هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا، أجابت فيه على مجموعة من التساؤلات حول الجوانب القانونية والسياسية المتعلقة بإجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب، والأطراف المسؤولة عن التحقيق في هذه المسألة، ومدى إمكانية أن تفضي هذه العملية إلى تنحيته من منصبه فعلا.
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، أن الشروع في إجراءات عزل ترامب، يعني عمليا أن
الكونغرس يعتقد أن الرئيس لم يعد مؤهلا لتولي منصبه، وبالتالي يجب تنحيته منه،
وينص الدستور الأمريكي على أن "الرئيس، ونائب الرئيس وكل الموظفين الحكوميين
في الولايات المتحدة، يجب تنحيتهم من مناصبهم وعزلهم إذا ارتكبوا أعمال خيانة أو
رشوة أو أي من الجرائم أو الجنح الأخرى الخطيرة".
وذكرت الصحيفة أن "الكونغرس،
وبالتحديد مجلس النواب، هو الطرف الذي يمتلك صلاحيات عزل الرئيس، وبناء على
الدستور الأمريكي، فإن هذا المجلس يمكنه التصويت على عزل ترامب إذا ثبت ارتكابه
لجرائم أو جنح خطيرة، وهو أمر يعود لتقدير المجلس نفسه".
العزل والإقالة
إلا أن عزل الرئيس ليس هو نفسه
إقالته من منصبه، إذ أن الأمر يتطلب عقد مجلس الشيوخ لمحاكمة يشرف عليها رئيس
المحكمة العليا للولايات المتحدة، وقد تم في السابق عزل اثنين من الرؤساء
الأمريكيين، هما أندرو جونسون وبيل كلينتون، كما أن ريتشارد نيكسون استقال تحت
تهديد العزل، ولكن لا أحد من هؤلاء تمت إقالته من منصبه.
وبينت الصحيفة أن التحقيق المؤدي
للعزل، هو أول خطوة في إجراءات عزل الرئيس، وهو ما يعني أن المشرعين سوف يقومون
بالتحقيق في ما إذا كان ترامب قد ارتكب جرائم أو جنح خطيرة.
اقرأ أيضا: قضايا هددت بعزل ترامب قبل "فضيحة أوكرانيا" (إنفوغرافيك)
وحول مسار هذه العملية، كانت نانسي
بيلوسي قد أعلنت يوم الثلاثاء أن هنالك ست لجان رئيسية تقوم بالتحقيق مع الرئيس،
وهي ستواصل القيام بهذا الأمر تحت مظلة إجراءات العزل. وإذا خلص هذا التحقيق إلى
أن هنالك مبررات لهذه الخطوة، فإن لجنة الشؤون القضائية سوف تستخدم الفصول
المتعلقة بهذا الإجراء، وسيقوم مجلس النواب بالتصويت عليه.
وذكرت الصحيفة أن رئيس لجنة القضاء
في مجلس النواب، جيرولد نادلر، كان قد لخص هذه العملية في أغسطس/ آب الماضي في
حوار له مع قناة "سي أن أن"، حين قال: "نحن نحقق في كل المؤشرات
ونجمع كل الأدلة، وعندما نصل إلى خلاصة، آمل أن يكون ذلك مع نهاية العام، سوف يتم
التصويت على تفعيل الفصول المتعلقة بالعزل في مجلس النواب، أو قد لا يتم ذلك. هذا
القرار سوف يتم اتخاذه لاحقا، ونحن الآن بصدد خوض هذا المسار".
وحول ما إذا كان ممكنا اعتبار أن
مجلس النواب كان فعليا يقوم بالتحقيق المؤدي للعزل خلال الفترة الماضية، قالت الصحيفة
إن الإجابة على هذا السؤال مرتبطة بموقف كل طرف، إذ أن لجنة نادلر على سبيل المثال
وجهت للرئيس تهما تؤدي للعزل، وكان نادلر قد فاجأ أعضاء لجنته خلال هذا الصيف
عندما أعلن عن بدء هذا التحقيق. أما نانسي بيلوسي من جهتها فهي لم تكن تساند هذه
الفكرة، ولم تذكر عبارة إجراءات العزل أصلا أمام العلن، إلا أن الاتهامات الموجهة
لترامب بشأن أوكرانيا دفعتها لتغيير موقفها.
مدة إجراءات العزل
وبحسب دراسة أجرتها الواشنطن بوست،
فإن هنالك ما لا يقل عن 218 عضوا ديمقراطيا في مجلس النواب، يوافقون على البدء في
هذه الإجراءات، وهو ما يمثل أكثر من ثلثي المجلس. هذا العدد يعتبر مهما، لأن
القانون يتطلب وجود 218 صوتا موافقا من أجل تمرير القوانين. ولكن هؤلاء رغم أنهم
جميعا يساندون البدء في الإجراءات، فإنه ليس المؤكد أن يساندوا كلهم عملية العزل
في النهاية، لأن ذلك القرار سيرتبط بالأدلة التي سيكشفها التحقيق.
ولكن تشير الصحيفة إلى أن عدد
المساندين لهذه الفكرة يشهد تزايدا مستمرا منذ شهر أبريل/ نيسان الماضي، عندما نشر
المستشار الخاص روبرت مولر تقريره المجتزأ بشأن الدور الروسي في انتخاب ترامب.
وحول المدة التي قد تستغرقها إجراءات
العزل، أوضحت الصحيفة أن المجلس لديه الصلاحيات لتحديدها مثلما يشاء، وهنالك
احتمال أن تستغرق هذه الإجراءات مدة تصل إلى 4 أشهر. ولكن النواب الديمقراطيين
يواجهون ضغط الوقت، لأنهم من الناحية السياسية قد يصعب عليهم إنجاح هذه المحاولة
وإثبات ضرورة عزل الرئيس عند حلول العام 2020 واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية،
التي من المرجح أن يخسرها ترامب على كل حال.
وأشارت الصحيفة إلى أن مجلس الشيوخ،
الذي تسيطر عليه أغلبية جمهورية، من غير المحتمل أن يسعى الآن للدخول في مواجهة مع
ترامب. وحتى لو قرر مجلس النواب الشروع في إجراءات العزل، فإن ميتش ماكونيل، رئيس
مجلس الشيوخ، يمكن أن يرفض إجراء محاكمة للرئيس، على الرغم من أنه على مدى قرون،
كان دائما يفترض به أن يعقد محاكمة لإدانة أو تبرئة الرئيس، عندما يقوم مجلس
النواب بتفعيل إجراءات عزله.
وفي الختام، نبهت الصحيفة إلى أن
ترامب في صورة عزله من قبل مجلس النواب، يمكنه الترشح مجددا في انتخابات العام
2020، ولكن إذا تمت إقالته من منصبه، فإن هذه الحالة غير المسبوقة ستفتح الباب
أمام نقاش دستوري مفتوح على جميع الاحتمالات.