هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للكاتب مايك هيرش، يقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعى في الأيام الأخيرة للتقليل من شأن تقدير أجهزته الاستخبارية، بالقول إنه يتوقع تقريرا أكثر اكتمالا حول ما إذا كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي، وهو ما توصلت إليه وكالة الاستخبارات المركزية.
ويشير الكاتب إلى أنه لم يظهر أي تقرير، وبدلا من ذلك أصدر ترامب بيانا يوم الثلاثاء رفض عمليا تقدير وكالة الاستخبارات المركزية، مبرئا محمد بن سلمان، بقوله: "قد لا نعرف أبدا الحقائق المحيطة بجريمة القتل كلها"، وأشار الرئيس إلى أن أمريكا "فرضت عقوبات على 17 سعوديا يعرف أنهم متورطون في جريمة قتل السيد خاشقجي والتخلص من جثمانه"، وقال أيضا: "وكالاتنا الاستخبارية تستمر في تقييمها للمعلومات كلها، لكن يمكن جدا أن ولي العهد كان على علم بهذا الحدث المؤلم، ربما كان على علم وربما لم يكن".
ويلفت هيرش في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب لم يستشتهد بأي أدلة، فيما قال مسؤولون أمريكيون ومصادر من الكونغرس لـ"فورين بوليسي" بأنهم دهشوا بوعد الرئيس بتقرير إضافي؛ لأنهم لم يخبروا بأي شيء أكثر من التقدير الراسخ لوكالة الاستخبارات المركزية، بأن محمد بن سلمان يقف خلف العملية المعقدة لاستدراج خاشقجي للقنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر وقتله.
وتورد المجلة نقلا عن ترامب، قوله يوم السبت، ردا على التقارير بأن وكالة الاستخبارات المركزية استنتجت بأن ولي العهد كان مسؤولا عن جريمة قتل خاشقجي: "سيكون لدينا تقرير مفصل خلال يومين، ربما الاثنين أو الثلاثاء"، ووصف التقارير الإخبارية بأنها "سابقة لأوانها"، وقال إن التقرير الجديد سيتضمن "من الذي فعلها".
ويستدرك الكاتب بأن يوم الثلاثاء عندما أصدر الرئيس البيان، لم يبد أن هناك تقريرا من البيت الأبيض، أو وزارة الخارجية، أو وكالة الاستخبارات المركزية، وقال مسؤول في المخابرات بأنه ليست هناك معلومات عن أي تقرير جديد، فيما رفض مجلس الأمن القومي التعليق على الموضوع.
وتنقل المجلة عن مستشار كبير للنائب آدم شيف "ديمقراطي عن كاليفورنيا"، وهو عضو بارز في لجنة المخابرات في مجلس النواب: "لا نعلم ما الذي يشير إليه الرئيس"، أما مستشارة السيناتور مارك وورنر "ديمقراطي عن فرجينيا" ونائب رئيس لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ، فقالت: "لا نعلم ما الذي يتحدثون عنه"، وأضافت أنه لو كان هناك تقرير من هذا القبيل فإن لجان الاستخبارات تتوقع أن تكون أخبرت عنه.
ويشير هيرش إلى أن كلا من شيف ووورنز تلقيا إيجازا حول استنتاجات وكالة الاستخبارات المركزية حول تورط محمد بن سلمان المحتمل، يوم الخميس الماضي؛ كونهما من كبار أعضاء الديمقراطيين في تلك اللجان.
وتفيد المجلة بأن السيناتور الديمقراطي وعضو لجنة الاستخبارات رون وايدين من أوراغون، دعا مديرة وكالة الاستخبارات المركزية، جينا هاسبل، ومدير الاستخبارات القومية دان كوتس "للتقدم وتوفير تقدير علني للشعب الأمريكي وللكونغرس حول من أمر بقتل جمال خاشقجي"، وقال متحدث باسم وايدين بأنه لا يعلم بأي تقرير إضافي أكثر شمولية "فكل ما سمعناه هو تصريحات الرئيس".
ويبين الكاتب أن ترامب أشار بوضوح إلى أنه يريد أن يستمر في العلاقة مع محمد بن سلمان؛ لأن السعودية تحت حكمه تؤدي دورا رئيسيا في السياسة الأمريكية للانحياز ضد إيران، خاصة أن ولي العهد تعهد بشراء أسلحة أمريكية قيمتها أكثر من 100 مليار دولار.
