هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف خبراء اقتصاد أن قرار البنك المركزي المصري بإلغاء تمويل النشاط التجاري ضمن مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة، يأتي استجابة لتحفظات صندوق النقد الدولي في مراجعته الأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المرتبط بحصول مصر على شرائح قرض الـ 12 مليار دولار.
وكان البنك المركزي أصدر قرارا للبنوك بوقف تمويل النشاط التجارى ضمن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، على أن يسري القرار على العملاء الجدد، وهي المبادرة التي أطلقها "المركزي" مطلع 2016، لتعزيز فرص تمويل الشركات الصغيرة، بتمويل يصل لـ 200 مليار جنيه (11.2 مليار دولار) بسعر فائدة يترواح من %5 إلى 7% سنويًّا، بما يساهم في توفير فرص عمل لنحو 4 ملايين مواطن، ضمن مبادرة رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي بدعم مشروعات الشباب.
وفي نيسان/ إبريل الماضي بدأ البنك المركزي أولى خطوات تقليص البرامج، بإلغاء دعم الفائدة على تمويل رأس المال العامل للشركات المتوسطة بسعر فائدة 12%، إلا أن محافظ البنك المركزي أعلن بعدها أن قروض المبادرة وصلت لـ 100 مليار جنيه، وأن البرنامج التمويلي مستمر لنهاية العام 2020.
وفي رده على الانتقادات البرلمانية التي صاحبت القرار أكد نائب محافظ البنك المركزي محمد أبو موسى، خلال اجتماع لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمجلس النواب الذي عقد أمس الاثنين، أن البنك لم يمنع تمويل النشاط التجاري بشكل عام، ولكنه منع تمويل النشاط التجاري داخل المبادرة، بعد أن تجاوزت نسبته 40% على حساب باقي الأنشطة.
وتهرب أبو موسى من الرد على التساؤلات المتعلقة بعلاقة القرار بتحفظات صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن مشروعات القطاع التجاري لا تضيف قيمة مضافة للاقتصاد القومي، مقارنة بالقطاعات الأخرى مثل الأنشطة الخدمية والصناعية.
اقرأ أيضا: هكذا علق المصريون على دعوة السيسي لتوفير حياة كريمة
توصيات الصندوق
وأكد الخبير الاقتصادي وليد مسعود لـ "عربي21" أن قرار البنك المركزي المصري الخاص بوقف تمويل النشاط التجاري يأتي ضمن حزمة من الإجراءات التي بدأتها مصر للحصول على الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي وقيمتها 2 مليار دولار والتي كان من المفترض صرفها قبل نهاية 2018، إلا أن الحكومة المصرية لم تقم بتنفيذ مراجعات الصندوق.
وحسب مسعود فإن الصندوق طلب أمورا محددة منها تحرير تسعير أسعار المحروقات، وتقليص موظفي الجهاز الإداري بالدولة، وإجراءات أخرى لم تكن ظاهرة مثل وقف البرامج التمويلية للبنك المركزي منخفضة الفائدة، في إطار مساواة في فرص الاستمثار على حد زعم الصندوق.
ولا يستبعد الخبير الاقتصادي أن يكون سبب القرار الأخير نتيجة لنقص السيولة، خاصة وأن المبادرة أطلقها "المركزي" في الأساس لتخفيف آثار قرض صندوق النقد الدولي، وهو الآن يلغي برنامجين ضمن المبادرة، الأولى كانت متعلقة بالنشاط التجاري والصناعي ذات الفائدة 12%، ثم النشاط التجاري بشكل عام، وهو ما يعني أن الأسابيع المقبلة يمكن أن تشهد مزيدا من تقليص التمويل المنخفض الذي يقدمه البنك المركزي.
تحايل حكومي
ويتفق الخبير الاقتصادي حسن الفلكي مع الرأي السابق، مضيفا لـ "عربي21" أن المظاهرات التي تشهدها السودان الآن وقبلها الأردن وتونس، والمظاهرات الموجودة في فرنسا، كانت سببا في تراجع الحكومة المصرية بتنفيذ مراجعات صندوق النقد الدولي المتعلقة بصرف الشريحة الخامسة، وقد فشلت الحكومة في التوصل لاتفاق مع الصندوق يضمن صرف الشريحة، مع تأجيل تنفيذ التوصيات التي وضعها لظروف أخرى.
اقرأ أيضا: كيف فضح البنك الدولي احتيال السيسي بحملة 100 مليون صحة؟
وحسب الفلكي فإن الحكومة بدأت بالتحايل على تحفظات الصندوق من خلال سلسلة من الإجراءات والتي كان من بينها قرار البنك المركزي الأخير، والذي يتصادم مع المبادرة التي طرحها رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في بداية العام الجاري تحت شعار "حياة كريمة".
ويوضح الفلكي أن الأرقام التي طرحها البنك المركزي بأن عدد المستفيدين من المبادرة بلغ 491 ألف عميل، يحمل مغالاة كبيرة، خاصة وأنه ألزم البنوك بوضع تعقيدات في طريق الحصول على القرض، منها أن يكون النشاط سواء تجاري أو صناعي، قائما بالفعل لمدة عام سابق قبل التقدم للحصول على التمويل.
وفقا للخبير الاقتصادي، فإن السيسي أطلق عدة مبادرات خلال السنوات الماضية، منها مبادرة دعم الشباب، ومبادرة دعم المشروعات الصغيرة، وأخيرا مبادرة حياة كريمة، وكلها مبادرات تمويلية من البنوك، بهدف مساعدة الشباب في إيجاد فرص عمل، وإلغاؤها أو وقفها سوف يزيد من أزمة البطالة، في ظل غياب أي دور للدولة لإيجاد فرص عمل للشباب.
وتساءل الفلكي أنه إذا كانت المشروعات التجارية الصغيرة، لا تحقق عائدا لاقتصاد الدولة كما زعم البنك المركزي، فلماذا لم يتم إلغاء برامج تمويل العقارات التي لا تعود بالفائدة إلا على الشركات العقارية فقط؟
ويوضح الفلكي أن الحكومة ليس لديها مانع من تنفيذ أية إجراءات مقابل الحصول على الشريحتين المتبقيتين من قرض صندوق النقد، والحفاظ على شهادة الضمان الدولية التي يمنحها الصندوق للحكومة، والتي تستخدمها في الحصول على قروض لسد عجز الموازنة.