هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ساينس ديلي" تقريرا، حول دراسة أجريت في كلية الطب التابعة لجامعة بايلور في تكساس، وكلية ويل كورنيل مديسين في نيويورك، وتم نشر هذه الدراسة في دورية "ساينس".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الباحثين توصلوا إلى أن استهلاك كمية متواضعة من شراب الذرة الغني بالسكر النباتي "فركتوز"، (وهو شبيه بالقطر الذي يستخدم لتحلية الكنافة والقطائف)، ما يعادل تناول 355 مل من مشروب محلى يوميا، أدى إلى تسريع نمو أورام في أمعاء الفئران، بمعزل عن السمنة المفرطة.
ويذكر الموقع أن فريق البحث اكتشف كيف تغذي المشروبات المحلاة نمو السرطان، ما يشير إلى بعض الاستراتيجيات الممكنة للعلاج.
وينقل التقرير عن المؤلفة المشاركة الدكتورة جيهي يون، أستاذة علم الجزيئات والجينات البشرية في جامعة بايلور، قولها: "هناك عدد متزايد من الدراسات المبنية على المشاهدة أدت إلى الوعي بوجود علاقة بين استهلاك المشروبات المحلاة والسمنة وخطورة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.. وما هو معروف الآن هو أن السكر ضار بصحتنا بشكل رئيسي؛ لأن استهلاك الكثير منه يؤدي إلى السمنة المفرطة، ونعلم أن السمنة المفرطة تزيد من خطر الإصابة بعدد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم؛ لكن ما لم نكن غير متأكدين منه هو إن كان هناك رابط مباشر بين استهلاك السكر والسرطان، فقررت أن أبحث في هذا السؤال المهم عندما كنت أجري أبحاثا في مرحلة ما بعد الدكتوراة في مختبر الدكتور لويس كانتلي في (كلية طب) ويل كورنيل".
ويلفت الموقع إلى أن يون وزملاءها قاموا ابتداء بتوليد نسخة فأر في بدايات سرطان القولون، حيث تم حذف جين (APC)، وقالت يون: "جين APC يعد حارسا ضد سرطان القولون والمستقيم، وحذف هذا البروتين يشبه إزالة كوابح السيارة، فدونه، لا تتوقف خلايا الأمعاء عن النمو ولا تموت، وتولد المراحل الأولى من الأورام التي تسمى السليلة (polyp) وهو (نمو غير طبيعي يشبه الفطر في المناطق المحتوية على أغشية مخاطية)، وأكثر من 90% من المصابين بسرطان القولون والمستقيم لديهم هذا النوع من التحول في جين APC".
ويفيد التقرير بأنه من خلال استخدام هذا النموذج من المرض لدى الفأر فإن الفريق فحص أثر استهلاك الماء المحلى على تطور الورم، وكان الماء المحلى يحتوي على 25% من شراب الذرة عالي السكر المؤلف من جلوكوز وفركتوز بنسبة 45 إلى 55.
ويذكر الموقع أنه عندما قام الباحثون بتوفير الماء المحلى للفئران (نموذج APC) في زجاجات يمكن أن تشرب منها في أي وقت، زاد وزن الفئران خلال شهر واحد، ولمنع الفئران من أن تصبح مفرطة في السمنة ولمحاكاة تناول إنسان لعلبة واحدة من المشروبات الغازية يوميا، فإن الباحثين أعطوا كميات معتدلة من الماء المحلى عن طريق الحقن، مرة في اليوم، وبعد شهرين لم يزد وزن الفئران (نموذج APC) التي كانت تعطى ماء محلى، لكنها طورت أوراما أكبر وبدرجة أكبر من الفئران التي أعطيت ماء عاديا.
ويورد التقرير عن الدكتورة يون، قولها: "إن النتائج تشير إلى أنه عندما تكون لدى الحيوانات أورام في الأمعاء في مراحلها الأولى -وهو ما قد يحصل مع الشباب صدفة ودون انتباه- فإن استهلاك كميات صغيرة من شراب الذرة عالي الفركتوز على شكل سائل يمكنه أن يزيد من نمو الورم وتقدم مرحلته بمعزل علن السمنة الزائدة.. هناك حاجة للمزيد من البحث لترجمة هذه النتائج بالنسبة للبشر، لكن ما استنتجناه من النماذج الحيوانية يشير إلى أن استهلاك المشروبات المحلاة الدائم يقصر من الوقت الذي يحتاجه السرطان للنمو، فلدى البشر عادة يأخذ الأمر ما بين 20 عاما إلى 30 عاما لنمو سرطان القولون والمستقيم من المراحل الأولى من أورام حميدة إلى سرطانات شرسة".
