هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خريطة طريق الثورة
المرحلة الانتقالية للتحرر من استبداد النظم الحالية، إلى التحرر الكامل، تبدأ مع خروج الثوار إلى الشارع ووحدتهم واحتشادهم حول علم واحد هو علم الوطن، ومطلب واحد هو الحرية، وثباتهم وصمودهم وفرض إرادتهم الشعبية على النظام الحاكم، وصولا إلى التسليم الكامل للسلطة وتأسيس نظام ديمقراطي حقيقي، وولوج مسار التنمية والنهوض الذاتي لتحقيق التحرر الكامل من حاجة التبعية، ومن استبداد النظام الحاكم في الداخل.
فعملية التحرر تمر عبر عدة مراحل، تتخللها سلسلة شبه متكررة من الإجراءات:
1- خلع أو تنحي أو هروب الرئيس.
2- انتقال السلطة إلى المجلس العسكري، وانتقال التفاوض الثوري إلى صراع ناعم مع المجلس العسكري.
3- قرارات عاجلة للمجلس العسكري بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، والقبض على بعض رموز النظام السابق عسكريين وسياسيين لتحقيق أهداف:
أ- امتصاص غضبة الشعب والتودد إليه وكسب ثقته، ووقف اعتصامه وخروجه للشارع.
ب- تسوية بعض الحسابات الداخلية الخاصة بين العسكر وبعضهم البعض.
جـ- تمهيد الطريق أمام الحاكم الجديد الذي توافق عليه العسكر فيما بينهم، بتخلية الطريق أمامه من أي منافسين محتملين على السلطة.
د- محاولة إلهاء الشعب في مكاسب جانبية وهمية عن الهدف الكبير، وهو تسليم السلطة للشعب وعودة الجيش لثكناته ومهمته الأساسية في حماية الحدود.
4- إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لأسباب تتعلق بإعادة ترتيب القيادة والولاءات الجديدة.
5- سيطرة المجلس العسكري على مقاليد الحكم، والدعوة إلى مرحلة انتقالية يتولى فيها العسكر إدارة البلاد لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية.
6- ومع الوعى الجمعي للثوار واستمرار الثوار في الميادين والحرص على رفع سقف المطالب بفعل قوة دفع الضغط الشعبي، والحسم التفاوضي مع المجلس العسكري، يتجه المجلس العسكري إلى المراوغة بعدد من الأساليب المتوقعة من أهمها:
- إشغال الثوار ببعض المكاسب الثانوية الجانبية.
- توجيه دعوات انتقائية للحوار الوهمي مع نفسه.
- محاولة تفكيك البنية التحتية للثوار بقرارات تجميد بعض مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة.
- محاولة شق الصف الثوري بكافة الوسائل المختلفة، واستقطاب بعض أو أحد الأطراف للتفاوض معه، ودعمه ورعايته، وإقصاء وتشويه وتجريم والقضاء على بقية الأطراف الأخرى.
- محاولة افتعال العنف والتدخل للحسم، وفرض النظام وحظر التجول والسيطرة على المشهد.
- عرض توزيع السلطة مع الشعب على أن تكون السلطات السيادية للمجلس العسكري، بمعنى حكومة سكرتارية للمجلس العسكري.
7- ومع نمو الوعي الثوري وصمود الثوار في الميادين وتزايد الضغط، يضطر المجلس العسكري للتراجع للخلف عدة خطوات لتقاسم السلطات السيادية مع الشعب.
8- ومع المزيد من الوعى الشعبي والصمود والضغط في الميادين، يتراجع المجلس أكثر وأكثر نحو تسليم السلطة إلى الشعب، مع التحول إلى المراوغة والالتفاف على الثورة عن طريق استخدام الدستور القديم وتفعيل ما يحتاجه من مواد، بهدف المحافظة على بقائه في الحكم، والتمهيد لعودة الدولة العميقة بعد إعادة إنتاج وتجميل نفسها.
السيناريوهات المتوقعة ومؤشر كل منها
السيناريو الأول: أن يقوم المجلس العسكري بإجراء بعد التعديلات الطفيفة على الحكم، ودون الوصول إلى الجوهر المطلوب في ما يتعلق بالحريات وتسليم السلطة للمدنيين، ومؤشره طول المراوغة بحلول جزئية وامتصاص غضبة الثوار تدريجيا، والعمل على تفكيك الصف الثوري... الخ، وتجاهل مطالب الثوار ومحاولة فرض سياسية الأمر الواقع.
