هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت "نيويورك تايمز" تقريرا لكل من ريتشارد بيريز بينا وديفيد كيركباتريك ومايكل كراولي، يقولون فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أرسل رسائل مختلطة حول رد فعله على الهجوم على منشآت النفط السعودية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب قال الاثنين إنه يبدو أن إيران تقف وراء الهجوم الذي تم خلال عطلة نهاية الأسبوع على المنشآت النفطية السعودية، لكنه قال أيضا إنه "يرغب بتجنب" صراع مسلح مع طهران، مؤكدا اهتمامه بالدبلوماسية، وقلل من احتمال تأثير الهجوم على سوق النفط العالمي.
ويلفت الكتّاب إلى أنه لدى سؤال ترامب في البيت الأبيض، عما إذا كانت إيران تقف خلف الضربات يوم السبت، التي شلت معظم إمكانية إنتاج السعودية للنفط، فإن ترامب قال: "يبدو الأمر كذلك"، لكنه امتنع عن التأكيد بشكل قاطع، وأضاف: "يتم التأكد من ذلك الآن".
وتقول الصحيفة إن الهجوم كان أشد ضربة مدمرة تلقتها السعودية منذ أن بدأت حربها في اليمن قبل أكثر من 4 سنوات، مشيرة إلى أن الأضرار التي حصلت في السعودية أدت إلى رفع أسعار النفط بنسبة 10% يوم الاثنين، وهو أسرع ارتفاع خلال أكثر من عقد.
وينوه التقرير إلى أن ترامب حذر من أن لدى أمريكا إمكانيات عسكرية مخيفة، وهي مستعدة للحرب إن كان الأمر ضروريا، وقال: "بعد قول هذا فنحن بالتأكيد نرغب في تجنبها (الحرب).. أنا أعلم أنهم (الإيرانيين) يريدون التوصل إلى صفقة".
ويفيد الكتّاب بأن تعليقات ترامب هذه مثلت تحولا في اللهجة من اليوم السابق، عندما غرد على "تويتر"، قائلا إن أمريكا "بكامل جهوزيتها" ومستعدة للقيام بفعل بناء على احتياجات السعودية، وقال يوم الاثنين للمراسلين إنه لم "يعد" السعوديين بالحماية، لكنه قال إنه سوف "يجلس مع السعوديين ويتفق على شيء".
وتشير الصحيفة إلى أن تصريحات الرئيس جاءت بعد فترة قصيرة من قول السعودية بأن أسلحة إيرانية استخدمت في الهجوم، مستدركة بأنه في الوقت الذي قال فيه السعوديون إنهم سيردون بقوة على هذا العدوان، إلا أنهم لم يتهموا إيران مباشرة، ولم يدعوا إلى انتقام مباشر.
ويجد التقرير أن ما صدر عن ترامب والسعوديين من تعليقات يشير إلى أنهم لا يريدون التصعيد إلى صراع أوسع، قبل أسبوع واحد فقط من اجتماع زعماء العالم في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن ترامب اقترح لقاء مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ربما خلال الاجتماع السنوي في نيويورك، لكن إيران استبعدت ذلك يوم الاثنين.
ويذكر الكتّاب أن الحوثيين في اليمن، الذين تعد إيران الحليف الرئيسي لهم، أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم، إلا أن المسؤولين الأمريكيين اتهموا إيران مباشرة بالهجمات على المنشأة النفطية السعودية، وقدموا صورا من الأقمار الصناعية التي تظهر الأضرار، محتجين بأن الهجوم، بحسب ما يظهر في الصور، كان من الشمال أو الشمال الغربي -باتجاه إيران أو العراق- وليس من اليمن الذي يقع في الجنوب، وقال السعوديون يوم الاثنين بأن الهجوم لم يكن من اليمن.
