صحافة دولية

الغارديان: أدلة تثبت وجود حملة تستهدف المساجد في الصين

الغارديان:  ظهور أدلة جديدة تثبت هدم الصين لمساجد تشينجيانغ- جيتي
الغارديان: ظهور أدلة جديدة تثبت هدم الصين لمساجد تشينجيانغ- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعدته ليلي كو، تقول فيه إن تحقيقا للصحيفة وموقع "بيلينكات"، كشف عن حجم الدمار الذي مارسته الصين ضد المساجد في إقليم تشينجيانغ

وتبدأ كو بالحديث عن مقام عاصم، الذي يحتوي على رفات محارب من القرن الثامن، وصل مدينة تاكلامكان الواقعة على طرف الصحراء الصينة، الذي يتحول كل ربيع إلى مكان للحجيج، يتدفق إليه آلاف المسلمين الإيغور, ويقدمون له الهبات ويبتهلون بالأدعية.  

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الحجاج يأتون من واحة هاتون طلبا للشفاء والمغفرة والخصب، لافتا إلى أن مولد عاصم يعد من أكبر الاحتفالات الدينية في المنطقة، وعادة ما يترك الزوار وراءهم العطايا، ويربطون أدعية على جذوع الأشجار. 

وتفيد الصحيفة بأن لدى المسلمين في المنطقة اعتقادا بأن من يزور المزار ثلاث مرات فكأنه حج إلى مكة، وهي رحلة لم تعد ممكنة للكثير من المسلمين في إقليم تشينجيانغ، مشيرة إلى أن المزار كان فارغا من الزوار في هذا العام، ودمر مسجده أو الخانقاه الصوفية، ولم يعد العلم موجودا ولا الأدعية، فقط يقف القبر وحيدا.

ووجد تحقيق لـ"الغارديان" و"بيلينكات" أن مزار عاصم هو واحد من عشرات الأماكن الدينية التي دمرت جزئيا أو بالكامل في الإقليم ذي الغالبية المسلمة منذ عام 2016، ويقدم صورة عن حجم تدمير المساجد في المناطق الصينية، حيث تقول منظمات حقوق الإنسان إن الأقلية المسلمة تعاني من اضطهاد شديد.

وتلفت الكاتبة إلى أن المحلل في "بيلينكات" نيك ووترز و"الغارديان" قاما بفحص صورة التقطتها الأقمار الصناعية، وأظهرت 100 مسجد عانت من دمار جزئي أو كامل، مشيرة إلى أن الصحيفة والموقع اعتمدا على الباحثين والمواطنين السابقين لتحديد الأماكن. 

ويبين التقرير أن من بين 91 موقعا تم تحليله، فإن 31 مسجدا ومزارين، بينهما مزار عاصم، عانت من ضرر كبير لحق بها في الفترة ما بين عام 2016- 2018، مشيرا إلى أن من بين هذه الأماكن الدينية هناك 15 مسجدا يبدو أنها جرفت تماما، أما باقي المساجد فقد تم تدمير قبابها أو بواباتها، وتمت إزالة المنارات عنها، وتم تحديد 9 مواقع أخرى من سكان الإقليم السابقين بأنها مساجد، فيما تم تدميرالبنايات التي لم تعلم على أنها مساجد بسبب عدم وجود القباب والمنارات.

وتقول الصحيفة إن الصين شنت حملة رقابة واسعة ضد مسلمي الإقليم باسم مكافحة التطرف، لافتة إلى أن معظم المسلمين من أقلية الإيغور، التي تشترك في الثقافة مع دول وسط آسيا أكثر من الهان الذين يشكلون غالبية سكان الصين. 

وتورد كو نقلا عن الباحثين، قولهم إنه تم إرسال 1.5 مليون من الإيغور وغيرهم من المسلمين بطريقة تعسفية إلى معسكرات "إعادة التعليم"، وهو ما تنفيه السلطات في بكين، مشيرة إلى أن المدافعين عن حقوق المسلمين في الصين يقولون إن السلطات هدمت وجرفت مئات أو آلاف المساجد كجزء من الحملة. 

