هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد رئيس سلطة الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، أن بلاده تحتاج إلى موازنة بقيمة تريليون دولار سنويا لتلبية المصروفات الأساسية للمواطنين، (ضعف موازنات دول الخليج الست مجتمعة والتي تقدر بأقل من نصف تريليون دولار).
وقال السيسي، على هامش افتتاح أكبر مجمع لإنتاج الفوسفات بالعين السخنة في الشرق الأوسط، اليوم الأربعاء، وفقا لوسائل إعلام مصرية: "أنا كنت بقول في مؤتمر الشباب إننا نحتاج موازنة ما يقرب من تريليون دولار في السنة لدولة بحجم مصر لقيتها في الجورنال.. لحل مشاكل مصر نحتاج تريليون دولار، لأ، أنا بتكلم على مصروف مش حل مشاكل".
وطالب السيسي، المصريين بضرورة مواجهة الفكر الهدام، مؤكداً أن مواجهته لن تأتي إلا بتكاتف الجميع.
وبحسب بيانات وزارة المالية، يبلغ حجم الموازنة العامة لمصر للعام المالي الحالي 2019/ 2020، الذي بدأ العمل بها في الأول من يوليو/ تموز الماضي، 1.574 تريليون جنيه (نحو 96 مليار دولار).. فهل مصر بحاجة إلى موازنة بقيمة تريليون دولار، وموازنتها الحالية أقل من 100 مليار دولار؟
وبحسب رصد "عربي21"، تقدر الموازنات العامة لدول الخليج الست مجتمعة لعام 2019 بنحو 484.5 مليار دولار (أي أقل من نصف تريليون دولار). وتبلغ موازنة السعودية 295 مليار دولار، وموازنة الكويت 74.19 مليار دولار، وموازنة قطر 56.78 مليار دولار، وموازنة سلطة عمان 33.5 مليار دولار، وموازنة الإمارات 16.4 مليار دولار، وموازنة البحرين 8.62 مليارات دولار.
اقرأ ايضا: لماذا ينفذ السيسي مشاريع كبرى مشكوكا في فوائدها الاقتصادية؟
وفي هذا الإطار، اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة صباح زعيم بإسطنبول، أشرف دوابة، تصريحات السيسي بشأن حجم الموازنة العامة للدولة مزعومة، للاستهلاك المحلي، مؤكدا أن الأرقام التي يطرحها "خيالية" وليست مبنية على أسس ومحددات اقتصادية.
وقال دوابة، في تصريحات لـ"عربي21"، إن السيسي يستهدف من هذه التصريحات تصدير فكرة أن مصر فقيرة، وعلى الشعب أن يتحمل تدهور الأوضاع المعيشية.
وأضاف: "مشكلة مصر لا تحدد أو تعالج بهذه الطريقة"، مستطردا: "لا بد أن تكون التصريحات منطلقة من خطط وبرامج بأهداف محددة وواضحة ومعلنة، وليست مجرد بيع كلام في مهرجانات الوهم".
وأشار دوابة، إلى أن السيسي أهدر أموال ومقدرات الشعب المصري في مشاريع تجميلية، لم تعد بأي نفع على المواطنين، مثل تفريعة قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وجسر روض الفرج وأطول برج وأكبر مسجد وأكبر كنيسة.. الخ.
واحتفلت مصر أمس بالذكرى الرابعة لافتتاح مشروع تفريعة قناة السويس، والذي مولته الحكومة عبر قروض والحصول على ودائع بنكية من المصريين بفائدة كبيرة.
وقال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، في مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء، بمدينة الإسماعيلية، شرق القاهرة، احتفالا بالذكرى الرابعة لافتتاح التفريعة، إن البنوك المصرية ستبدأ رد استحقاق شهادات قناة السويس في الرابع من سبتمبر المقبل، والتي تبلغ قيمتها 64 مليار جنيه، بفوائد سنوية تراوحت بين 12 و 15.5 بالمئة.