وتستدرك الصحيفة بأن تحليلا لتلك الصور من خبراء مستقلين عارض تلك الادعاءات، فما أظهرته الصور هو وقوع هجوم معقد ودقيق يتجاوز بكثير الإمكانيات التي ظهرت لدى الحوثيين، ما زاد من احتمال تورط إيران فيها، ومع ذلك قال الخبراء إن الصور لا تكفي لإثبات الاتجاه الذي جاء منه الهجوم وأي اسلحة استخدمت ومن الذي أطلقها، مشيرة إلى أن إيران أنكرت أي تورط لها في الهجوم الذي يهدد بتعطيل تدفق النفط عالميا.
ويلفت التقرير إلى أن ترامب سعى للتخفيف من شأن أثر الهجمات على أسعار النفط، وقال للمراسلين: "لم ترتفع كثيرا، كما أن لدينا احتياطي النفط الاستراتيجي، وهو ضخم"، وأضاف أنه بإطلاق بعض ذلك الاحتياطي ستعود أسعار النفط للانخفاض ثانية.
ويقول الكتّاب إن ترامب أرسل رسائل مختلطة حول رد فعله على الهجوم، الذي وقع بعد مجرد أيام من إقالته لمستشاره للأمن القومي جون بولتون، الذي عرف عنه أنه كان يريد توجيه ضربة عسكرية لإيران.
وتنوه الصحيفة إلى أنه في وقت لاحق من يوم الاثنين غرد ترامب على "تويتر" مشيرا إلى أنه لا يمكن تصديق إيران، مذكرا متابعيه بإسقاط طائرة الاستطلاع الأمريكية في حزيران/ يونيو، حيث كانت رواية إيران "كذبة كبيرة"، وأنهم "الآن يقولون إن لا علاقة لهم بالهجوم على السعودية، سنرى".
ويفيد التقرير بأن ترامب، الذي جعل السياسة الأمريكية تجاه إيران أكثر عدوانية بفرض عقوبات اقتصادية قاسية، غرد ليلة الأحد، قائلا إن واشنطن تنتظر مشاركة من السعودية قبل رد عسكري محتمل، وقال إن الجيش مهيأ للرد "اعتمادا على التحقق.. هناك سبب لدينا لنعتقد أننا نعرف المجرم"، مشيرا إلى أن ترامب لم يستبعد ضربة عسكرية قوية، وعندما سئل في وقت لاحق يوم الاثنين في حديقة البيت الأبيض إن كان الرد سيكون متناسبا قال: "أقول نعم".
ويشير التقرير إلى أنه لم تصدر عن السعودية أي رسالة عامة حول الرد الذي يفضله السعوديون، لافتا إلى أن المؤيدين البارزين للعائلة المالكة صوروا الهجوم على أنه اعتداء على العالم وسوق الطاقة فيه، وليس فقط على السعودية، وتحدث بعضهم عن الانتقام.
وينقل الكتّاب عن المحلل السياسي والروائي السعودي البارز تركي الحمد، قوله: "ما هو مطلوب ليس أكثر من تدمير منشآت إيران النفطية، وإن كانت هناك إمكانية المنشآت النووية والقواعد العسكرية ايضا".
وتستدرك الصحيفة بأن حسابات التواصل الاجتماعي الأخرى المعروفة بدعايتها المؤيدة للحكومة رجحت الصبر، وقالت إن الحكمة تقتضي اختيار الوقت والوسيلة الصحيحين للرد.
ويلفت التقرير إلى أن محرر الموقع الإنجليزي التابع للفضائية الإخبارية التي تملكها السعودية "العربية" محمد اليحيي، شدد على أن حكام السعودية يقومون بمناقشة الأمر بحرص، وقال إن الهجمات أظهرت بإن الإيرانيين يشعرون بألم عقوبات إدارة ترامب، و"أنهم أكثر احتمالا لأن يغامروا كما غامروا مؤخرا".
