هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت الحكومة السعودية مؤخرا تسريع وتيرة برنامج السعودة، الذي بدأته قبل سنوات؛ لإحلال مواطنيها محل العمالة الأجنبية.
وأثارت هذه الخطوة قلقا على مستقبل العمالة المصرية في السعودية؛ بسبب تأثيراتها المتوقعة على الاقتصاد المصري بعد عودة هذا العدد الكبير من العمالة إلى البلاد، حيث يقول مراقبون إنها ستهدد بفقدان عدد كبير من العمالة الأجنبية لوظائفهم، وفي مقدمتهم المصريون، الذين يحتلون المرتبة الرابعة بين الجنسيات الأجنبية العاملة في المملكة بعد مواطني الهند وباكستان وبنغلاديش.
وتعوّل مصر على تحويلات العاملين في الخارج، التي توفر أحد الروافد الأربعة للعملة الصعبة بجانب عائدات قناة السويس والسياحة والصادرات.
وبلغت التحويلات من السعودية وحدها 40% من إجمالي تحويلات المصريين في الخارج، والتي سجلت
25.5 مليار دولار في 2018، بحسب البيانات التي أعلنها البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي.
وبدأت السعودية الشهر الماضي تطبيق المرحلة الثالثة والأخيرة من القرار الذي اتخذته في كانون الثاني/ يناير 2018، بتوطين العمالة في 12 مهنة، وقصرها على السعوديين فقط؛ بهدف تقليل معدلات البطالة المتفاقمة بين السعوديين، التي بلغت 12.8% في الربع الثاني من 2018، حيث تهدف المملكة إلى توفير 1.2 مليون فرصة عمل، وخفض معدل البطالة إلى 9% بحلول عام 2022.
ربع مليون عادوا خلال 2018
وفي هذا السياق، قال رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج بالغرف التجارية، حمدي إمام، إن نحو 250 ألف عامل مصري بالسعودية عادوا نهائيا إلى بلادهم خلال عام 2018، موضحا أن غالبية العمالة المصرية العائدة تتمركز في قطاع التشييد والبناء والقطاع الطبي والصيدلة.
وأشار إمام، في تصريحات لصحيفة التحرير المصرية، إلى انحسار الطلب على العمالة المصرية من الدول الخليجية خلال الفترة الأخيرة، موضحا أن الشعبة تبحث حاليا عن أسواق بديلة للسوق السعودية تستوعب العمالة المصرية في كل من أفريقيا وآسيا، خاصة أن الأوضاع في العراق وليبيا ما زالت مضطربة حتى الآن.
من جانبه، أكد نائب رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج بالغرفة التجارية، عبد الرحيم المرسي، أن العام الماضي شهد نزوح عدد كبير من العمالة المصرية بالسعودية؛ بسبب سعودة الوظائف، مضيفا أن نحو 85% من العائلات المصرية بالسعودية عادت إلى البلاد؛ بسبب الرسوم الباهظة التي فرضتها السلطات على المقيمين.
وتوضح بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) أن السعودية تستضيف أكبر عدد من المصريين بالخارج، إذ يبلغ عددهم بالسعودية نحو 2.9 مليون شخص، يشكلون نسبة 46.9% من المصريين المقيمين في كافة الدول العربية الأخرى.
نزوح عكسي
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الخبير الاقتصادي إيهاب الألفي إن العمالة الأجنبية في السعودية تعاني منذ عام 2016 من القرارات التي اتخذتها الحكومة، والتي تضمنت السعودة بجانب فرض رسوم مالية كبيرة ومتضاعفة على المرافقين للعمالة الوافدة، بدأت بدفع 100 ريال شهريا عن كل فرد مرافق بدءا من تموز/ يوليو 2017، تضاعفت إلى 200 ريال عام 2018، وزاد المبلغ إلى 300 ريال هذا العام، إلى أن يصل إلى 400 ريال شهريا عن كل فرد بحلول تموز/ يوليو 2020.
وأوضح الألفي، لـ"عربي21"، أن هذه القرارات سببت ضغطا كبيرا على المصريين في السعودية خلال العامين الماضيين، ما اضطر عدد كبير منهم إلى العودة للبلاد أو على الأقل إعادة أسرته إلى مصر لتقليل نفقاته هناك خاصة، في موجة نزوح عكسي، بعد أن تدهورت الأوضاع الاقتصادية في السعودية بسبب ارتفاع الأسعار والركود الذي أصاب العديد من القطاعات.
ظروف صعبة
وقال مصطفى بهجت، وهو مهندس مصري يعمل في السعودية منذ 13 عاما، إنه يعاني من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في المملكة منذ عدة سنوات، موضحا أنه يتلقى أجزاء فقط من راتبه كل شهر؛ بسبب التعثر المالي الذي تعاني منه شركة المقاولات التي يعمل بها في الرياض.
وأكد بهجت، لـ"عربي21"، أن الرواتب أصبحت متدنية في مواجهة موجة الغلاء التي ضربت معظم السلع والخدمات في البلاد، قائلا إن الراتب بالكاد أصبح يكفي نفقات أسرته الشهرية، وإنه لم يدخر أي ريال منذ ثلاث سنوات، بل إنه اضطر إلى سحب جزء كبير من مدخراته السابقة لتلبية متطلبات زوجته وأولاده الأربعة.
وبسبب هذه التغيرات في السعودية، بدأ آلاف المصريون بالسفر إلى دول لم يعتد المصريون العمل
بها من قبل، مثل الدول الأفريقية وتركيا وماليزيا، بحثا عن فرصة عمل أو استثمار مناسب.
أحمد السيد، طبيب تخدير كان مقيما في مدينة الطائف السعودية حتى أيلول/ سبتمبر الماضي، قال لـ"عربي21" إنه اضطر إلى الانتقال هو وأسرته إلى تركيا للعمل في أحد مستشفيات إسطنبول، بعدما وجد نفسه غير قادر على الاستمرار في العمل بالسعودية مع أسرته.
وأضاف أن الرسوم والضرائب الباهظة التي أقرتها الحكومة مؤخرا أثقلت كاهله، ودفعته للخروج من البلاد.