هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت صحيفة "هآرتس" العبرية الجمعة، الجهود التي نفذتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لمنع تطور موجة العمليات الفردية بمدن الضفة الغربية في عام 2015، إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وقالت الصحيفة في مقال نشرته للكاتب
عاموس هرئيل، إنه "في مثل هذا الأسبوع قبل أربع سنوات، بدأت سلسلة من العمليات
في الضفة الغربية والقدس، التي سرعان ما انزلقت إلى حدود الخط الأخطر"،
منوهة إلى أنها "جاءت بعد فترة هدوء نسبي".
وأوضحت الصحيفة أن الظاهرة الجديدة
تمثلت في "قيام عشرات الشبان الفلسطينيين باستخدام أسلحة في متناول يدهم،
تتضمن سكاكين المطبخ وحتى السيارات، لتنفيذ موجة استثنائية من العمليات"، لافتة
إلى أنه "حتى نهاية سنة 2015 وقع ما يقرب 100 عملية ومحاولة تنفيذ".
مفهوم انتفاضة
وذكرت أنه "قتل في هذه الموجة
حوالي 50 إسرائيليا، وأكثر من 200 فلسطيني"، مبينة أن "الجيش والشاباك
سموا هذه الفترة بأحداث مقتضيات الساعة، في حين أطلق الصحفيون أسماء أخرى، مثل
انتفاضة السكاكين، وانتفاضة المنفردين".
ورأت الصحيفة أنه "بأثر رجعي
فإن انتفاضة المنفردين، هو الأكثر تعبيرا"، مرجئة ذلك إلى أن "مفهوم
انتفاضة، هو مبالغ به بالمقارنة مع قوة الموجة وتداعياتها"، رغم أن
"هآرتس" نفسها سمتها طوال عدة أسابيع بـ"الانتفاضة الثالثة".
اقرأ أيضا: تقديرات إسرائيلية: الضفة على موعد مع الانفجار القادم
وحول الآلية الأمنية الإسرائيلية
لوقف تحول الموجة لانتفاضة ثالثة، نقلت الصحيفة عن رئيس قسم السايبر في الشاباك
حينها أريك (هاريس) بقوله، إن المسجد الأقصى شكل طوال سنوات محفزا رئيسيا لعمليات
الشبان الفلسطينيين، موضحا أن ذلك يعود لخشيتهم على المس الإسرائيلي بالمسجد، أو
تغيير الترتيبات الخاصة بالصلاة فيه وزيارته.
وأكد المسؤول الأمني الإسرائيلي، أنه "لذلك
أصبحت السلطات ضد الخطوات الأحادية الجانب"، واصفا قرار رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو بوضع بوابات إلكترونية بالأقصى، قبل أن يتراجع عن ذلك بعد أسبوعين بضغط من
أجهزة الأمن، "كإشعال النار في الهشيم".
وفي توصيف العمليات الفردية، قال هاريس
إنه "لا يشبه العمليات التي اعتادت إسرائيل على مواجهتها خلال سنوات
الانتفاضة الأولى والثانية"، موضحا أن "الوسائل القتالية مختلفة، وطرق
العمل غير عادية، وتعتمد بشكل أساسي على الأشخاص المنفذين الذين ليس لهم انتماء
تنظيمي".
أعمار المنفذين
وشدد على أن هذه الصفات الخاصة
بالمنفذين، هي "جوهر المشكلة التي وقفت أمام الشاباك في المعركة"، مضيفا
أن "الجهاز كان مطلوبا منه تغيير أنماط العمل التقليدية، التي كانت تناسب
مواجهة إرهاب منظم، وتبني طرق عمل وجمع معلومات عن الأشخاص المنفردين".
ولفت إلى أن "متوسط أعمار
المنفذين الجدد كان ما بين 16 و20 عاما، بدلا من 23 و27 عاما في الفترات
السابقة"، مشيرا إلى أن "عدد المنفذين من النساء ارتفع بصورة كبيرة،
أغلبهن فتيات صغيرات، وكان من بينهن من جاء من خلفية عائلية صعبة"، بحسب
تعبيره.
