هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب غريف ويتي، يقول فيه إنه يبدو أن خيارات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بدأت بالنفاد.
ويقول ويتي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن جونسون يريد انتخابات جديدة ليحل معضلة البريكسيت، مشيرا إلى أن معارضيه قاموا برفض هذا الخيار مرة أخرى في تصويت تم الثلاثاء بعد منتصف الليل.
ويلفت الكاتب إلى أنه قال في الوقت ذاته إنه يفضل أن يكون ميتا في حفرة من أن يسعى لتمديد مهلة 31 تشرين الأول/ أكتوبر لمغادرة الاتحاد الأوروبي، مستدركا بأن هذا هو بالضبط ما يطالب به قانون تم التصويت عليه في البرلمان الأسبوع الماضي، وهو السعي للتمديد إن لم يصل إلى اتفاق مع بروكسل بحلول 19 تشرين الأول/ أكتوبر.
ويقول ويتي: "عن تلك المفاوضات؟ يقول وزراؤه إنه بالكاد هناك مفاوضات، إذن أين يذهب رئيس الوزراء من هنا؟ قد يقوم بشيء استبعده من قبل، أو يقوم بخرق قانون أو تقليد قد يدفع ببريطانيا إلى أزمة دستورية عميقة، وبعض حلفائه المتشددين في موضوع البريكسيت يدعونه للتضحية من أجل الفكرة ودخول السجن، ومع أن ذلك بعيد جدا، إلا أن كثيرا من الأحداث الكبيرة في السياسة البريطانية في الأيام الأخيرة لم تكن متوقعة قبل فترة قصيرة، وكان يتوقع أنها شبه مستحيلة".
ويورد الكاتب الاحتمالات الرئيسية للطريق الذي يمكن لبوريس أن يسلكه، على النحو الآتي:
بإمكان جونسون التفاوض مع الاتحاد الأوروبي
ربما أكثر الحلول منطقية للأزمة هو حل أربك بريطانيا حوالي ثلاث سنوات: وهو التفاوض على اتفاقية انسحاب من الاتحاد الأوروبي، شيء يشبه الرؤية الراقية التي طرحها جونسون وحلفاؤه المؤيدون للبريكسيت خلال حملة الاستفتاء عام 2016.
وكان المنادون بالبريكسيت المتشددون قد استخفوا بالاتفاقية التي استطاعت تيريزا ماي أن تتوصل إليها مع الاتحاد الأوروبي خلال شغلها لمنصب رئيسة الوزراء، التي تم رفضها ثلاث مرات في البرلمان، حينها وعد جونسون بالحصول على اتفاق أفضل، باستخدام تهديد المغادرة دون اتفاق ورقة ضغط.
لكن الاتحاد الأوروبي رفض أن يستجيب، ويقول المسؤولون الأوروبيون بأنهم لم يروا أي مؤشر على مفاوضات حقيقة.
وحتى أعضاء حكومة جونسون يقولون الشيء ذاته: أمبر راد، التي استقالت ليلة السبت؛ بسبب عدم وجود فكرة عما تريده الحكومة من أوروبا، وبسبب عدم بذل الحكومة جهدا في حلحلة الوضع.
وكان جونسون في دبلن يوم الاثنين، يقابل نظيره الإيرلندي ليو فارادكار، لإحراز تقدم في أحد أصعب جوانب البريكسيت: وهو كيف يتم منع وجود حدود تمنع حرية الحركة بين جمهورية إيرلندا، التي هي عضوة في الاتحاد الأوروبي، وإيرلندا الشمالية، التي تشكل جزءا من المملكة المتحدة، لكن فارادكار قال في مؤتمر صحافي بأنه لا يزال بانتظار أن يعطيه جونسون مقترحات قوية بهذا الشأن، ويتفق الطرفان على أنهما لا يزالان بعيدين.
بإمكان جونسون المطالبة بتأخير البريكسيت
إن الهزيمة المذلة التي مني بها جونسون في البرلمان الأسبوع الماضي ستعني بأنه ليس بإمكان جونسون قانونيا أن يقوم بمغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، وبدلا من ذلك عليه أن يطلب تأجيلا آخر من الاتحاد الأوروبي، وقال إنه لن يفعل ذلك حيث أن حملته لرئاسة الوزراء قامت على أنه سيغادر الاتحاد الأوروبي مع احتفالات عيد الرعب "هالاوين".
وأعاد هذا الوعد الأسبوع الماضي، فقال لأعضاء حزب المحافظين في رسالة يوم الجمعة بأن البرلمان "قد مرر قانونا يجبرني على التذلل لبروكسل لطلب تمديد لموعد البريكسيت، وهذا شيء لن أفعله".
لكن ليس من المعروف عن جونسون أنه يفي بوعوده، فيمكن له أن يطلب تأجيلا من الاتحاد الأوروبي، ثم يقوم بحملة انتخابية موجها اللوم لمعارضيه الذين اضطروه لفعل ذلك، لكن الناخبين المؤيدين للبريكسيت الذين تجاوزوا نقاط ضعفه لن يسامحوه على هذه.
