هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال كاتب إسرائيلي إن "الجيش الإسرائيلي يواجه إشكالية بنيوية في عقيدته العسكرية، تتمثل في أن هدفه الأساسي تحقيق الانتصار الساحق والسريع في ساحة المعركة، وقد صممت هذه العقيدة لمنع اندلاع حروب عسكرية بين إسرائيل وجاراتها العربية من خلال قوة الردع المتراكمة".
وأضاف يورام يوفال في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21"، أن "الفروق الكبيرة في القدرات العددية والبشرية بين إسرائيل وباقي الجوار العربي الإسلامي المحيط بها تطلب منا عدم الوقوع في أي هزيمة عسكرية، ولو لمرة واحدة، لأن الخسارة تعني الدمار، والقضاء على الدولة، في ضوء أن إسرائيل دولة في حدودها الكاملة تفتقر للعمق الجغرافي الكافي، ولا تستطيع تحمل تبعات ضربات عسكرية موجعة".
وأوضح أن "الدول العربية قد تستوعب أن تمنى بهزيمة عسكرية من إسرائيل، مرة إثر أخرى، كما حصل ويحصل، لكن الأمر لا ينطبق علينا نحن الإسرائيليين، ولذلك في ضوء المعايير غير التقليدية فإن إستراتيجية الجيش الإسرائيلي قامت على أساس الدفاع عن قيام الدولة وبقائها، في حين أن تكتيكاته اعتمدت منطق الهجوم، ما جعل الجيش في السنوات الأخيرة يزيد من نفقاته على قدراته الهجومية أكثر من الدفاعية".
وأكد يوفال، عالم الاجتماع الإسرائيلي، أن "الهدف الأساسي من هذا السلوك العسكري هو ردع الأعداء، ومنعهم من مهاجمة إسرائيل؛ من خلال توجيه ضربات سريعة مؤلمة ومدمرة لكل من يحاول مهاجمتها، وهذا أثبت جدواه في الحقيقة على أرض الواقع، رغم أن المعطيات الميدانية تقول إن الجيش فقد قوته الردعية مع مرور الوقت، بفعل أسباب كثيرة، منها أخطاء السياسيين من صناع القرار الإسرائيلي".
وأضاف الكاتب، الذي انخرط في الجيش الإسرائيلي، وخاض حرب لبنان الأولى 1982، وتولى مسؤوليات عسكرية فيها، أن "الردع الإسرائيلي الذي تراجع مؤخرا هو الكنز الأمني الوحيد الذي تحوزه الدولة، ومنحنا هدوءا أمنيا على مختلف الحدود سنوات طويلة، وبعد تراجعه جاءت النتيجة في سفك مزيد من الدماء دون توقف، حرب تتلوها أخرى، واستنزاف في مختلف مستوياته، كما هو الحال في قطاع غزة اليوم".
وأشار إلى أن "استعادة الردع الإسرائيلي تتطلب من الجيش جملة خطوات أساسية، من بينها إلزام جميع مواطني الدولة بالخدمة العسكرية، بمن فيهم العرب والحريديم، أو تحويل الجيش مع مرور الوقت إلى جيش صغير العدد من المتطوعين، الذين يرون الانخراط في الوحدات القتالية واجبا وطنيا، وليس كارثة شخصية، ومنح هؤلاء أجورا عالية منذ سن الثامنة عشرة، وتوفير تعليم جامعي على حساب الدولة عد انتهاء الخدمة العسكرية".
وأوضح أن "الجيش الإسرائيلي ليس بحاجة للآلاف من الجنود غير الراغبين بالخدمة في صفوفه، ممن يختبئون كي لا يذهبوا لمعسكرات الجيش، ولا يحتاج أعدادا غفيرة من السائقين والطباخين وفرق الموسيقى العسكرية، بل يمكن تكليف كل هذه المهمات لشركات مدنية".
وختم بالقول إنه "كما حصل في حروب إسرائيل عامي 1948 و1967، فإن من يحقق لها النصر هم أقلية من الجنود والضباط، الذين يستعدون للمخاطرة في حياتهم من أجل ما يؤمنون به، ومن دون هؤلاء، فلن نقوى على البقاء في هذه البلاد".