هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحافية الأمريكية الإسرائيلية ماعيراف زونزين، تقول فيه إنه للمرة الثانية خلال ستة أشهر، قام شخصان يقولان إنهما ممن يؤمنون باستعلاء العرق الأبيض بفتح النار على يهود في بيت عبادتهم على الأراضي الأمريكية، لمجرد كونهم يهودا.
وتشير زونزين في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه للمرة الثانية خلال ستة أشهر، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عمليتي قتل اليهود الأمريكيين من شخصين يقولان بأنهما يؤمنان باستعلاء العرق الأبيض، دون ذكر للمجرمين، أو ذكر لأيديولوجيتهما اليمينية القائمة على استعلاء العرق الأبيض.
وتلفت الكاتبة إلى أنه في شجبه للهجوم، الذي وقع في كنيس تشاباد في بوواي في كاليفورنيا، غرد نتنياهو على "تويتر"، واصفا الحادث بأنه هجوم على "قلب الشعب اليهودي"، لكنه أتبع ذلك بتأكيد غامض بأن "على المجتمع الدولي أن يبذل جهدا أكبر في مكافحة معاداة السامية"، ولم يقم بوصف المهاجم بأنه "إرهابي"، الذي يقوم هو وغيره من القيادات الإسرائيلية والإعلام باستخدامه عندما يكون مرتكب العنف مسلما أو عربيا، حتى عندما لا يكون الضحايا يهودا.
وتقول زونزين إن "سياسة نتنياهو لن تسمح له بشجب الأيديولوجية المعادية للسامية ما لم تظهر بمظهر إسلامي واضح، فمعاداة السامية التي لا علاقة لها بمجموعات يراها نتنياهو أنها عدوة لإسرائيل، بالكاد تؤثر عليه".
وتبين الكاتبة أن "نتنياهو أكثر وردية في أوصافه للتهديدات التي تتماشى مع نظرته للعالم، لكنه وصف الفلسطينيين وغيرهم من العرب بـ(وحوش برية)، يسعون لاختراق الحدود الإسرائيلية، وسمى الحرب مع الإسلام المتطرف بـ(صراع حضارات)، وفي شهر شباط/ فبراير بعد أن تم الاعتداء على 80 قبرا يهوديا في فرنسا لكن لم يصب أحد بأذى، كان رد فعله أكثر صرامة، حيث وصف من ارتكبوا ذلك بأنهم (معادون للسامية همجيون)، ووصف الفعل بأنه (وباء يهدد الجميع، وليس نحن فقط)، وكان إسرائيليان انتقلا حديثا إلى كاليفورنيا قد جرحا في هجوم معبد تشاباد، لكن نتنياهو لم يستطع أن يجمع ما يكفي من الغضب لشجب ما هو واضح أنه نموذج عنف له مصدر محدد".
وترى زونزين أن "دعوته الغامضة ليتصرف (المجتمع الدولي) محيرة، حيث أن نتنياهو نفسه متحالف مع الزعماء المعادين للسامية، فمن يتوقع إذن أن يكافح معاداة السامية؟ فيكتور أوربان، المصاب برهاب الأجانب وتنطبق عليه أوصاف معاداة اليهود كلها؟ أم رئيس البرازيل، جائر بولسونارو، الذي قال مؤخرا إنه يمكن الصفح عن المحرقة، وبأن النازية حركة يسارية؟ أم الرئيس ترامب، الذي قام قبل يوم من هجوم سان دياغو بإعادة تغريدة من سنتين بأن هناك بعض (الأشخاص الجيدين) بين النازيين الجدد في تشالوتسفيل، الذين كانوا يهتفون (لن يستبدلنا اليهود)؟، (استغرق الأمر ثلاثة أيام من نتنياهو للرد على تلك المظاهرة)".
وتقول الكاتبة: "أما المؤسسات اليهودية الرائدة المتخصصة في مكافحة معاداة السامية، وكلها دون شك مؤيدة لإسرائيل، تشير الآن إلى استعلاء العرق الأبيض، وفي بيانه حول إطلاق النار قال متحف المحرقة في القدس، ياد فاشيم، إنه (يشجب بشدة الأفعال المعادية للسامية من العنصريين البيض في بيت العبادة هذا)".
