هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن وثائق مسربة من داخل البلاط الملكي السعودي، كشفت لأول مرة وبالأدلة تعرض السجناء السياسيين في البلاد لمختلف أنواع الانتهاكات والتعذيب، على الرغم من إصرار الرياض على نفي حصولها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السجناء السياسيين في المملكة العربية السعودية يعانون من سوء التغذية والجروح والكدمات والحروق، وذلك حسب تقارير طبية مسربة يبدو أنه تم تجهيزها لعرضها على الملك سلمان.
وتقدم هذه التقارير للمرة الأولى أدلة موثقة من داخل قلب البلاط الملكي، حول تعرض السجناء السياسيين لانتهاكات جسدية جسيمة، على الرغم من نفي الحكومة السعودية أن النساء والرجال القابعين رهن الاحتجاز يتعرضون للتعذيب.
وأوردت الصحيفة، أنها حصلت على معلومات مفادها أن هذه التقارير الطبية سوف يتم عرضها على الملك سلمان، إلى جانب توصيات تتضمن إمكانية العفو على كل السجناء، أو على الأقل الإفراج المبكر عن أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة.
وأوضحت، أن هذه الخيارات المطروحة تأتي في إطار عملية مراجعة داخلية أذن بها الملك، الذي أمر بإجراء فحوص لحوالي 60 سجينا كثيرون منهم من النساء، وقد تم تسريب بعض هذه التقييمات الطبية لصحيفة "الغارديان"، التي طلبت من الحكومة السعودية التعليق على هذه التقارير الطبية منذ أكثر من أسبوع. ولكن متحدثا باسم الحكومة رفض مناقشة هذه المسألة، رغم منحه المجال للقيام بهذا الأمر في عدة مناسبات، وفي الوقت ذاته، لاحظت الصحيفة أن المسؤولين السعوديين لم ينفوا صحة هذه التقارير المسربة.
اقرأ أيضا: كشف عدد معتقلي الرأي بالسعودية وما يعانونه من إهمال طبي
وأكدت الصحيفة أنها تمكنت بشكل مستقل من التثبت من صحة ومحتوى أحد هذه التقارير الطبية، كما أن الحالة الصحية لأفراد آخرين، مثلما وُصفت في هذه الوثائق، كانت متطابقة مع تقارير ظهرت سابقا تضمنت إشارات إلى وجود تعذيب.
وأشارت إلى وجود ضغوط متزايدة على المملكة السعودية حول مسألة اعتقال ومعاملة السجناء السياسيين، وسط حديث عن تعرض الناشطات السعوديات للصعق الكهربائي والجلد في الاحتجاز. وعلى إثر حادثة اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي، أشارت تقارير إلى أن الملك سلمان أمر بمراجعة قرارات توقيف واحتجاز حوالي 200 من الرجال والنساء، في إطار حملة كان قد أمر بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وحسب مصادر مطلعة على عملية المراجعة، فإن القصر الملكي تجاهل اعتراضات مساعدي ولي العهد، وسعى للقيام بفحوص طبية لعدد من المعتقلين، لمعرفة حالتهم الصحية. وكان بين من خضعوا للفحص، عادل أحمد باناعمة، ومحمد سعود البشر، وفهد عبد العزيز السنيدي، والكاتب زهير كتبي، وعبد العزيز فوزان الفوزان، وياسر عبد الله العياف. أما النساء اللواتي تم فحصهن فكان بينهن سمر محمد بدوي، والدكتورة هتون أجواد الفاسي، والطبيبة عبير النمنكاني.
