هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بشكل مفاجئ، سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإدخال مركبات ومعدات عسكرية للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية عبر الأردن، في خطوة هي الأولى منذ سنوات.
هذا التطور يأتي بعد أيام من اندلاع اشتباكات عائلية في مدينة الخليل تخللها إطلاق نار كثيف لعدة أيام، في حين اتهم مراقبون الأجهزة الأمنية بالتقصير في ضبط وسيطرة الأوضاع في الضفة على أثر هذه الأحداث.
ونقل آورهيلار مراسل القناة 13 العبرية عن مصادر أمنية قولها إن إدخال المعدات العسكرية لقوات الأمن الفلسطينية جاء بناء على توصية من الأمريكيين، التي بدورها نقلت هذه المعدات بعد موافقة رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو.
مرحلة أخيرة
ويرى الخبير العسكري، خضر عباس، أن "الحالة الأمنية في الضفة الغربية باتت محل اختبار حقيقي في هذا التوقيت، خصوصا في ظل استعداد حكومة الاحتلال لاتخاذ خطوة قد تقلب الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة في حال قررت ضم الضفة الغربية من طرف واحد".
وأضاف عباس لـ"عربي21": "تدرك السلطة أن الأجهزة الأمنية التابعة لها لن تكون قادرة على ضبط الأمن بشكل كامل ما لم يكن هنالك تنسيق أمني بينها وبين الجيش الإسرائيلي؛ نظرا لوجود عائلات واسعة النفوذ داخل المدن الفلسطينية تمتلك أسلحة متوسطة قد تظهر أمام العيان في حال عمت الفوضى مدن الضفة الغربية نتيجة الفراغ الأمني، الذي قد يكون أحد تداعيات قرار إسرائيل بضم الضفة الغربية".
وسط هذه المخاوف، تشهد العلاقات السياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل حالة من التوتر، كنتيجة لقرار إسرائيل باقتطاع ما قيمته 138 مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية المعروفة بالمقاصة، التي تعتمد عليها السلطة بشكل أساسي في تمويل نفقاتها التشغيلية
على الجانب الآخر، تتزايد الضغوط داخل أحزاب اليمين الإسرائيلي على الحكومة بالإسراع في سن قرار ضم الضفة الغربية، ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية، وهي خطوة قد تقابلها ردة فعل من السلطة بوقف التنسيق الأمني، وفق ما صرح به نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول.
تداعيات سياسية وأمنية
وفي تعليقه على ذلك، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، عبد الستار قاسم، إلى أن "المشهد في الضفة الغربية ليس في صالح السلطة في حال قررت وقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي؛ لأن ذلك قد يفتح المجال أمام تنامي وتعاظم القدرات العسكرية لفصائل فلسطينية كحركة حماس والجهاد الإسلامي أو جماعات متشددة تتخذ من الخارج ملاذا لها، والتي بدورها قد تنتهز الفرصة لسد الفراغ السياسي والأمني الذي خلفه قرار السلطة بوقف التنسيق الأمني".
ونوه قاسم لـ"عربي21" بأن "إقدام إسرائيل على خطوة حساسة كهذه جاءت بعد تناول كافة السيناريوهات المتوقعة، لذلك فمن غير المستبعد أن تلجأ سلطات الاحتلال لتنسيق أمني بين قيادات أمنية من السلطة لحماية المناطق المشتركة، وذلك عبر منحهم امتيازات اقتصادية ومالية".
قوبل قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإدخال المركبات والمعدات العسكرية للأجهزة الأمنية بانتقادات حادة من قبل أوساط داخلية، حيث اعتبر رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية يوسي دجان أن إدخال معدات عسكرية للأجهزة الأمنية بمثابة إهمال مطلق من الحكومة لحياة المستوطنين؛ لأن معظم العمليات التي قتل فيها الجنود والمستوطنون نفذت بمساعدة عناصر من الأجهزة الأمنية.
ويرى المختص في الشؤون الإسرائيلية، علاء الريماوي، أن "المشروع الإسرائيلي بضم الضفة الغربية يحمل دلالات أبعد من أي تداعيات سياسية أو أمنية محتملة على الواقع الإسرائيلي؛ لأن الضم بمثابة معتقد لا يمكن التفريط به لدى الشعب اليهودي لإنشاء دولة يهودا والسامرة".
وعن المخاوف الأمنية، يشير الريماوي لـ"عربي21": "عززت إسرائيل من نظرية الأمن وحماية المستوطنين من خلال جدار الفصل العنصري الذي يفصل المستوطنات عن المدن الفلسطينية، وهو ما يقف عائقا أمام أي محاولة لتسلل المقاومين لتنفيذ عمليات فدائية، كما شيدت إسرائيل ممرات وطرقا محصنة ومنفصلة عن الممرات التي يرتادها الفلسطينيون".
وأضاف الريماوي: "عاجلا أو آجلا، ستقبل السلطة بسياسية الأمر الواقع، ولن يكون في صالحها إحداث حالة من الفوضى داخل الضفة الغربية، بما يعزز من فرص منافسيها، خصوصا من الأحزاب الفلسطينية، للسيطرة على الضفة الغربية".