مرتكب مجزرة مسجد نيوزيلاندا؛ ارتكب جريمته بكل هدوء وثقة، بل وسعادة، وعلى وقع موسيقى القتل التي يعشقها.
لا شك أن ذلك ينبئ عن شخصية إجرامية يحدد معالمها علماء النفس، لكن على أي حال فهي هي نفس معالم شخصية معظم أعضاء اليمين المتطرف، الذي يحكم جزء منه أمريكا اليوم وعددا من دول أوروبا. ألم يعلن القاتل أن قدوته الرئيس الأمريكي ترامب، باعتباره "رمزا لهوية البيض والأهداف المشتركة المتجددة"، وليس باعتباره "زعيما سياسيا؟!".
يظل السؤال: كيف ارتكب جريمته على أنغام الموسيقي وبكل اطمئنان وثقة وكأنه في نزهة، ودون وجل من أية عواقب، ناهيك عن حالة موات الضمير، علما بأنه أعلن اعتزامه ارتكاب جريمته قبل شهور ولم يتابعه أحد؟
الإجابة: لقد تابع هذا المجرم "الفرد" أنظمة بأكملها تبيد شعوبها وتصفها جميعها بالإرهاب، مثل نظام بشار الأسد الذي قدم له النظام الدولي الحماية، بل أكمل له مهمة إبادة الشعب وتدمير البلاد عبر روسيا.
وتابع انقلابا عسكريا في مصر؛ ارتكب مجازر مروعة وكافأه المجتمع الدولي.
وشاهد تحالفا دوليا تدخل في اليمن بدعوى حماية الشرعية وتحرير البلاد من الحوثيين، فإذا بهذا التحالف يكمل ما بدأه الحوثيون؛ احتل المدن الكبرى والموانئ، ودمر البنية التحتية للبلاد، ونشر الفقر والوباء والمرض، وأذل الشعب، ووجد مددا وعونا وتشجيعا من القوى الكبرى.
يتابع منذ صغره عشرات الحوادث اليومية
العنصرية ضد
المسلمين في كل مكان؛ اعتداءات وقتل واضطهاد وتشويه وشيطنة عبر الإعلام الرسمي.
وجد حكاما وحكومات تحكم شعوبا مسلمة، ولكن تسجن علماءها وتقتل شبابها وتخرب مقدراتها، وتتحالف مع الكيان الصهيوني ضد القدس والأقصى ويتم تكريمهم.
وجد الإسلام محاصرا في بلاده، والمسلمين مهمشين ومضطهدين، فأدرك أن ما يفعله لن يحاسب عليه ولن يقتص منه أحد. وما تلك الإدانات التي لم تتوقف إلا لذر الرماد، ومحاولة إثبات أن الغرب ما زال قلعة الحرية وضد العنصرية والإسلاموفوبيا.
وجد أنها هجمة عالمية ضد الإسلام، بصورة متقطعة ومتوزعة على الكرة الأرضية، وبأشكال متباينة، لكنها تصب في تلك الهجمة بامتياز.