وتلفت المجلة إلى أن ترامب بدأ بيانه يوم الثلاثاء بالقول: "العالم مكان خطير جدا"، مشيرا إلى إيران، وقال: "إنها مسؤولة عن حرب دامية بالوكالة ضد السعودية في اليمن، وتحاول زعزعة محاولة العراق الهشة لتحقيق الديمقراطية، ودعم حزب الله الإرهابي في لبنان، ودعم الديكتاتور بشار الأسد في سوريا (الذي قتل الملايين من مواطنيه)"، ثم قال: "السعودية مستعدة للانسحاب من اليمن إن وافق الإيرانيون أن يغادروا، وستقدم مباشرة المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الناس، وإضافة إلى ذلك وافقت السعودية على إنفاق مليارات الدولارات في قيادة الحرب على الإرهاب الاسلامي الراديكالي".
ويفيد هيرش بأن ترامب كرر، كما فعل بالعادة، بأن السعودية "وافقت على استثمار 450 مليار دولار في الولايات المتحدة، وهذا مبلغ قياسي. سيخلق مئات آلاف الوظائف، وتطويرا اقتصاديا كبيرا وثروة إضافية للولايات المتحدة".
وتنقل المجلة عن ترامب، قوله في مقابلة مع كريس والاس على "فوكس نيوز" يوم الأحد، إن محمد بن سلمان أخبره "ربما خمس مرات مختلفة" بأن لا علاقة له بجريمة قتل خاشقجي، مستدركة بأن الحكومة السعودية كذبت عدة مرات حول تورطها، فقالت ابتداء إنها لا تعرف مكان خاشقجي، ثم قالت إنه قتل في القنصلية بالخطأ، ثم أشارت إلى أن القتل كان "مخططا له"، لكنه كان من فعل عناصر مارقة.
ويقول الكاتب إن هذه لن تكون هي المرة الأولى التي يقوم فيها ترامب بالاستغناء عن التقديرات الاستخباراتية الأمريكية لصالح ما يقوله له نظراؤه في الخارج، ففي تموز/ يوليو الماضي في هلسنكي قال ترامب في مؤتمر صحافي مشترك مع فلاديمير بوتين، إنه بالرغم من "ثقته الكبيرة" في المخابرات الأمريكية، إلا أن الرئيس الروسي كان "قويا للغاية.. في إنكاره" أن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية في أمريكا عام 2016.
وينوه هيرش إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية قدرت بشكل لا لبس فيه و"بثقة عالية" في قضية خاشقجي، أن ولي العهد أمر بقتل الصحافي، الذي كان منتقدا لحكمه في أعمدة "واشنطن بوست"، بحسب عدد من التقارير الإخبارية، ففي تسريب كبير لمعلومات سرية، يكشف عن أن مسؤولين في الكونغرس أو المخابرات كانوا يخشون أن يخفف ترامب من تقدير وكالة الاستخبارات المركزية، قامت كل من "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" و"أسوشيتد برس" بنشر تفاصيل ذلك التقييم.
وتذكر المجلة أنه بحسب "واشنطن بوست" التي نشرت التقدير أولا، فإن المخابرات قامت بفحص أكثر من مصدر، بما في ذلك مكالمة هاتفية من أخ الأمير السفير السعودي للولايات المتحدة خالد بن سلمان، مع خاشقجي، سعى فيها لتشجيعه على الذهاب إلى القنصلية السعودية في اسطنبول، حيث تم قتله، وقالت الصحيفة إن خالد بن سلمان قام بهذه المكالمة بناء على طلب من أخيه محمد بن سلمان، وقامت المخابرات الأمريكية باعتراض تلك المكالمة.
وبحسب الكاتب، فإن تقريرا سابقا لذلك حول مكالمة تم اعتراضها، ذكر بأن عضوا من فريق الاغتيال السعودي اتصل بمسؤول أعلى بعد قتل خاشقجي بقليل، وقال له "أخبر رئيسك" بأن المهمة تمت، وقالت مستشارة السيناتور: "كنا نعرف هذا قبل أسابيع".
ويختم هيرش مقاله بالقول إنه "بالرغم من جهود ترامب لإنقاذ علاقته بمحمد بن سلمان، فإن الضغط عليه لفرض المزيد من العقوبات على النظام السعودي، ربما ليتضمن ولي العهد، لا يتوقع إلا أن يتعاظم من الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، كما أنه قد يجد الرئيس نفسه معزولا في الخارج، فأعلنت ألمانيا يوم الاثنين أنها توقفت عن تصدير الأسلحة للسعودية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)