هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن التحالف الذي تقوده السعودية في المنطقة يشهد خلافات على ضوء تباين وجهات النظر تجاه الملفات المختلفة بدءا من الحرب في اليمن وصولا إلى التعامل مع إيران.
وفي تقريرها الذي ترجمته "عربي21" قالت المجلة إن الإدارة الأمريكية في ظل حكم دونالد ترامب "استهلّت حقبة جديدة في علاقات التعاون التي تجمعها بدول الشرق الأوسط".
ففي أيار/ مايو سنة 2017، اختار الرئيس ترامب السعودية كوجهة لأول زيارة رسمية خارجية له كرئيس جديد للولايات المتحدة، في حين أن الحلفاء الأمريكيين اعتبروا هذه الزيارة بمثابة فرصة لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد الانتفاضات الشعبية في المنطقة والتوتر الذي ساد حول الملف الإيراني.
وإثر ذلك تقول المجلة، عُقدت "القمة العربية الإسلامية الأمريكية"، حيث بحث المشاركون فيها "أجندة مشتركة طموحة للسنوات المقبلة في ظل القيادة السعودية، بما في ذلك إرساء استراتيجية للحد من انتشار إيران، ودحر السياسات الطائفية في بلدان على غرار العراق، ومكافحة التطرف، وإحياء عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية، واحتواء الصراعات المستعرة".
وأفادت بأن "علاقات التعاون قد تمخّضت عنها حالة من الفوضى، فعقب قمة ترامب، جدّت العديد من الأزمات في المنطقة، على غرار الحصار على قطر، الذي بدأ منذ سنتين، وبداية "الحرب الأهلية الثالثة" في ليبيا في شهر نيسان/ أبريل".
خلافات مع مصر
ولفتت إلى أنه "لم تنجح الكتلة التي تقودها السعودية والتي تشكّلت منذ سنتين في تحقيق أهدافها المرسومة، وشهدت خلافات في صفوف أعضائها حيث انسحبت مصر من التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط، الذي يُعرف باسم "الناتو العربي"، بعد خلاف حاد نشب مع السعودية".
ووفقا لما أورده دبلوماسي عربي مطلع على الاجتماعات رفيعة المستوى التي سبقت قرار انسحاب مصر، تقول المجلة: "عارضت القاهرة أسلوب القيادة الذي تعتمده في الرياض، فالسعوديون لم يحددوا الهدف من إنشاء هذا التحالف ولا دور كل دولة فيه، واعتبروا مشاركة دول مثل مصر من المسلّمات".
من جهتها، "لم تعتبر كل من الرياض وأبوظبي القاهرة شريكا ذا أهمية بالغة بسبب المساعدات المالية التي قدمتها لمصر بعد الانقلاب الذي ساهم في وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة".
وأفاد المصدر ذاته بأن "هناك اختلافات جوهرية في القضية بين الجانبين حول كيفية التعامل مع الحروب في اليمن وليبيا".
"الرياض وأبوظبي أيضا"
ونوّهت المجلة إلى أن "هناك كذلك بعض الخلافات بين السعودية والإمارات، لا سيما في ما يتعلّق بالحرب على اليمن".
وتقول: "يعترف كل من المسؤولين الإماراتيين والسعوديين سرا بوجود بعض الاختلافات في المواقف، حيث عارضت أبوظبي خطة الرياض المتمثلة في العمل مع المليشيات المرتبطة بحزب التجمع اليمني للإصلاح ذي المرجعية الإسلامية. في المقابل، عززت أبوظبي تعاملها مع المليشيات، وسعت إلى الإطاحة برئيس الحكومة، عبد ربه منصور هادي، الذي تدعمه السعودية".
وأضافت أن "إمارة دبي كانت تركز بشكل خاص على تشجيع السياحة والتجارة والاستثمار الأجنبي، مع الحرص على تجنب النزاعات الإقليمية. لكن الحرب المستمرة في اليمن، والحصار المفروض على قطر، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الأمن الداخلي في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة من قبل أبوظبي كانت له تداعيات سلبية متزايدة على اقتصاد دبي".
دبي والأزمة مع قطر
وبحسب المجلة، "يقدر الخبراء أن دبي تخسر سنويًا خمسة مليارات دولار في أنشطتها التجارية مع قطر، فضلا عن قطاع السياحة، والأنشطة التجارية الأخرى، بالإضافة إلى الخسائر التي تتكبّدها شركة طيران الإمارات نتيجةً لمنعها من الدخول في المجالات الجوية القطرية".
وفي هذا السياق، صرح أندرياس كريغ، وهو أستاذ مساعد في كلية كينغز في لندن قائلا: "لقد أثرت الأزمة الخليجية بشكل كبير على دبي، ومن الواضح أنها تضررت من الناحية الاقتصادية أكثر من قطر".
وأضافت المجلة أن دبي لم تعبر أبدا عن سخطها من السياسة الخارجية للبلاد، لكن تشير مجموعة من التغريدات التي نشرها حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، إلى أنه رافض لهذا النهج المتبع في المنطقة.
وأوضح حاكم دبي في إحدى التغريدات التي نشرها قائلا: "تتمثل وظيفة السياسي الحقيقية في تسهيل حياة الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال والإعلامي وغيرهم، كما أن وظيفته تقوم على تسهيل حياة الشعوب، وحل الأزمات بدلا من افتعالها وإرساء الإنجازات بدلا من هدمها".
وأوردت المجلة أن الاختلافات المتزايدة قد بدأت تظهر خلال الشهر الماضي وتحديدا بعد المكالمة الهاتفية التي أجريت بين رئيس الوزراء البحريني وأمير قطر بمناسبة حلول شهر رمضان.
فبعد انتشار معلومات حول هذه المكالمة، أكدت وكالة الأنباء الحكومية في البحرين أن المكالمة قد أجريت حقا لكنها أفادت بأن هذا الاتصال لا يمثل الموقف الرسمي للبحرين تجاه قطر ولن يؤثر على التزامات البحرين مع المملكة العربية السعودية.
وتضيف المجلة: "يرى الكثيرون أن مقاطعة البحرين لقطر ليست سوى مجرد تبعية للإرادة السعودية، فالبحرين هي واحدة من بين البلدان الأكثر تضررا من الحصار، من حيث التجارة والسياحة والاستثمار".
وتشير هذه الأوضاع إلى "وجود نزاعات متواصلة داخل التحالف العربي سببها عدم الثقة في القيادة السعودية. ومع استمرار فشل السياسات المتبعة، فيبدو أن الحلفاء يرغبون في تأكيد مصالحهم ضد الآخرين".
ونقلت المجلة عن أحد الدبلوماسيين العرب قوله إنه "يجب على السعودية والإمارات أن تعملا معا من أجل إنهاء الصراع في اليمن، ففي الحقيقة، تعدّ الاضطرابات والنزاعات التي تحدث في المنطقة دليلا على أن الانقسام والخوف قد انتصر على الوحدة والاستقرار".