هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تأثر المملكة المتحدة في علاقاتها مع الشرق الأوسط في حال خسارة المحافظين في الانتخابات العامة المقبلة في 12 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وأثارت "بي بي سي" سؤالا أساسيا في تناولها لتقريرها: "هل سيؤدي تغيير الحكومة البريطانية إلى تغيير في علاقات المملكة الأمنية والمخابراتية؟".
وأجابت بشكل غامض بالقول: "نعم ولا"، مضيفة أنه "قد تبدو الإجابة مضللة، لأنه ثمة الكثير من الخلفيات لهذا السؤال".
وأوضحت أنه "عند وقوع هجوم إرهابي تتحد الأحزاب في إدانتها للجريمة، وتشير إلى الفكر المتطرف الذي دفعه لارتكاب جريمته، لكن عندما يتطرق الأمر للقضايا الخلافية المتعلقة بحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، والشراكات المخابراتية، ومن يجب أن يكونوا في خانة حلفاء بريطانيا حول العالم، ثمة خلافات حزبية كبيرة، خاصة في ما يتعلق بالشرق الأوسط".
خطابات كوربين
وأشارت كذلك إلى أن خطاب زعيم حزب العمال جيرمي كوربين، يشي بتغييرات كبيرة بعلاقات بريطانيا بدول في الشرق الأوسط، موضحة أن "العمال عندما وصلوا إلى الحكم عام 1997 في عهد توني بلير، حدث تغيير بسيط تجاه الشرق الأوسط. وكان من بين رحلاته الخارجية الأولى زيارة المملكة العربية السعودية، حيث حظي باستقبال حار. لكن الأمر بات يختلف الآن مع خطابات كوربين السياسية".
وأكدت أن كوربين يسعى إلى تحول شديد في العلاقات الخارجية، خاصة مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودول الخليج بشكل عام.
اقرأ أيضا: كوربين: سنوقف مبيعات الأسلحة للسعودية إن فزنا بالانتخابات
ونقلت عن جون رايني، أحد مسؤولي الأمن القومي السابقين، أنه في حال اعتماد "توجهات سياسية مختلفة جذريا ومجموعة من الشراكات الدولية المختلفة جذريا، فلا شك أن التأثير سيطال العلاقات الأمنية والاستخباراتية".
وللمملكة المتحدة مجموعة من الشراكات الأمنية والدفاعية والمخابراتية مع الشرق الأوسط، التي قد تكون محل الكثير من المراجعة حال تغير الحكومة، وفق "بي بي سي".
وأوضح رايني أن هذا قد يتغير حال انتقال السلطة إلى يد أخرى، مضيفا أنه "بمجرد استقرار الحكومات في السلطة، ووصولها إلى محادثات ومشاورات لم تكن لتصل إليها من قبل، فقد تنتهي إلى خطط أقل ثورية من موقفها أثناء وجودها خارج السلطة".
وتعد السعودية حاليا حليفا لبريطانيا، رغم سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، وغاراتها الجوية على اليمن، التي كانت محل الكثير من الاستهجان. ويقول المسؤولون الحكوميون إن هذه الشراكة مهمة لأسباب استراتيجية وتجارية.
وعلى مدار سنوات، كان السعوديون هم الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا في الشرق الأوسط، وتبلغ قيمة مشترياتهم من السلاح البريطاني مليارات الجنيهات الإسترلينية وتوفر هذه المشتريات عشرات آلاف الوظائف في المملكة المتحدة، وللسعوديين مئات الاستشمارات والشراكات في المملكة المتحدة.
وتشارك السعودية الغرب في عدم الثقة في إيران، وتتبادل معه معلومات مخابراتية في إطار جهود مكافحة الإرهاب.
وعلاقات المملكة المتحدة بالسعودية تتشابك مع علاقات بريطانيا بدول الخليج المجاورة، تحديدا البحرين والإمارات. فطائرات سلاح الجو البريطاني تنطلق من قواعد عسكرية في الإمارات. وللبحرية الملكية الآن قاعدة دائمة في البحرين تحمل اسم "إتش إم إس غوفير". وأي تغيير في السياسات البريطانية السعودية سيمتد تأثيره إلى باقي دول الخليج، وفق "بي بي سي".
والسياسة البريطانية الحالية هي امتداد لنهج بريطاني استمر على مدار عقود، وتعاقبت عليه حكومات العمال والمحافظين، يهدف إلى إبرام صفقات الدفاع والتجارة مع دول الخليج، وتفادي الانتقاد العلني قدر الإمكان لوضع حقوق الإنسان في هذه الدول.
اقرأ أيضا: MEE: هذا هدف ادعاءات معاداة السامية ضد كوربين
ولم تتخذ المملكة المتحدة أي إجراء يُذكر عند مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018.
نهج جديد للعمال
واليوم، تأخذ المعارضة المتمثلة بحزب العمال نهجا مخالفا، إذ تتهم السعودية علنا بانتهاك القانوني الدولي الإنساني في اليمن، وتدعو إلى تعليق إمدادات السلاح وإخضاعها لتحقيق شامل.
وبالفعل عُلقت صفقات السلاح وفق حكم محكمة الاستئناف. وقال مسؤولون سعوديون بارزون إنه حال تعليق الصفقات بشكل دائم، فسيبحثون عن وجهات أخرى لشراء السلاح.
وأضافت "بي بي سي": "تتشارك المملكة المتحدة وإسرائيل معلومات مخابراتية بشكل دوري. وتحسنت علاقات إسرائيل بالخليج مؤخرا بسبب الخوف المشترك من نمو النفوذ الإيراني وبرنامجها النووي. خاصة أن إسرائيل لها شبكة مخابراتية لا تُضاهى في المنطقة".
وقال مسؤولون حكوميون في مناسبات خاصة إن هذا التنسيق المخابراتي سيخضع للتقييد حال تولي كوربين الحكومة. ويقول سير مارك ليال غرانت، مستشار الأمن القومي البريطاني السابق، إن رصد التغيير يجب أن يوضع في سياق عالمي.
ويقول: "المخابرات الإسرائيلية لها أهمية وتقدير كبير لدى المخابرات البريطانية، لكنها لا تضاهي بأي شكل من الأشكال الشراكة مع الولايات المتحدة".
ماذا سيتغير؟
ولفتت الهيئة البريطانية، إلى أن أي حكومة قادنة ستوجه لجنة المخابرات المشتركة للاستمرار في التجسس على النشاط النووي الإيراني. كما أنه سيكون هناك شكوك مستمرة بشأن السجل الحقوقي المتردي لإيران، واعتقال مزدوجي الجنسية مثل نازانين زاغاري-راتكليف.
وتقول الخبيرة وكبيرة الباحثين في الشأن الإيراني في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إلي غيرانماييه، إن ملف حقوق الإنسان وحده يصعّب على أي حكومة بريطانية تطبيع العلاقات مع إيران.
لكنها أشارت إلى أن "حكومة كوربين ستكون أكثر توازنا بين الندين الكبيرين في الشرق الأوسط" (السعودية وايران)، وقالت: "أعتقد أنه على المستوى الجيوسياسي، سنشهد على الأقل موقفا بريطانيا أكثر توازنا في ما يتعلق بالتنافس السعودي-الإيراني الدائر في المنطقة".