القاعدة العسكرية، وقالت ليمان بلغة الهوسا المحلية: "يا إلهي إنهم سيأتون الآن، سيقومون بقتلي".
ويذكر الموقع أنه بحسب التقارير الإعلامية المحلية، فإن أربعة جنود وخمسة رجال شرطة قتلوا في الهجوم، مشيرا إلى أن بعض الصور التي نشرت تظهر أنه تم ربط المسؤولين قبل رميهم بالرصاص، فيما تم اختطاف النساء الثلاث.
وينقل التقرير عن مسؤول أمني نيجيري كبير، قولة إن الحكومة تواصلت مع ممثلي تنظيم الدولة بعد أن اختطفت النساء، لكن طلبات المتطرفين كانت أكبر من أن يستجاب لها، وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ لأنه غير مخول بالتصريح: "طلبوا أكثر من مليون دولار فدية لكل واحدة من النساء.. ولم يكن بإمكان الحكومة تلبية مطالبهم، لكنها أوضحت لهم أن لديها استعدادا للتفاوض".
وينوه جونيار إلى أن المفاوضات بين الحكومة وتنظيم الدولة استمرت لأشهر، لكنها توقفت تماما فجأة، وفي 16 أيلول/ سبتمبر قام المتطرفون باعدام خورسا البالغة من العمر 25 عاما، وتم تسجيل إعدامها على فيديو أرسل للصليب الأحمر، مع مطالبة بمبلغ لم يتم الكشف عنه، مشيرا إلى أن بحسب منظمة الصليب الأحمر، التي تقول إنها لا تدفع فدى لإطلاق سراح عاملين مختطفين، فإن المتطرفين أعطوها شهرا لتلبية مطالبهم قبل أن يقوموا بقتل مختطفة أخرى، وقالت المنظمة إنها بذلت جهودا أكيدة ومستمرة لضمان إطلاق سراح الزملاء دون شرط وسالمين.
ويورد الموقع نقلا عن المتحدثة باسم الصليب الأحمر في أبوجا، ألكساندرا ماتجيفيك موسيمان، قولها: "عندما تم التأكد من اختطافهن قامت منظمة الصليب الأحمر بتشكيل فريق أزمة في ميديغوري وأبوجا وجنيف بهدف تحقيق المقصود"، وأضافت موسيمان: "إنها سياستنا العالمية ألا ندفع فدى أو التفاوض مباشرة خلال الاختطاف.. لكننا استخدمنا القنوات المفتوحة كلها لطلب إطلاق سراحهن دون شرط ودون أذى".
ويفيد التقرير بأن منظمة الصليب الأحمر قامت عندما اقتربت نهاية المهلة بنشر فيديو، ناشدت فيه الحكومة النيجيرية وتنظيم الدولة لإنقاذ المختطفتين الباقيتين، وحذرت من أنه لم يبق سوى ساعات قبل أن يقوم المتطرفون بقتل إحداهما.
وينقل الكاتب عن مدير عمليات الصليب الأحمر في حوض بحيرة تشاد مامودو سو، قوله: "أناشد تنظيم الدولة ولاية غرب أفريقيا مباشرة.. أرجو أن تظهروا شيئا من الرحمة، لقد ذهبت هوا (ليمان) وأليس إلى ران لإنقاذ الناس، وتستحقان الحياة".
ويقول الموقع إن تنظيم الدولة قتل في اليوم التالي ليمان، وتم إرسال فيديو قصير لإعدامها إلى "ذي كيبل"، وهو موقع إخباري نيجيري، لكن لم يتم نشره، وبحسب الموقع، فإن ليمان أكرهت على أن تركع على ركبتيها، وقد ربطت يداها، وتم إطلاق النار عليها من قرب.