وينقل الموقع عن البروفيسور كانتلي، المؤلف المشارك، والأستاذ السابق للدكتورة يون، قوله: "إن المشاهدات في النماذج الحيوانية قد توضح الارتباط بين تنامي استهلاك المشروبات المحلاة والمأكولات المحتوية على كميات كبيرة من السكر على مدى الثلاثين عاما الماضية وزيادة سرطانات القولون والمستقيم في الفئة العمرية 25 إلى 50 عاما في الولايات المتحدة".
وينوه التقرير إلى أن الفريق قام بدراسة الآلية التي شجع فيها السكر نمو الورم، فوجد أن الفئران (نموذج APC)، التي تعطى كميات قليلة من الشراب عالي الفركتوز، كانت لديها كميات فركتوز عالية في القولون والدم، وكان بإمكان الورم الاستفادة من كل من الفركتوز والجلوكوز من طرق مختلفة.
ويقول الموقع إنه من خلال استخدام تكنولوجيا متقدمة لمتابعة مصير الجلوكوز والفركتوز في أنسجة الورم، فإن فريق البحث أظهر أنه تم تغيير الفركتوز كيماويا، وهذه العملية شجعت على إنتاج الأحماض الدهنية بشكل فعال، وهي التي تساعد في المحصلة على نمو الورم.
وينقل التقرير عن يون، قولها: "معظم الدراسات السابقة استخدمت الجلوكوز أو الفركتوز وحده لدراسة أثر السكر في الحيوانات أو الخلايا. وقلنا إن هذه المقاربة لا تعكس كيف يستهلك الناس المشروبات السكرية، حيث أن المشروبات والأطعمة لا تحتوي فقط على جلوكوز أو فركتوز، إنما يوجد كلاهما معا بكميات متساوية.. وتشير نتائجنا إلى أن دور الفركتوز في الأورام هو تحسين دور الجلوكوز في توجيه عملية تصنيع الأحماض الدهنية، وتوفر الأحماض الدهنية الناتجة يمكن استخدامه من خلايا السرطان لتشكيل أغشية خلوية وجزيئات إرسال إشارات، للنمو أو التأثير على الالتهاب".
وبحسب الموقع، فإنه لتحديد ما إذا كان تحول الفركتوز أو ازدياد إنتاج الأحماض الدهنية هو المسؤول عن نمو الورم، فإنه تم تعديل الفئران (نموذج APC) بحذف الجينات المسؤولة عن فرز الأنزيمات المستخدمة في عملية التمثيل الغذائي للفركتوز وتصنيع الأحماض الدهنية، ففي مجموعة من الفئران أوقف إنتاج أنزيم KHK المسؤول عن عملية التمثيل الغذائي للفركتوز، وفي المجموعة الأخرى أوقف إنتاج أنزيم FASN، الذي يساعد في تصنيع الأحماض الدهنية، ووجدوا أن الفئران التي كان ينقصها أحد الجينين لم تطور أوراما أكبر كما حصل مع الفئران التي لم يتم وقف الأنزيمات فيها.
ويورد التقرير نقلا عن كانتلي، قوله: "كشفت هذه الدراسة النتيجة المفاجئة عن مدى استفادة سرطان القولون والمستقيم من شراب الذرة عالي الفركتوز، الذي يشكل مكونا مهما في معظم المشوربات الغازية والكثير من المأكولات المصنعة، باعتبارها وقودا لزيادة معدل نمو الأورام.. وفي الوقت الذي أظهرت فيه العديد من الدراسات وجود علاقة بين الحمية الغذائية وزيادة معدل سرطان القولون والمستقيم، فإن هذه الدراسة تظهر آلية جزيئية مباشرة للعلاقة بين استهلاك السكر وسرطان القولون والمستقيم".
وينقل الموقع عن يون، قولها: "ما خلصنا إليه يفتح الاحتمالات أمام العلاج، فعلى خلاف الجلوكوز، فإن الفركتوز ليس ضروريا لبقاء أو نمو الخلايا الطبيعية، وهو ما يعني أن العلاجات التي تستهدف عمليات التمثيل الغذائي للفركتوز تستحق البحث، والبديل هو تجنب استهلاك المشروبات المحلاة بقدر الإمكان، بدلا من الاعتماد على الأدوية، حيث سيقلل هذا من وجود السكر في القولون".
ويختم "ديلي ساينس" تقريره بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي توجد هناك حاجة لمزيد من الدراسة للبشر، إلا أن يون وفريق البحث يأملون بأن يساعد هذا البحث على زيادة الوعي العام بالأضرار التي قد يتسبب فيها استهلاك المشروبات المحلاة للصحة البشرية، ويساعد في تقليل الوفيات من سرطانات القولون والمستقيم.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)