قالت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها إن المشكلات المستعصية التي يواجهها كل من
لبنان وتشيلي لن يتم حلها بسهولة، مشيرة إلى أن ما قدمته حكومتا البلدين من تنازلات للمحتجين قليل ومتأخر.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أن الأحداث التي وضعت البلدين على حافة الانهيار اندلعت نتيجة قرارات صغيرة كشفت عن عجز النخبة الحاكمة عن تقديم حلول، أو فهم احتياجات سكانهم الأساسية، في الوقت الذي انشغلوا فيه بإثراء أنفسهم.
وتلفت الصحيفة إلى أن "الأزمة في
تشيلي، التي تعد الأكبر منذ عودة الديمقراطية قبل 30 عاما، بدأت عندما قررت الحكومة رفع سعر تذكرة المترو بنسبة 30%، أما في لبنان فبدأت عندما قررت الحكومة رفع ضريبة مكالمات الـ(واتساب)، لكن الأسباب الرئيسية هي أعمق وتتزايد منذ وقت طويل، فهناك غضب كبير على النظامين السياسي والاقتصادي، اللذين تجاهلا معظم السكان".
وترى الافتتاحية أنه "لا يوجد شبه بين البلدين، بل هما مختلفان جدا، فلبنان يترنح منذ سنوات بسبب العجز السياسي والفساد المستشري، وحذر مدير المصرف المركزي من أن اقتصاده، الذي تدعمه منذ سنوات طويلة تحويلات اللبنانيين في الخارج، من انهياره بعد أيام، وتم الكشف في الأيام الأخيرة عن أن رئيس الوزراء المستقيل، سعد الحريري، قدم 16 مليون دولار لعارضة أزياء من جنوب أفريقيا، وذلك أن يصبح رئيسا للوزراء، وهو مبلغ يقدم صورة عن الفجوة بين حياة الذين يعيشون في القمة وبقية السكان".
وتنوه الصحيفة إلى أنه "في المقابل فإنه كان ينظر لتشيلي على أنها قصة نجاح اقتصادي، ووصف رئيسها الملياردير سبستيان بنيرا بلده بأنه (واحة) في منطقة تعاني من نزاعات وأزمات، لكن واحة الرئيس يعيش فيها الناس دون مساواة، وهي إرث ديكتاتورية أوغستو بينوشيه والنظام النيوليبرالي الذي أورثه للأمة، وهناك عدم الحصول بسهولة على الخدمات الرئيسية، وخمس سكانه يعيشون على 140 دولارا في الشهر".
وتجد الافتتاحية أنه "في الوقت الذي قررت فيه الحكومتان إلغاء القرارات التي أغضبت الجماهير، إلا أن الحركات التي اندلعت ضدهما تجاوزت المطالب الأولية، وقدم سعد الحريري استقالته يوم الثلاثاء، مع أن البعض يشك بأنه يحاول استخدام الاستقالة ورقة ضغط على حلفائه في الحكومة، فيما قام الرئيس التشيلي بطرد الوزراء المتشددين، لكن المتظاهرين في مدن البلاد أشعلوا النيران واشتبكوا مع الشرطة بعد الإعلان".
وتستدرك الصحيفة بأن "الخطاب المتشدد والعنف زادا من اشتعال
الاحتجاجات، وقال بنيرا: (نحن في حرب مع عدو قوي لا يتنازل ولا يحترم أحدا)، وقتل حوالي 20 شخصا، وتم ضرب المئات واعتقال أكثر من 7 آلاف شخص، وفي لبنان حذر زعيم حزب الله، حسن نصر الله، الذي لا يشغل أي منصب رسمي، من (نظريات المؤامرة)، وهو ما زاد من الاحتجاجات اشتعالا".
وتشير الافتتاحية إلى أنه "عندما حاول البعض مداهمة المناطق الرئيسية للاحتجاجات يوم الثلاثاء، فإن المتظاهرين ألقوا باللوم على أنصار حزب الله وحركة أمل، وقد تعود لبنان على الحكومات المؤقتة والفوضى السياسية، إلا أن الرهانات عالية، والضغوط على الاقتصاد تجعل من الوصول إلى حل أمرا غير محتمل، وفي تشيلي هناك فرص حقيقية للانهيار الاجتماعي والعودة إلى النظام الديكتاتوري".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "حركات الاحتجاج في العالم تتطور بسرعة مربكة، بسبب التقدم التكنولوجي، ولأن أي احتجاجات تنظر إلى حركات مماثلة في الخارج، في وقت تتعثر فيه الحكومات في الطريق ولا تستطيع انتهاز المبادرة أو الرد عليها بالسرعة ذاتها؛ ليس لأن الرد لا يخدم مصلحة الأقوياء فقط، بل لأن خروجا جماعيا كهذا من الصعب السيطرة عليه أو إضعافه، وقد يبحث القادة عن العصي أو الضمادات، لكنهم لن يعثروا على حلول قصيرة لمشكلات مستعصية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)