هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة
"البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن النخب الليبرالية السعودية التي
تواجه "معضلة أخلاقية، بسبب دعمها للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي
يروج لها بن سلمان، في ظل التغاضي عن القمع السياسي الذي يصاحبها".
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن النائب العام السعودي قد أعلن في
نهاية الأسبوع الماضي أنه أنهى التحقيق في قضية الناشطات في مجال حقوق المرأة
اللاتي اعتُقِلن خلال السنة الماضية، وأنه ستقع محاكمتهن قريبا.
وتضع هذه القضية،
شأنها شأن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، النخب الليبرالية السعودية أمام معضلة
أخلاقية، إذ كيف يمكن دعم الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي يروج لها الأمير
محمد بن سلمان دون غض الطرف عن القمع السياسي الذي يرافقها؟
وبينت الصحيفة أن إحدى
الشابات السعوديات النسويات تؤكد بشدة أن هؤلاء الناشطات "لسن
بالخائنات"، قائلة: "لو كانت لجين خائنة لما عادت إلى المملكة العربية
السعودية، كما هو الحال بالنسبة للناشطات الأخريات". وتشير هذه النسوية
السعودية إلى لجين الهذلول، الناشطة الحقوقية السعودية التي اعتقلت خلال السنة
الماضية عشية رفع السلطات الملكية الحظر المفروض على حق المرأة في قيادة السيارة،
وهي القضية التي ناضلت من أجلها لسنوات هي وبقية النساء المعتقلات.
وأوردت أن هذه النسوية
السعودية تبدو منقسمة بين الحماس بشأن التغييرات التي تحدث في بلدها، والصدمة جراء
تصاعد القمع في البلاد. إلى جانب ذلك، سيكون من الصعب التملص من القومية المتفاقمة
للدعاية الرسمية التي تعتبر أن أدنى عملية انتقاد تمثل خيانة للوطن.
وبالإضافة إلى لجين،
تنضمّ إلى قائمة المعتقلات كل من إيمان النفجان والناشطة الحقوقية المخضرمة، عزيزة
اليوسف، إلى جانب سمر بدوي ونسيمة السادة، وبعض الرجال الذين عبروا عن دعمهم
للمطالب النسائية، على غرار محمد الربيع والحقوقي إبراهيم المديميغ. كما لم يكشف القضاء
عن أسمائهم، ولم يوضح الاتهامات الموجهة لهم.
إقرأ أيضا: كارين عطية: حين يذهب كوشنر للرياض يتصاعد قمع ابن سلمان
في المقابل، نشرت
الصحافة السعودية التابعة للسلطات، صفحة كاملة تحمل صورا لوجوههم التي ألصقت عليها
كلمة "خائن" مطبوعة باللون الأحمر، مع نشر شائعات تقول إنهم
"تعاونوا مع الدول الأجنبية". وبالتالي، كانت الرسالة واضحة، حيث وقع
إصدار الحكم ضدهم أمام المحكمة.
ونقلت الصحيفة عن
كاتبة عمود معروفة، التي تعرف العديد من هذه الوجوه، أنها "لا تفهم سبب
اعتقال هؤلاء الناشطات، وأنها لا تعتقد أن ذلك بسبب الحملة التي تتعلق بقيادة
السيارة". وقد تفاقمت هذه القضية على خلفية تنديد منظمات حقوق الإنسان بأن
هؤلاء النساء قد تعرضهن للتعذيب، الأمر الذي نفته السلطات. وأوضحت هذه الكاتبة
قائلة: "في ثقافتنا، وعند الزج بالمرأة في السجن، لا يجب إساءة معاملتها، بل
حتى مجرد لمسها يعد من المحرمات. إنه خط أحمر لا يجب تجاوزه".
وأضافت الصحيفة أن
الانفتاح الاجتماعي الذي تعيشه السعودية كان أحد مطالب النخبة الليبرالية، التي
أصبحت أكثر وضوحا بعد سلسلة التفجيرات والهجمات التي عاشت على وقعها المملكة
العربية السعودية في 12 أيار/مايو 2003.
ونقلت الصحيفة عن أحد
الأشخاص الذين بدأوا العمل مع الحكومة قبل اغتيال خاشقجي بوقت قصير أنه "من
الصعب التوفيق بين حقيقة التغييرات الاجتماعية والقمع الذي يحدث في البلاد. من
جانبه، لا يحتاج بن سلمان إلى شيء من هذا القبيل، فالإصلاحات ليست ضرورية فقط،
وإنما مدعومة". وأضاف قائلا: "كان لدي شكوك وما زلت أحتفظ بها، لكنني
قبلت العمل للمساعدة في التغيير الداخلي للبلاد، وحاولت قدر المستطاع أن أنبّه
السلطات إلى أن هذا النوع من الأحداث من شأنه أن يشوه صورتنا الخارجية وينتقص من
قيمة التغييرات الحقيقية التي يحدثونها".
وأشارت الصحيفة إلى
أنه في إطار محادثات خاصة عقدت لمدة أسبوعين في المملكة العربية السعودية، أعرب
العديد من المحاورين عن اقتناعهم بأن الضرر الذي لحق بصورة البلاد كان "أسوأ
من الذي مسّها على خلفية أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001". وقد سلطت تلك
الهجمات، التي تورط فيها "15 إرهابيا سعوديا من أصل 19 الذين نفذوا العملية،
الضوء على مدى خطورة ما تروج له الوهابية".