وقد علمت الغارديان أن هذه الفحوصات تمت في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، وتم تضمين هذه التقارير الطبية، التي تم التأشير عليها بعبارة السرية، في عملية مراجعة مفصلة تضمنت ثلاث توصيات عامة للملك حول الخطوات المقبلة. كما كانت هذه التقارير الطبية مرفوقة بتعليقات تشير إلى أن كثيرين من المعتقلين تعرضوا لمعاملة سيئة جدا ويعانون من مجموعة من المشاكل الصحية. وفي كل الحالات تقريبا، طالبت التقارير بنقل المعتقلين بشكل عاجل من الحبس الانفرادي إلى مركز طبي.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الملاحظات الطبية تضمنت ما يلي: "المريض يعاني من انخفاض حاد في الوزن ويتقيأ الدم بشكل متواصل. هناك أيضا عدد من الجروح والكدمات المتفرقة على الجسم". وورد أيضا "هناك عدد من الجروح البارزة في الصدر وأسفل الظهر". "المريض يجب نقله من الحبس الانفرادي إلى مصحة متخصصة للحصول على العلاج الفوري والمزيد من الفحوص الطبية".
"المريض يعاني من صعوبة في المشي بسبب عدد من الكدمات الواضحة في منطقة الساقين. وهناك أيضا عدد من الجروح التي يمكن رؤيتها في الساعد ومنطقة أسفل الظهر. كما أن سوء التغذية وجفاف الجلد واضحان".
"المريض يعاني من عدد من الكدمات الواضحة في الجسم، خاصة في مناطق الظهر والبطن والفخذين. وهو يعاني أيضا من سوء التغذية بسبب نقص الطعام، إلى جانب شحوب الوجه وضعف عام في الجسم".
اقرأ أيضا: بيان للجنة بالكونغرس يتعلق بوليد فتيحي المعتقل بالسعودية
"المريض لا يمكنه التحرك مطلقا بسبب جروح في الساقين إلى جانب ضعف عام في الجسم بسبب سوء التغذية ونقص السوائل". "المريض يعاني من حروق شديدة في كامل الجسم، وحروق قديمة لم تشف تماما بسبب الإهمال الطبي". "المريض يعاني من صعوبة في الحركة بسبب سوء تغذية حاد ونقص عام في السوائل. هناك عدد من الكدمات والجروح والتقرحات في أنحاء الجسم".
وأفادت الصحيفة بأن التوصيات الصادرة عن مستشاري الملك، تتضمن العفو عن كل السجناء السياسيين، والإفراج عن المعتقلين منذ سنة 2017، وإطلاق سراح السجناء الذين يعانون من مشاكل صحية. ويوم الخميس الماضي، كانت السعودية قد أفرجت بشكل مؤقت عن ثلاث نساء، يُعتقد أنهن عزيزة اليوسف، إيمان النفجان والدكتورة رقية محارب.
وأشارت إلى أن المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن، أكد في وقت سابق أن المملكة موقعة على معاهدة مناهضة التعذيب، وهي تمنع استخدام هذه الأساليب. ولكن الغارديان أكدت تلقيها تحذيرات من العديد من خبراء حقوق الإنسان، من أن سعيها للاتصال بعائلات المعتقلين أثناء إعدادها لهذا التقرير، قد يعرض أفراد هذه العائلات الذين يعيشون في داخل السعودية لخطر كبير.
ونقلت الصحيفة عن ناشط حقوقي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الأوصاف التي تضمنتها هذه التقارير المسربة حول الأفراد الذين يقبعون في الحبس الانفرادي، متطابقة مع الأدلة التي جمعها نشطاء آخرون. وأضاف هذا الناشط أن الطريقة الوحيدة للتأكد بشكل كامل من صحة هذه الوثائق، هي السماح لمراقبين مستقلين بمقابلة هؤلاء المعتقلين، وإجراء تقييمات يتم الكشف عنها أمام العلن.
وأضاف المصدر ذاته أن المعتقلات من النساء تعرضن للصعقات الكهربائية والتقييد فوق الكراسي والضرب في منطقة الفخذين والظهر والأرداف باستخدام العقال، وهو قطعة من اللباس التقليدي السعودي يضعه الرجال فوق رؤوسهم.