ويستدرك التقرير بأنه في ظل غياب السجلات عن هذه الأماكن، ومعظمها مساجد في القرى أو مزارات صغيرة، فإنه من الصعب التأكد منها، للصعوبات التي يواجهها الصحافيون والباحثون المستقلين، بالإضافة إلى تردد المسلمين في تشينجيانغ في التأكيد على وجود معسكرات الإعتقال. 

وتذكر الصحيفة أن الأماكن التي تم تحديدها تؤكد ما ورد في تقارير سابقة، وتعبر عن إشارة تصعيد في ظرف القمع الحالي، مشيرة إلى قول الباحثين إن تدمير المزارات، التي تعد أماكن حجيج للسكان في المنطقة، يمثل شكلا من أشكال الهجوم على ثقافتهم. 

وتورد الكاتبة نقلا عن المؤرخ عن الإسلام في جامعة نونتغهام ريان ثوم، قوله: "صورة مقام عاصم وهو مدمر صادمة، وتحطم قلوب الحجاج إليه". 

وينوه التقرير إلى أن الناس كانوا قبل القمع يرحلون على مسافة 70 كيلومترا لمقام جعفر الصادق، الذي يعتقد السكان أنه مجاهد سافرت روحه للمساعدة في وصول الإسلام لإقليم تشينجيانغ، لافتا إلى أنه تم تدمير المزار الواقع في الصحراء في شهر آذار/ مارس 2018، فيما لم يبق من المباني التي أقيمت لاستقبال الحجاج أي شيء، بحسب الصور الفضائية التي التقطت هذا الشهر. 

ويقول ثوم: "لا شيء يعطي الإيغور صورة عن محاولات الدولة الصينية قطع جذورهم الثقافية، أو تحطيم علاقتهم ببلدهم، من تشويه مقابر أجدادهم والمزارات التي تعد علامة لتاريخ الإيغور.. عندما يكبرون فإن كل شيء سيصبح غريبا عليهم".

وتقول الصحيفة إن مسجد كارغيلك، الواقع وسط مدينة قديمة في جنوب تشينجيانغ واسمها كارغيلك، كان أكبر مسجد في المنطقة، وكان سكان القرى المحيطة به يجتمعون فيه كل أسبوع، مشيرة إلى أن السكان يتذكرون برجه العالي، ومدخله الجميل، والورود والازهار التي شكلت حديقة في ساحته الداخلية. 

وتشير كو إلى أن الناشطين على الإنترنت عرفوه باسم "شون تشانغ"، ويبدو أنه دمر كاملا في عام 2018، وتم محو بوابته والبنايات الأخرى، بحسب الصور التي التقطت من الفضاء، لافتة إلى أن ثلاثة مسؤولين يعملون في مطعم وفندق قريب قالوا إن المسجد دمر منتصف العام الماضي، وقال عامل في مطعم "لقد ذهب وكان الأكبر في كارغيلك".

ويكشف التقرير عن أنه تم تدمير مسجد كبير آخر، وهو يوتيان عيتقة قرب مدينة هوتان، وتمت إزالته على ما يبدو العام الماضي، لافتا إلى أن الناس كانوا يجتمعون فيه للاحتفالات الدينية، باعتباره المسجد الأكبر في المنطقة، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر. 

وتستدرك الصحيفة بأنه رغم كونه مصنفا ضمن قائمة المباني التاريخية والأماكن الثقافية، فإنه قد تمت إزالة بوابته والمباني المحيطة به في نهاية عام 2018، مشيرة إلى أنه تم تدمير المبنى الذي تم إصلاحه في نهاية القرن الماضي على ما يبدو. 

وتنقل الكاتبة عن واحدة من السكان، قولها إنها سمعت عن إعادة لبناء المسجد من جديد، لكن بحجم أصغر، لفتح عدد من المحلات الجديدة، لافتة إلى أن اثنين من السكان المحليين عملا قرب المسجد، صاحب فندق وعامل في مطعم، قالا إن المسجد أزيل، وقال صاحب مطعم من الهان: "ذهبت الكثير من المساجد. وفي الماضي، كان في كل قرية مثل منطقة يوتيان واحد". 