السيناريو الثاني: أن يقوم المجلس تحت الضغط المتزايد للثوار بالوصول إلى صيغة توافقية مع الثوار؛ يصبح فيها كلا الطرفين فائزا.. الشعب يفوز ببعض الحريات، ويفوز المجلس العسكري بالمحافظة على مصالحه واستمرار وتأمين وجوده نسبيا، ومؤشر ذلك أن يبدأ المجلس العسكري في تعريف نفسه كضامن لانتقال السلطة واستقرار البلاد.
السيناريو الثالث: التحول إلى دولة مدنية كاملة يتم فيها تسليم السلطة كاملة للشعب، ويصبح الرئيس المنتخب للبلاد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويمثل الجيش بوزير للدفاع والأمن بوزير للداخلية، تحت إمرة رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.
أزمة الاحتكام إلى دستور الاستبداد
وهنا تنشأ أزمة كبيرة مفادها الاحتكام إلى الدستور، والذي يعد المرجعية القديمة التي كانت قبل الثورة، والتي قامت الثورة عليه أساسا كنظام سياسي متكامل يتكون من دستور وأشخاص ومؤسسات وأفكار ومنهج للحكم.
وفى غالب الأمر، فإن هذا الدستور الذي قامت الثورة عليه مليء بالمواد المعدة خصيصا لبقاء النظام المستبد وحمايته حال تعرضه للخطر، بل والعمل على استعاده سريعا إلى السلطة مرة أخرى. كما أنه في الغالب ملغم بالعديد من المواد التي أعدت لإعاقة أي حركة تغيير يمكن أن تتم.
لذلك لا بد من يقوم الثوار أنفسهم، وعبر أكبر قدر من المشاركة من كافة مكونات وشرائح المجتمع، بالمسارعة بإعداد استباقي لدستور جديد مؤقت، يكن جاهزا بين أيديهم ومرفوعا في ميادين الثورة للمطالبة به لإدارة المرحلة الانتقالية، لضمان تحقيق عدد من الأهداف المهمة:
- تجسيد مطالب الثوار في شيء مادي متقدم يعبر عن ثورتهم ومطالبهم، وتتم دعوة الثوار إلى الثبات والصمود على المطالبة به، بديلا ثوريا لإدارة المرحلة الانتقالية.
- يمثل أول انتزاع رسمي ومكسب حقيقي للثوار، بالاعتراف بالثورة وبمطالب الثوار.
- قطع الطريق على المجلس العسكري للانفراد الكامل بالسلطة.
- تأكيد إعادة التموضع الجديد للثوار بموازين القوة الجديدة في إدارة الدولة، وإثبات حق الوافد الجديد، وهو الشعب، في المشاركة الجادة في الفعل السياسي.
- إنتاج مرجعية جديدة صالحة لإدارة المرحلة الانتقالية، بديلا عن المرجعية القديمة الملغومة بمواد معيقة للثورة والتحول الديمقراطي.
- تجاوز أزمة قرارات للمجلس العسكري بحل أو تجميد شيء من مؤسسات الدولة حتى ينفرد بجميع سلطات الدولة.
- تجاوز أزمة الفراغ الدستوري في حالة تجميد العمل به.
- فرض القيم الجديدة للثورة، وترجمتها إلى مبادئ دستورية تحمل في طياتها خريطة طريق للتحول الواجب فعله.
- القدرة على وضع مواد دستورية ثورية للمحافظة على مقدرات الدولة من الهروب خارج البلاد.
- القدرة على تحصين البلاد بمواد دستورية ثورية تحفظ البلاد من التدخل الخارجي لإجهاض الثورة.
الاعتبارات الأساسية في تصميم دستور مؤقت لإدارة المرحلة الانتقالية:
- تناول كافة المشاكل المتوقع مواجهتها أثناء إدارة المرحلة الانتقالية.
- تفهم مخاوف ومطالب المجلس العسكري (مخاوف أدلجة الدولة وتغيير هويتها، وتقليص صلاحياته ودوره وضياع مكتسباته، واحتمالات تعرض أفراده للمحاسبة، مخاوف تعرض البلاد للفوضى... الخ)، والتعاطي معها بحكمة، حتى تُضمن استجابته ومرونته في التعاطي مع مراحل التحول.
- تجسيد تطلعات الشعب في مطالب موضوعية محددة ومتدرجة.
- حماية وتحصين الثورة من الأيديولوجيات القاتلة المقوضة للثورة.
- حماية وتحصين الثورة من التدخل الخارجي، ووضعه تحت مراقبة الثورة.
- مشاركة كل المكونات المجتمعية في تصميم مواد هذا الدستور الثوري المؤقت، وطرحه للثقة على كافة الشرائح المجتمعية.