ومن الأكثر احتمالا أن يقوم بالإجراءات الرسمية لطلب التمديد على أمل ألا يوافق زعماء الاتحاد الأوروبي على التمديد، فمثل هذا التمديد يحتاج إلى موافقة الأعضاء السبعة وعشرين الآخرين.
وهناك مؤشرات على أن الصبر على السيرك السياسي الدائر في بريطانيا بدأ ينفد، فقد هدد رئيس الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يوم الأحد بالتصويت ضد أي تمديد، مشيرا الى عدم التقدم "المقلق".
ويعوم دعاة البريكسيت فكرة أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي لا يحب بروكسيل، والذي يشترك في الكثير من الصفات مع شعبوي معاد للاتحاد الأوروبي مثل جونسون، قد يساعد أيضا، لكن ذلك ربما يكون خيالا أكثر منه واقعا.
ويرى دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي بأنه في المحصلة ستتم الموافقة على التمديد.
يمكن لجونسون أن يستقيل
قد تبدو الفكرة جنونية، لكن أفضل طريق لدعم منصبه قد يكون بالتخلي عنه، والمنطق خلف هذه الفكرة هو الآتي: يرفض العمال وغيرهم من المعارضة منح جونسون الانتخابات التي يريدها، ويقولون إنها "مصيدة" تمنح رئيس الوزراء بابا خلفيا للانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
ولكن يمكن لجونسون أن يستقيل من منصبه أو يعرض حكومته على تصويت سحب ثقة، ففي هذه الحالة يجب أن تتسلم حكومة تصريف أعمال قد يرأسها زعيم حزب العمال جيرمي كوربين أو شخصية أكثر حيادية، مثل كنيث كلارك، "الذي كان أحد كبار حزب المحافظين، لكن جونسون طرده من الحزب حديثا بسبب تصويته ضده"، وتلك الحكومة ستقوم نظريا بالطلب من الاتحاد الأوروبي بتمديد مهلة الخروج منه.
وعندها يجب أن تعقد انتخابات عامة جديدة، ويمكن أن تقوم حملة جونسون على الادعاء بأن البرلمان، قام مرة أخرى بمنع تنفيذ رغبة الشعب، وأبقى بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وحيث تظهر الاستطلاعات بأن حزب المحافظين متقدم على العمال، ومن خلال تلويح زعيم حزب بريكسيت نايجل فاراج باحتمال تحالف مع المحافظين، فقد تؤدي انتخابات جديدة إلى الأغلبية التي يحتاجها لدعم مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق إن لم يكن في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، ففي موعد التمديد الجديد.
يمكن لجونسون دخول السجن
وهذه فكرة تبدو أكثر جنونية، لكن أن ينتهي رئيس الوزراء البريطاني في السجن أمر أصبح يثير اهتماما كبيرا في لندن.
وقال وزير الخارجية دومونيك راب إن الحكومة تخطط لأن "تختبر الى أقصى حد" القانون الذي يفرض على جونسون طلب التمديد من الاتحاد الأوروبي، وقال مستشارون، لم تذكر أسماؤهم، لصحيفة "صندي تايمز" بأن الحكومة تخطط لأن "تخرب" القانون، وأن "تستخدم منشارا على أي شيء" يقف أمام مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وكتب المدعي العام السابق، دومينيك غريف، وهو من حزب المحافظين، في صحيفة "صندي أوبزيرفر" بأن عدم الالتزام بالقانون قد يعني أن يكون رئيس الوزراء "مستخفا بالمحكمة ويمكن سجنه".
ويبدو أن الفكرة تستهوي بعض دعاة البريكسيت، حيث حث الزعيم المحافظ السابق إيان دنكان سميث جونسون أن يخالف القانون، وأن يصبح "شهيدا" لأجل البريكسيت.
وحتى لو لم يتم سجن جونسون، فإن تجاوز القانون يمكن أن يكون طريقة له لتضييع الوقت: فهو غير مطلوب منه أن يطلب التمديد إلا قبل أقل من أسبوعين من الوقت المحدد للانسحاب، وهو ما يعني أن أي قضية ضده قد تكون عالقة في المحاكم عندما تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
والاحتمال هو أن التهديد بإهمال القانون سينتهي بأن يكون مخادعة، يمكن أن تنجح بشكل جيد مع المصوتين الذين يؤيدون البريكسيت، لكن هذه أوقات غريبة تمر بها السياسة البريطانية، حيث بدأت تخطر في بال المراقبين المخضرمين أفكار سوداوية حول الناحية التي تتجه إليها الأمور.
وبصفته صحافيا كبيرا ومؤرخا فإن أندرو مار قال يوم الأحد في مقابلة على "بي بي سي" إن "نظامنا السياسي ودستورنا في طريقهما للانهيار".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)