ويورد التقرير نقلا عن تنظيم الدولة، قوله في بيان مقتضب مع لقطة الفيديو: "التزمنا بوعدنا بالضبط عندما قمنا بقتل عاملة إغاثة أخرى"، وأضاف أن خورسا وليمان أعدمتا؛ لأن "التنظيم يعدهما مرتدتين؛ لأنهما كانتا مسلمتين ثم تركتا الدين"، باختيارهما العمل مع الصليب الأحمر، باعتبار الصليب الأحمر منظمة دينية مسيحية، و"هي ليست كذلك"، وتابع البيان قائلا إن مجموعات الإغاثة ستكون هدفا، فقال: "بالنسبة لنا لا فرق بين الصليب الأحمر واليونيسيف".
وينقل جونيار عن التنظيم، قوله إنه أبقى المرأة الثالثة التي وقعت في يده في آذار/ مارس، أليس لوكشا، وهي متزوجة ولديها طفلان، عبدة؛ لأنها مسيحية، ومعها ليا شاريبو البالغة من العمر16 عاما، التي كانت المسيحية الوحيدة من بين 110 فتيات تم اختطافهن في مدرسة في دبتشي في شباط/ فبراير، وأضاف التنظيم: "بناء على عقيدتنا يجوز لنا فعل ما نشاء بهما".
ويجد الموقع أن "قرار التنظيم إبقاء المسيحيات على قيد الحياة هو تغيير للأجندة الأصلية عندما تم تعيين البرناوي واليا، حيث توعد بـ(قتل كل من نجد من أتباع الصليب)، وقد يكون التنظيم أراد بإبقاء لوكشا وشاريبو على قيد الحياة إبقاء المجتمع منشغلا بمصيرهما، وجلب الاهتمام للتنظيم، كما فعل زعيمه السابق عندما اختطف بنات المدرسة في تشيبوك عام 2014".
وتقول موسيمان عن استراتيجية الصليب الأحمر لضمان حرية المرأتين: "سنستمر في استخدام القنوات المتوفرة لنا كلها لطلب إطلاق سراح أليس وليا على أسس إنسانية.. فهما مدنيتان وليستا مشاركتين في الحرب، ويجب أن تنقذ حياتهما".
ويورد التقرير نقلا عن وزير الإعلام النيجيري، لاي محمد، الذي أكد مقتل ليمان، قوله إن بلاده فعلت "كل شيء يمكن لحكومة مسؤولة أن تفعله لإنقاذ حياة عاملة مساعدات إنسانية"، وأعرب عن ألم حكومته بسبب النتيجة، ولم يوضح إن كانت حكومته حاولت التفاوض على فدية مع المتطرفين.
ويستدرك الكاتب بأن والدي ليمان، اللذين يرفضان تصديق أن تكون ابنتهما قد قتلت، ألمحا الأسبوع الماضي إلى أن اتفاقا تم التوصل إليه مع المتطرفين، واستغربا أن تكون ابنتهما قد قتلت، بعد أن توصلت الأطراف المتفاوضة إلى تفاهم.
وينقل الموقع عن والدة ليمان، قولها للتلفزيون النيجيري: "إلى الآن لم يدخل عقلي أن ابنتي ميتة، فلو نظرت إلى ما حصل، هؤلاء الناس يريدون مالا، والآن بعد أن وافق الرئيس بوهاري على أنه سيعطي النقود فلماذا الفترة بين موافقته ومقتلها كانت قصيرة جدا؟.. وهل إن كان الشخص يريد مالا ووافقوا على إعطائه المال، فهل يفترض أن يفعل ذلك؟".
وبحسب التقرير، فإنه ليس هناك أي تأكيد على التفاوض على فدية أو دفعها، مشيرا إلى أن أخبار إعدام ليمان أثارت غضبا، خاصة في مجتمع العمل الإنساني، ووصفت منظمة الصليب الأحمر الضحية بأنها "اجتماعية" و"نشيطة" و"إنسانة متحمسة"، كرست جهدها لخدمة النساء في مجتمعها.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن تنظيم الدولة في نيجيريا، مثل التنظيم الأصلي في العراق وسوريا، لديه تبريراته الخاصة به وهذه هي التي ستؤدي إلى المزيد من القتل في الأشهر القادمة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)