وركز على دور الوسائل التكنولوجية
وبالأساس الشبكات الاجتماعية في نشر رسائل "الانتفاضة الثالثة"، وفي
الوقت نفسه أيضا عمليات المكافحة الإسرائيلية لها، مؤكدا أن "المنفذين كانوا
يعطون إشارات عن نواياهم عبر الشبكات الاجتماعية، وبعضهم نشر وصايا قبل ذهابهم
لتنفيذ العملية".
اقرأ أيضا: تقرير أمني: الضفة تغلي وعقبات تقف أمام اندلاع انتفاضة فيها
ويتابع المسؤول بالشاباك:
"تغيير نمط العمليات الفلسطينية الكلاسيكية، أجبرنا على تطوير طريقة تفكير
جديدة"، معتبرا أن "خبرة الجهاز كانت مبينة كلها تقريبا على فهم البنى
المنظمة (..)، أما العمليات الفردية لم يكن هناك عنوان واضح بالإمكان التحقيق
فيه".
واستكمل قائلا: "خبرة جهاز
الشاباك لم تكن تناسب العمليات الفردية، لذلك كان مطلوبا تطوير نموذج جديد، يعتمد
على الصفات الشخصية للمنفذين، ودراسة حالات سابقة"، مضيفا أننا "انتقلنا
إلى العثور على إشارات تدلل على تغيير السلوك، الذي لم نشاهده في النشاطات
الجسدية، بل في السلوك الرقمي على الإنترنت".
وتطرق لأساليب العمل الجديدة
للشاباك، التي كانت تفيد في معرفة الأعمال التمهيدية، مثل "منشور على
الشبكة، وشراء سلاح، وزيادة أو هبوط في حجم النشاط، وإنشاء علاقات جديدة،
والانضمام إلى مجموعة افتراجية جديدة وغيرها".
وشدد على أن "مراقبة الشبكة
وتشخيص النشاط الاستثنائي من بين بحر المعلومات، كشف عن تحذيرات لم يكن بالإمكان
الوصول إليها بالوسائل الاستخباراتية التقليدية"، مبينا أن "المعلومات
الرقمية الجديدة تم مطابقتها مع مصادر معلومات أكثر تقليدية مثل كاميرات وتقارير
العملاء".
وسائل جديدة
وأفاد بأن "الشاباك طوّر وسائل
تكنولوجية وتنفيذية واستخباراتية جديدة للتنقيب عن المعلومات، واستخراجها من داخل
الإنترنت"، منوها إلى أنه "تم توثيق التعاون مع أذرع أمن أخرى، على رأسها
قيادة المنطقة الوسطى وقسم الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي".
وأردف قائلا: "بعد بلورة البنى
الأساسية للمعلومات الجديدة، توجهت أجهزة الأمن للقضاء على التهديد، أو على الأقل
لتقليصه إلى مستوى يكون فيه محتملا"، مشيرا إلى أن "العمليات الفردية كانت
تحتاج دقة وعمقا في التعامل معها أكثر من العمليات المنظمة".
ومن بين الوسائل الأخرى لمنع
العمليات الفردية، هي الردع المستقبلي، الذي تمثل في احتجاز جثث المنفذين، لكن
اتضح لاحقا أنها وسيلة غير فعّالة، عندما أعيدت الجثث جرت لهم جنائز جماهيرية،
بمرافقة رجال الشرطة الفلسطينية، بحسب مسؤول السايبر بالشاباك.
وخلص إلى أن هذه الفترة شهدت صراعا
تكنولوجيا بالأساس لمحاربة "العمليات الفردية"، مبينا أن "الحاجة
لمواجهة هذه الظاهرة، والخشية من التحول لانتفاضة ثالثة، أعطى تغطية تكنولوجية
استثنائية في حجمها، ما جعل إسرائيل تخترق الحياة الشخصية لمئات الآلاف من
الفلسطينيين".