اقرأ أيضا: هذه أسباب فشل "برامج السيسي" في حماية المصريين من الفقر
وشكك مركز كارنيغي للشرق الأوسط، في الفوائد الاقتصادية لمشاريع البنى التحتية الضخمة التي نفذها رئيس سلطة الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، منذ استيلائه على الحكم.
وقال المركز في تقرير له بعنوان "مشاريع السيسي الكبرى العقيمة" نشره موقع صدى، المعني بنشر إضاءات جديدة عن التغيير السياسي والنزاعات الإصلاحية في العالم العربي، إنه على الرغم من أزمة الديون المستفحلة في مصر، تبقى مشاريع البنى التحتية الضخمة المشكوك في فوائدها الاقتصادية أولوية حكومية.
وبين التقرير، أن النظام المصري يُروّج لهذه المشاريع أنها أساسية لإنعاش الاقتصاد المصري، لكنها تؤدّي وظيفتَين مهمتَين. فهي توفّر للجيش فرصاً إضافية لزيادة تدخّله في جوانب مختلفة من الاقتصاد المصري، وفي نفس الوقت تُستخدَم هذه المشاريع كأداة لفرض السلطة وترسيخ الدعم في صفوف أنصار النظام.
وصرّح السيسي في مقابلة تلفزيونية في حزيران/ يونيو 2016 أن الهدف من التوسعة التي بلغت كلفتها 8 مليارات دولار كان رفع معنويات الشعب المصري لا تحقيق منافع اقتصادية ملموسة.
وأكد التقرير أن "التحديات التي تطرحها هذه المشاريع الضخمة هي أنها تُنفَّذ على حساب مشاريع من شأنها إحداث تحسينات اقتصادية ملموسة تساهم في رفع المستوى المعيشي للمصريين العاديين الذين يرزحون تحت وطأة مشقات اقتصادية متزايدة"، لافتا إلى ارتفاع معدلات الفقر من 27.8 في المئة عام 2017 إلى 30.2 في المئة عام 2018، ما يتسبب في استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.
وقال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في تقرير ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من أن أوضاع مصر المالية ربما تكون قد تحسنت في بعض القطاعات، إلا أن البلاد مازالت تحدق بها الأخطار على المدى الأبعد. ولا أدل على ذلك من أن الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019 شهدت تقريباً تضاعف العجز في الحسابات الجارية.
وطبقاً لجيسون توفيه، الخبير الاقتصادي في شؤون الأسواق الصاعدة لدى مؤسسة كابيتول إيكونوميكس، فإن هناك العديد من الأسباب التي تبعث على التشاؤم في ما يتعلق بوضع الاقتصاد المصري على المدى البعيد، قائلا: "لا تزال العديد من القيود البنيوية التي تواجه الاقتصاد موجودة على حالها وسوف يكون التغلب عليها أمراً في غاية الصعوبة".
وأضاف: "لا تبدو الحكومة ملتزمة بالإصلاحات البنيوية المطلوبة لإحداث تحسن بارز في فرص مصر على المدى البعيد، مثل زيادة الاستثمار الإجمالي في الاقتصاد".
وكان البنك الدولي قد نشر في شهر يوليو/ تموز تقييماً لمسار مصر، ولاحظ أن تخفيض قيمة العملة لم يؤد إلى نمو في الصادرات غير النفطية، وأن مصر بحاجة لتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير من المعدل المتوقع حالياً ونسبته 5.5 بالمائة حتى تتمكن من توفير فرص عمل تتناسب مع النمو السكاني.
وكشف تحليل البنك الدولي، أنه بينما قامت الحكومة بتقليص مجمل الإنفاق الحكومي، فقد أقدمت على تخفيض الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم إلى نسبة 1.6 بالمائة ونسبة 2.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو دون المستويات التي يشترطها الدستور المصري.