هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر خبراء ومحللون اقتصاديون من استمرار تفاقم الديون الأمريكية لتسجل مستويات تاريخية بعدما قفزت إلى نحو 22 تريليون دولار.
ولم يكن الدين الأمريكي يتجاوز الـ19.95 تريليون دولار حين تولى الرئيس دونالد ترامب الرئاسة في كانون الثاني / يناير 2017، لكن التخفيضات الضريبية التي منحها ترامب لكبرى المؤسسات الاقتصادية، زادت الدين الوطني بنحو 1.5 تريليون دولار.
كما أن قرار الكونغرس زيادة الإنفاق العام على البرامج المحلية والعسكرية، كان سببا آخر لزيادة الدين، بحيث باتت الفائدة اليومية عليه نحو مليار دولار.
وتأتي تلك الأنباء في ظل أخبار أخرى تزيد الأمر سوءا، إذ قدر مكتب الكونغرس عجز الميزانية السنوية لهذا العام بنحو 897 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 15.1 في المئة مقارنة بعجز ميزانية العام الماضي، والبالغ 779 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يتفاقم العجز السنوي في الميزانية الأمريكية عاما بعد آخر، بحيث يتجاوز عتبة التريليون دولار بحلول عام 2022، ولن يهبط إلى أقل من تريليون دولار حتى عام 2029.
وتزداد مخاوف الفيدرالي الأمريكي من أن تؤدي زيادة الدين القومي، وتحديدا فائدة الدين إلى تآكل المدخرات المحلية للأمريكيين، وإذا تقلصت تلك المدخرات مع تراجع قدرة الولايات المتحدة على الاقتراض مستقبلا، فإن الاستثمار الرأسمالي الذي يعد أساس النمو قد يتراجع.
الدكتورة سوزي دنكن أستاذة النقود والبنوك في جامعة أدنبرة تقول إنه يجب أن نأخذ في الاعتبار عند تحليل قضية الدين الأمريكي الدور الذي يقوم به الدولار، باعتباره العملة الرئيسة دوليا، فالاقتصاد العالمي يعتمد على تلك العملة بالأساس، سواء في الاحتياطيات الدولية أو التجارة العالمية أو تسعير معظم السلع الاستراتيجية كالنفط والذهب والمعادن برمتها والمواد الزراعية والغذائية وغيرها.
ويعني ذلك أن الولايات المتحدة تملك في الحقيقة القول الفصل بشكل كبير في تحديد قيمة الدين الواجب عليها سداده، فانخفاض الدين القومي للولايات المتحدة أو ارتفاعه مرتبط في حقيقة الأمر بسعر صرف الدولار.
وتضيف: "إذا ارتفع سعر صرف العملة الأمريكية فيمكن أن نقول في تلك الحالة إن الدين الأمريكي ارتفع، ولكن إذا انخفض سعر صرف العملة الأمريكية في مواجهة نظيراتها من العملات الدولية، فإن الدين الأمريكي سينخفض".
وهو ما تراه حالة استثنائية تتميز بها الولايات المتحدة، ولا تنطبق على باقي بلدان العالم، ومن ثم فإن القيمة الإجمالية للدين الأمريكي لا تمثل في حد ذاتها دليلا على خطر يحيق بالاقتصاد الأمريكي، ومن هنا يجب أن نفهم أيضا جزءا من الرغبة الدائمة للرئيس ترامب وإداراته في خفض سعر صرف الدولار، صحيح أن جزءا منها يعود إلى تحسين الميزان التجاري الأمريكي، لكنها أيضا الرغبة في خفض القيمة الحقيقية للديون.
اقرأ أيضا: استئناف مفاوضات التجارة بين واشنطن وبكين قبيل انتهاء المهلة
وتشير وفقاً لصحيفة "الاقتصادية"، إلى أن تركيبة الدين الأمريكي، من حيث الجهات المالكة لهذا الدين، لا تبدو شديدة الخطورة بالنسبة لاقتصاد بقوة وحجم الاقتصاد الأمريكي.
فنحو 70 في المئة من الدين يعود للأمريكيين والـ30 في المئة الباقية تعود إلى توليفة من المستثمرين الأجانب، ويأتي في مقدمتهم الصينيون.
وبالفعل فإن 32.5 في المئة من الدين الأمريكي أي ما يقدر بنحو 6.89 تريليون دولار ديون للمستثمرين الأمريكيين، وما نسبته 11.2 في المئة أي ما يوازي 2.38 تريليون دولار للاحتياطي الفيدرالي، و27 في المئة أي نحو 5.73 تريليون دولار للحكومة الأمريكية، بينما تبلغ الديون الأمريكية للمستثمرين الأجانب 6.21 تريليون دولار.
ورغم تراجع حصة الصين واليابان في الديون الأمريكية منذ عام 2015، لكن كلا البلدين ما زالا يمتلكان أكثر من تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية، وهناك احتمال بأن تزيد المعدلات عن ذلك إذا أخذنا في الاعتبار أن الحكومة الصينية والمستثمرين الصينيين يمتلكون ديونا أمريكية أكبر، تم شراؤها من خلال كيانات في دول أخرى مثل هونج كونج ولكسمبورج وجزر كايمان وكلها ملاذات آمنة للملاجئ الضريبية.
كما أن توتر العلاقات الأمريكية الروسية دفع موسكو لخفض حيازاتها من السندات الأمريكية إلى 15 مليار دولار فقط، بعد أن بلغت عام 2013 الذروة بنحو 153 مليار دولار.