وتلفت زونزين إلى أن رابطة مكافحة التشهير غردت يوم الأحد بأن "الإرهاب المحلي والاستعلاء الأبيض تهديدان خطيران"، وقال أحد موظفي الرابطة في مقال له بأن إدارة ترامب لا تفعل ما يكفي لمكافحة الظاهرة، فيما نشرت الرابطة تقريرا في كانون الثاني/ يناير بعنوان "عنف اليمين المتطرف هو أكبر تهديد لنا. الأرقام لا تكذب".
وتنوه الكاتبة إلى أنه بحسب إحصائيات الرابطة، فإن المتطرفين المحليين قتلوا ما لا يقل عن 50 شخصا في أمريكا العام الماضي، وكان المتهمون بارتكاب تلك الجرائم بشكل كبير "مرتبطين باليمين المتطرف"، بالإضافة إلى أن "العنصريين البيض كانوا مسؤولين عن معظم حوادث القتل، وهذا هو الأمر عادة".
وتورد زونزين نقلا عن رابطة مكافحة التشهير، قولها إن "المتطرفين اليمينيين بالمجمل كانوا مسؤولين عن أكثر من 70% من حوادث القتل المتعلقة بالمتطرفين، التي بلغ عددها 427 على مدى العشر سنوات الماضية، وهي أكثر بكثير مما ارتكبه المتطرفون اليساريون، حتى مع الارتفاع الكبير للقتل الذي قام به المتطرفون المسلمون على مدى الخمس سنوات الماضية".
وتستدرك الكاتبة بأن "نتنياهو لن يعترف حتى بمن يرتكبون الجرائم، وبرفضه شجب القوميين البيض، فإنه ينكر وجود مشكلة إرهاب من العنصريين البيض في أمريكا وبقية العالم، بالرغم من قيام من يدعون بأنهم قوميون بيض بقتل 12 مصليا يهوديا أمريكيا و50 مصليا مسلما في نيوزيلندا".
وترى زونزين أن "رفض نتنياهو الاعتراف بهذه الإحصائيات يرسل رسالة بأن الحكومة الإسرائيلية لا تهمها التهديدات الأمنية التي تواجه اليهود في أمريكا، وتساعد في زيادة تعريضها للخطر، ومن هذه الناحية فإنها الوجه الآخر لادعاء بعض الإسرائيليين بأن يهود أمريكا لا يفهمون مدى خطورة الوضع الأمني في إسرائيل".
وتجد الكاتبة أن "السبب خلف ذلك يبدو شفافا، فبعد مذبحة المعبد في بتسبيرغ، عقد نتنياهو اجتماعا لحكومته تحدث خلاله عن (معاداة السامية الجديدة) في أوروبا، و(الإسلام المتطرف)، وهما ظاهرتان لم تؤديا دورا في إطلاق النار القاتل في بتسبيرغ، الذي قام به من يدعي أنه قومي أبيض يبغض المهاجرين، لكن نتنياهو لم يذكر القومية البيضاء حتى مرة واحدة، والرجل الذي تم اعتقاله بعد هجوم سان دياغو قال بصراحة إن هجوم كرايستشيرتش في نيوزيلندا هو الذي ألهمه، وهناك تحقيق في قيامه بحرق مسجد، وأيديولجيته المعادية للسامية هي ذاتها معادية للإسلام، لكن نتنياهو لا يبدو أنه يعترف بأن اليهود والمسلمين يتعرضون للكراهية ذاتها، إن ذلك لا يتواءم مع روايته أو استراتيجيته".
وتقول زونزين: "لذلك، فإن إسرائيل، التي من المفترض أن تكون ملاذ أمان لليهود، والتي تحمل راية مكافحة معاداة السامية في كل مكان في العالم، ترفض أن تعترف بوجود النموذج الأكثر وضوحا وكلاسيكية للمشكلة، ولا تقوم بشيء تجاه تجسيد للقومية الإثنية البيضاء التي تندفع بقوة شديدة في أمريكا، والتي ضحاياها ليس اليهود فقط، لكن من يصورهم نتنياهو بأنهم أشد أعداء إسرائيل، وهم المسلمون، وقد وضع نتنياهو إسرائيل في موضع لا تستطيع فيه سياسيا ولا أخلاقيا أن تدافع عن اليهود ضد معاداة السامية؛ لأنه عرفها بشكل ضيق ومضلل".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "النتيجة هي أن يهود أمريكا الذين يبحثون عن الراحة -ويقررون المكافحة لتحقيق سلامتهم وطريقتهم في العيش- لا يستطيعون أن يجدوها في الدولة اليهودية: التي يرتكز وجودها أصلا على ضرورتها لبقاء اليهود".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)