هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الحرائق الهائلة التي تتعرض لها الغابات الأفريقية والتي لم تنل اهتماما من قبل وسائل الإعلام العالمية مثل حرائق الأمازون.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الأقمار الصناعية قد التقطت منذ أيام صورا تكشف عن وجود حرائق في منطقة أفريقيا الوسطى أكبر من الحرائق التي شهدتها غابات الأمازون في البرازيل التي أثارت جدلا واسعا في جميع أنحاء العالم.
فعلى سبيل المثال، شهدت الغابات في أنغولا وجنوب جمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر من 10 آلاف حريق نشط، مقابل 2127 حريق في البرازيل.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن خلال اجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع في بياريتز عن ضرورة إنشاء صناديق مالية لمحاربة الحرائق في القارة الأفريقية.
ومن جهتهم، أكّد الخبراء أن الحرائق الأفريقية لا يمكن مقارنتها بغيرها من الحرائق في بقية الدول لأن أغلبية الحرائق التي تشهدها أفريقيا بشكل سنوي تخضع لجملة من الأساليب الزراعية التي استخدمها المزارعون الأفارقة في الأنشطة الزراعية والرعوية.
ويمكن السيطرة على هذه الحرائق ناهيك عن أنها لا تؤثر على كتل الغابات الكبيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية تُظهر أيضا أن زامبيا وموزمبيق ومدغشقر تعاني من ظاهرة احتراق الغابات. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن تسعة من كل عشرة حرائق في أفريقيا لا تسبب أضرارًا كبيرة، بل تفيد المجتمع.
تعليقا على هذه المسألة، أكّد توزي مبانو مبانو، المفاوض الكونغولي في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ، لوكالة "فرانس برس" للأنباء أن "الغابات تحرق في منطقة الأمازون بسبب الجفاف وتغير المناخ بينما تندلع النار في غابات أفريقيا الوسطى بسبب التقنيات الزراعية المعتمدة".
اقرأ أيضا : رئيس البرازيل يشترط لقبول المساعدة بإطفاء حرائق الأمازون
وأوردت الصحيفة أن الحكومة الأنغولية قد حذّرت من الانجراف وراء المقارنات غير المعقولة بين ما يحدث في هذا البلد الإفريقي وبين البرازيل فيما يتعلق بالحرائق الأخيرة.
وقد أصدرت الحكومة بيانا نوّهت فيه بأن المقارنة بين البلدين يمكن أن "تضفي طابعا دراميا على وضعية البلاد من أجل تضليل أكثر العقول تهوّرا".
كما أشارت وزارة البيئة الأنغولية إلى أن الحرائق التي نشبت في غابات أفريقيا يولدها المزارعون كل سنة في نهاية موسم الجفاف.
وذكرت الوزارة في البيان الذي أصدرته أن "الكثير من الفلاحين يتعمدون إضرام الحرائق في الأراضي الزراعية خلال هذه الفترة من السنة في العديد من المناطق ويعتبر ذلك بمثابة مرحلة إعداد للأرض قبل قدوم موسم الأمطار".
في المقابل، لا يمكن أن ننفي عواقب ومخاطر هذه الحرائق حيث أكّد بيتر مور، أخصائي في إدارة الحرائق في إدارة الغابات التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أنه وفقا لأحدث الدراسات، فإن ما بين 3 بالمئة و4 بالمئة من سطح الأرض يحترق بشكل سنوي.
ونوهت الصحيفة بأن القارة الإفريقية من أكثر المناطق التي تضررت من الحرائق على الرغم من التراجع الملحوظ الذي شهدته، حيث انخفضت مساحة الحرائق من 340 مليون هكتار سنة 2003 إلى حوالي 300 مليون هكتار سنة 2016.
كما تشير التقديرات إلى أن 10 بالمئة من الحرائق تخرج عن السيطرة هي مسؤولة عن حوالي 90 بالمئة من المنطقة التي أُحرقت.
ونقلت الصحيفة عن مور قوله إن "الحرائق التي تعيش على وقعها البلدان الأفريقية تسبّبت في فقدان الأرواح البشرية إلى جانب الأضرار المادية والعواقب البيئية.
ولا يمكن وقف هذه الحرائق إلا في حال طرأت تغييرات على المناخ أو تغيرت الظروف المسببّة لاندلاع هذه الحرائق".
وأضاف مور أن "إدارة الحرائق في أفريقيا لم تعد متطورة في الكثير من البلدان الأفريقية". كما حذّرت المجموعات التي تدافع عن الوسط البيئي من أن تقنية التطهير والحرق التي يعتمدها المزارعون الأفارقة تتسبّب في إزالة الغابات بشكل خطير وفقدان التنوع البيولوجي، وكذلك تآكل الأرض.
كما صرح مبانو مبانو بأن "الغطاء الحرجي لجمهورية الكونغو الديمقراطية انخفض من 67 بالمئة إلى 54 بالمئة من أراضيها بين سنتي 2003 و2018".
وتجدر الإشارة إلى أن قطع أخشاب الاشجار أمر مسموح به في هذا البلد الأفريقي، نظرا لأن الأخشاب تعتبر مصدرا هاما للطاقة في بلد لا يتحصل فيه سوى تسعة بالمئة من السكان على الكهرباء. وعادة ما تستغل الشركات الخاصة بقطع الأشجار هذا الوضع لصالحها.
وذكرت الصحيفة أن الانبعاثات الضارة في الهواء من تبعات الحرائق الغابية والزراعية. وحيال هذا الشأن، قال مور إنه "عند استخدام النار لأجل تحويل مناطق الغابات إلى أراضي مفتوحة، هناك إضافة صافية من الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي".
وأضاف مور أن "الوقود غير القابل للاحتراق في بعض المناطق مثل المستنقعات والغابات المطرية، عادة ما يسهم بشكل مكثف في هذه الانبعاثات".