ويورد الكتّاب نقلا عن اليحيى، قوله: "يجب القيام برد عسكري تقليدي مع حذر كبير من حيث القانونية والتداعيات، وبعد التفكير في البدائل الأخرى كلها.. وإن كان هناك صراع عسكري فإنه لا بد أن تكون إيران أكبر الخاسرين، لكن في الواقع سيخسر الجميع.. فالحرب التقليدية ستثقل كاهل الجميع".
وتذكر الصحيفة أن الحوثيين أصروا يوم الاثنين بأنهم هم من قاموا بالهجمات، مستخدمين طائرات مسيرة، وهددوا بالمزيد، ولم يشيروا إلى دور أي معدات أو تدريب إيراني، وحذر المتحدث العسكري باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع "الشركات والأجانب من الوجود في المصانع التي تم ضربها؛ لأننا قد نستهدفها ثانية في أي وقت"، بحسب ما نشرت وكالة "المسيرة" الإخبارية التابعة للحوثيين، وقال إن بإمكان الحوثيين ضرب أي مكان في السعودية في أي وقت يشاءون، وأشار إلى أن الفعل ضدها (السعودية) "سيتمدد ويكون أكثر إيلاما".
وينقل التقرير عن خبراء الأمم المتحدة، قولهم بأن إيران أمدت الحوثيين بطائرات مسيرة وصواريخ زادت من مقدرتهم العدوانية، مشيرا إلى أن الحرس الثوري الإيراني عمل عن كثب مع المجموعات المتحالفة في المنطقة، من بينها حزب الله في لبنان وسوريا وحركة حماس في غزة والمليشيات الشيعية في العراق.
وينوه الكتّاب إلى أن حملة القصف السعودية في اليمن، أفقر البلدان العربية، أدت إلى مقتل الآلاف، كثير منهم مدنيون، مشيرين إلى أن الحرب تعد أكبر أزمة إنسانية في السنوات الأخيرة، وتسببت بنزوح الملايين، وعرضت ملايين آخرين لخطر المجاعة.
وبحسب الصحيفة، فإن الحوثيين ادعوا بأنهم استخدموا عشر طائرات مسيرة في هجوم يوم السبت، وقال المسؤولون الأمريكيون بأن هناك 17 نقطة تلقت ضربات، مشيرة إلى أن الحوثيين قاموا بهجمات صاروخية وهجمات بالطائرات المسيرة على مناطق مختلفة من السعودية سابقا، لكن لم تكن على هذا المستوى أو ضد أهداف حيوية، أو بذلك العمق في المملكة، 500 ميل من الحدود اليمنية.
ويشير التقرير إلى أن الهجوم تسبب بإغلاق المنشآت في بقيق وخريس، التي يتم التعامل فيها مع معظم النفط الخام الذي تنتجه السعودية، حيث توفر السعودية عشر حاجة العالم للنفط.
ويلفت الكتّاب إلى أن التوتر بين أمريكا وإيران زاد بشكل حاد منذ العام الماضي، عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي عقد عام 2015، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية على إيران، وقام بفرض المزيد من العقوبات هذا الربيع، مشيرين إلى أن إيران، التي بقيت ملتزمة بشروط الاتفاقية النووية بعد الانسحاب الأمريكي، بدأت تتراجع تدريجيا عن التزاماتها في الاتفاقية.
وتفيد الصحيفة بأن ناقلات نفط أصيبت بأضرار في مضيق هرمز في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، فيما قال مسؤولون أمريكيون إنها هجمات إيرانية، بالإضافة إلى أن إيران قامت بالقبض على عدد من السفن الأجنبية.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول وزير الخارجية الإيراني يوم الاثنين بأنه سيتم خلال أيام الإفراج عن ناقلة النفط التي تحمل العلم البريطاني، ستينا أمبيرو، التي سيطرت عليها إيران بالقرب من سواحلها في تموز/ يوليو، وقامت إيران بذلك عقب قيام القوات البريطانية في جبل طارق باحتجاز ناقلة إيرانية أطلق سراحها الشهر الماضي، بعد احتجاز دام أكثر من ستة أسابيع.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)