تجاهلت الحكومة
المصرية مطالب أصحاب 19 مصنع درفلة
حديد المعتمدة على استيراد البليت الخام لتشكيل
المنتج الحام، بتأجيل فرض رسم وقاية على خام البليت بنسبة 15%.
وتقدمت مصانع الدرفلة،
الأسبوع الماضي، بطلب إلى مجلس الوزراء، ووزارات المجموعة
الاقتصادية يوضح حجم
الخسائر التي تتعرض لهم مصانعهم جراء استمرار إغلاقها.
وتضمن الطلب وقف تنفيذ
القرار لحين الانتهاء من دراسة ميزانيات مصانع الدرفلة، وفي حالة عدم ثبوت أحقيتهم
في عدم فرض رسوم على خام البليت تقوم الدولة بتحصيل الرسوم بأثر رجعي.
إغلاق المصانع
واشتكى تجار ومقاولون
من دخول سوق الحديد في مصر موجة جديدة من الاحتكار بعد أن استحوذت مصانع حديد عز،
حديد المصريين، وحديد المراكبي وبشاي على إنتاج الحديد، مقابل خروج 19 مصنع درفلة
حديد من إجمالي 22 مصنعا من الخدمة، وتشريد آلاف العاملين.
وفي منصف نيسان/ أبريل
الماضي، أصدرت الحكومة قرارا بفرض رسم وقاية على خام البليت المستورد بنسبة 15%
لصالح الصناع الكبار، و25% على واردات حديد التسليح لحين الانتهاء من التحقيقات التي يجريها جهاز
مكافحة الإغراق.
وزعمت الحكومة أن هذا الإجراء هو من أجل حماية صناعة الصلب الوطنية، بعد أن
تضررت من بعض منتجات الحديد المستورد، وهو ما نفاه أصحاب المصانع في مذكراتهم إلى
الحكومة، وأكدوا فيها أنهم في حال استمرار الوضع الحالي كما هو عليه سيصل سعر طن
الحديد في مصر إلى 13 ألف جنيه (764 دولارا).
تداعيات القرار
وعقب قرار فرض الرسوم،
رفعت شركات الحديد المصرية وأبرزها شركة حديد عز، والمصريين، أسعار بيع طن الحديد بالسوق المصرية ليرتفع من
نحو 11 ألفا و500 جنيه للطن (676
دولارا) قبل نحو شهر فقط إلى 12 ألفا و300 جنيه (723 دولارا) للمستهلك.
وطالب المقاول ميلاد بيشاي بمدينة العاشر من رمضان الصناعية شمال القاهرة،
"الحكومة بالتدخل لإنهاء هذه الأزمة الممتدة منذ نحو شهر ونصف دون حل أو وعود
بالحلول".
وأكد في تصريحات
لـ"
عربي21": أن "شركات المقاولات تضررت بشدة بسبب الركود الذي
تسببت فيه ارتفاعات طن الحديد المتتالية، وزيادة تكلفة الوحدات على المستهلك الذي
يتحمل وحده فرق أي زيادة".
تواطؤ مشترك
وكشف أحد العاملين
بمصانع الدرفلة بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة، لـ"
عربي21": أن "الدولة
تحصل على ملايين الجنيهات من أصحاب المصانع الكبرى لصالح صندق تحيا مصر".
مضيفا: "كما تحصل
الدولة على الحديد لمشروعاتها بسعر التكلفة، وبالتالي تستجيب الحكومة لمطالبهم
بمنع الاستيراد، وفرض رسوم إغراق لتعويض ما يدفعوه للدولة".
وطالب الخبير الاقتصادي
ورئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، أحمد خزيم، "بتعديل قانون الممارسة
الاحتكارية، الذي أضاع شركات الحديد والإسمنت وغيرها في مصر"، مشيرا إلى أن
"حجم الغرامات في القانون ضئيلة، وسمحت لمجموعات بالاستحواذ على صناعات استراتيجية
كالحديد".
وأضاف لـ"
عربي21": أن "رسم الإغراق هو من أجل حماية الصناعة
الوطنية، وليس معناه أن ترفع الأسعار وتحتكر الإنتاج لعدم وجود بدائل؛ ما يؤدي إلى
ارتفاع ثمن الوحدات السكنية، وبالتالي لم يتحقق الغرض من رسم الإغراق الذي يهدف
بالأساس لحماية المستهلك المصري".
وفيما يتعلق بالصناعة
الوطنية التي تهدف الحكومة إلى حمايتها، أكد خزيم "أن هناك مصالح مشتركة بين
الدولة ورجال الأعمال باستخدام القانون وبنوده تحت مسمى حماية الصناعة
الوطنية"، متسائلا: "هل حماية الصناعة الوطنية لحساب رجال الأعمال أم
لصالح المواطن".
وأوضح أن "من ضمن
مساوئ قانون المنافسة الاحتكارية أنه جعل هناك تزاوجا بين السلطة والثروة، فالدولة
تستفيد من حجم الضرائب، التي تدفعها
الشركات ورجال الأعمال من جيب المواطن، التي من شأنها إنهاك الطبقة المتوسطة".
تغذية الاحتكار
من جهته؛ قال الخبير
الاقتصادي، حسام الشاذلي: "لا يبدو غريبا البتة تلك القرارات الاقتصادية التي
تغذي المفهوم الاحتكاري لسوق الحديد في مصر، فالمنظومة الاقتصادية المصرية تقوم
أساسا على الاحتكار، وعلى تقويض السوق الحر؛ وذلك لأن الأسواق الاحتكارية تسمح
دائما للأنظمة الديكتاتورية بالسيطرة على مقدرات البلاد وضمان عدم خروج أي من
مصادر الأموال وخاصة الصناعية منها عن السيطرة التامة للنظام".
وأوضح لـ"
عربي21": أن "قرارات منع الإغراق الجديدة والتي
تفرض 15% على واردات خام البليت هي حلقة جديدة في منظومة الاقتصاد المصري المسموم،
والذي يوظف المنظومات الدولية لخدمة أغراضه، ولكن عندما يؤدي القرار إلى تضرر أكثر
من 21 مصنعا باستثمارات تتعدى 3 مليارات دولار ويعمل بها حوالي 25 ألف عامل عندها
نعي أن النظام المصري الحاكم يهدف فقط
للسيطرة على مصادر الأموال الصناعية".
وحذر من أن "المنظومات الاحتكارية تؤصل لأسواق غير حرة يتحكم بها
الفساد والمحسوبية، ولا تساهم بأي شكل في بناء نهضة صناعية"، مشيرا إلى أن
"الاقتصاد المصري يتجه في كل يوم وبسرعة غير مسبوقة نحو هاوية الإفلاس حيث
ستسيطر رؤوس الأموال الأجنبية على مقدرات حياة المصريين ليصبحوا أجراء في بلده
يعمل بقوت يومه من أجل أن يسدد دين وطنه".