ويلفت التقرير إلى أن صاحب المطعم قدر نسبة المساجد التي أزيلت بحوالي 80%، وقال: "في الماضي كانت المساجد هي أماكن يجتمع فيها المسلمون للصلاة والمناسبات الاجتماعية، وتم إلغاء هذا كله في السنوات الماضية، ولا يحدث هذا الأمر في يوتيان فقط، بل في منطقة هوتان كلها". 

وتنقل الصحيفة عن الناشطين، قولهم إن تدمير المساجد والأماكن التاريخية هو طريقة لدمج الجيل القادم من الإيغور، لافتة إلى أنه بحسب السكان السابقين في الإقليم، فإن السكان توقفوا عن الذهاب إلى المساجد، التي تم نصب كاميرات رقابة عندها، ويطلب من المرتادين لها تسجيل أرقام هوياتهم.

 

وتنوه كو إلى أن الزيارات للمزارات الشهيرة، مثل مقام عاصم، توقفت منذ سنين، مشيرة إلى أن النقاد يقولون إن إزالة المساجد والبنايات تجعل من الجيل الجديد غير واع لهويته الثقافية المتميزة. 

ويورد التقرير نقلا عن مواطن إيغوري سابق، قوله: "لو أخذت من الجيل الجديد آباءهم من جهة، وتراثهم الثقافي من جهة أخرى، الذي يذكرهم بأصلهم، فعندما يكبرون يصبح هذا كله غريبا عليهم"، وأضاف: "لقد تم تدمير المساجد، وهي واحدة من الأشياء التي نشاهدها، وما يجري من أفعال أخرى هو مخف ولا نعلم به، وهذا مخيف".  

وتشير الصحيفة إلى أن السلطات الصينية تنفي أنها تقوم بحرمان الأقليات الدينية من حقوقها، وتدمر مساجد المسلمين، وترسلهم لمعسكرات إعادة التعليم، لافتة إلى أنه عندما سئل وزير الخارجية لو كانغ عن تدمير المساجد الشهر الماضي، فإنه أجاب بالنفي، وقال: "هناك 20 مليون مسلم و35 ألف مسجد في الصين، ويمكن لغالبية المؤمنين ممارسة عبادتهم بحرية ضمن القانون". 

وتتساءل الكاتبة قائلة: "لكن هل بكين تتحدث بصراحة عن خططها لـ(تصيين) الإسلام والمسيحية لتتناسبا مع (الظروف الوطنية)؟ ففي كانون الثاني/ يناير مررت الصين خطة مدتها خمس سنوات لجعل الإسلام متوافقا مع الاشتراكية. 

ويلفت التقرير إلى أنه في خطاب في آذار/ مارس، ألقاه تشين غوانغو، وهو الرجل الذي يشرف على القمع منذ عام 2016 في الإقليم، قال إن الحكومة عليها تحسين الأماكن الدينية حتى يتكيف الدين مع الاشتراكية والعكس، مشيرا إلى أن إزالة الأماكن الدينية هي واحدة من الطرق لعمل هذا الأمر. 

وتنقل الصحيفة عن أستاذ الإسلام في منطقة تشينجيانغ في جامعة سيدني، ديفيد بروفي، قوله: "المعمار الإسلامي في تشينجيانغ مرتبط بمعمار الهند ودول وسط آسيا، ما يربط الإقليم ببقية العالم الإسلامي"، ومن هنا فإن تدمير هذا المعمار يسهل الجهود أمام تشكيل هوية صينية للإسلام في الإيغور. 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إل قول الخبراء إن تدمير المساجد والأماكن الدينية هو عودة متطرفة لم ير مثلها منذ الثورة الثقافية، أو سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تم حرق المساجد أو حولت لمتاحف كطريقة لنزع القداسة عنها.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
لمياء
الجمعة، 10-05-2019 04:49 م
من اجل انشاء طريق الحرير لا يهمهم ما يفعلون فيمن يجدونه في طريقهم فشماعة الارهاب موجودة في اي وقت تسلط على رقاب المعارضين او المعترضين كانوا اصحاب اراضي او كان كان للعبادة