هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكلّت خسارة المنتخب السعودي أمام نظيره البحريني، الأحد، في نهائي كأس الخليج بنسخته الـ24 في الدوحة، حزنا واسعا في الشارع السعودي.
البطولة التي لم يتهيأ لها المنتخب وحتى الجمهور السعودي بشكل جيد، إذ أعلنت عن مشاركة منتخبات (السعودية، الإمارات، البحرين)، قبل أيام فقط من انطلاق البطولة، كان يأمل من خلالها السعوديون أن تصحح مسار "الأخضر" الغائب عن منصات التتويج منذ 14 عام كاملة.
ويرى الجمهور السعودي أن بطولة الخليج، على الرغم من عدم اعتراف الاتحاد الدولي "فيفا" بها، إلا أنها لها رمزية كبيرة في المنطقة، لا سيما أن آخر فوز للأخضر بها كان في خليجي 16 بالرياض، عام 2003.
وكان العام 2005، آخر عام يشهد تحقيق بطولة للمنتخب السعودي، وهي "التضامن الإسلامي"، في مكة المكرمة، وحينها فاز "الأخضر" بهدف نظيف على منتخب المغرب الذي غاب عنه لاعبوه المحترفون بالخارج، نظرا لكون البطولة غير رسمية.
ويعتبر قسم كبير من المشجعين السعوديين أن "التضامن الإسلامي" لا يمكن الاعتداد بها كبطولة، وأن آخر بطولة تنافسية حقيقية نالها المنتخب، كأس الخليج 16 بالكويت عام 2004.
وبعد لقب "التضامن الإسلامي"، نجحت السعودية في التأهل لمونديال كأس العالم 2006 بألمانيا، وهي المرة الرابعة على التوالي حينها التي يصل فيها "الأخضر" إلى المونديال. وبالرغم من النتائج السلبية والخروج من الدور الأول (خسارتين من أوكرانيا وإسبانيا، وتعادل مع تونس)، إلا أن أداء السعودية لاقى استحسان الشارع الرياضي مقارنة بالمشاركة الكارثية في مونديال كوريا واليابان 2008، التي منيت فيها السعودية بثلاث خسائر كبيرة، دون إحراز أي هدف.
ومع نهاية المشاركة في مونديال 2006، جددت السعودية دماءها، باعتزال أو استبعاد أبرز نجوم تلك الحقبة (الحارس محمد الدعيع، والمدافعون أحمد الدوخي، ورضا تكر، وحسين عبد الغني، وصانعوا الألعاب محمد الشلهوب، ونواف التمياط، والهداف سامي الجابر).
لعنة النهائيات
بعد مونديال 2006، أعاد الأخضر السعودي ترتيب صفوفه بشكل سريع، مطعّما ما تبقى من تشكيلته بأسماء شابة، أبهرت الجميع، ووصلت إلى نهائي كأس أمم آسيا 2007، إلا أن رأسية أسطورة الكرة العراقية يونس محمود أنهت حلم جيل شاب كاد أن يحقق المفاجأة.
ومنذ صيف العام 2007، وصل المنتخب السعودي إلى أربع نهائيات أخرى، جميعها في بطولة كأس الخليج (2009، 2010، 2014، 2019)، وأخفق في فوز أي منها.
وفي العام 2009، شاركت السعودية بكامل نجومها في خليجي 19 بمسقط، ووصلت إلى المباراة النهائية، إلا أن الحظ وقف عاثرا بوجهها في ركلات الترجيح، بعد إضاعة نجمها تيسير الجاسم للركلة السادسة، مهديا عمان أول لقب خليجي لها.
وبعد عام، وصلت السعودية إلى نهائي خليجي 20 في صنعاء، بتشكيلة مطعمة بلاعبين شبان، بعد استبعاد كوكبة من نجوم الصف الأول، إلا أن الأزرق الكويتي، حامل اللقب القياسي في البطولة، خطف فوزا قاتلا في الوقت الإضافي بهدف نظيف.
وفي خليجي 22 بالرياض عام 2014، قلب المنتخب القطري الخسارة أمام السعودية إلى فوز بهدفين لهدف، قضت خلالها على آمال "الأخضر" بتحقيق لقب خليجي طال انتظاره.
مدرب كل عام
في إحصائية مثيرة رصدتها "عربي21"، نجد أن المنتخب السعودي، ومنذ آخر بطولة حققها في العام 2005، بدأ في لعبة تغيير المدربين، وهو ما جعل الشارع يتهم أطرافا عليا بالعبث بمسيرة المنتخب، إذ قاد المنتخب خلال الـ14 عاما الماضية، 12 مدربا.
واللافت أن غالبية المدربين من الأسماء المعروفة، وبعضها تمت الإطاحة به رغم تحقيقه نجاحا كبيرا.
فعلى سبيل المثال، قاد الأرجنتيني غابرييل كالديرون المنتخب السعودي إلى مونديال 2006، دون هزيمة في أي مباراة بالتصفيات، إلا أن اتحاد الكرة أطاح به قبل ستة شهور فقط من انطلاقة كأس العالم، ليتم تعيين البرازيلي ماركوس باكيتا عوضا عنه.
وبعد أقل من عام ونصف، أقال الاتحاد السعودي لكرة القدم باكيتا، ليأتي بمواطنه هليودوس أنجوس، والذي قاد المنتخب لخمسة عشر شهرا فقط، وصل فيها إلى نهائي كأس أمم آسيا 2007.
ظن اتحاد الكرة السعودي أنه وجد ضالته بالبرتغالي خوزيه بيسيرو، الذي وصل بعد قيادة مؤقتة للمدرب الوطني ناصر الجوهر، المعروف بلقب "مدرب الطوارئ"، إلا أن بيسيرو أقيل من منصبه في المباراة الثالثة من كأس أمم آسيا 2011، ليعود الجوهر على رأس الإدارة الفنية للمنتخب.
وواصل المنتخب السعودي تجريب المدربين، بعد ذلك، بداية بالبرازيلي روجيرو ألفونسو، ومرورا بالهولندي الشهير فرانك ريكارد، الذي فشل حتى في إيصال المنتخب إلى الدور الثاني من تصفيات كأس العالم 2014، قبل أن يأتي الإسباني خوان رامون لوبيز، الذي أقيل بعد خسارة نهائي خليجي 22 أمام قطر.
أزمات المنتخب السعودي مع المدربين تواصلت، إذ اضطر اتحاد الكرة لاستعارة الروماني كوزمين أولاريو من الأهلي الإماراتي، إلا أن المدرب الذي صال وجال في الملاعب الخليجية، فشل في إيصال الأخضر إلى الدور الثاني من بطولة كأس أمم آسيا 2015.
لجأ اتحاد الكرة السعودي مجددا إلى المدرب الوطني باعتباره مدرب "طوارئ"، فوقع الاختيار على فيصل البدين، الذي قاد المنتخب لخمسة شهور، تلاها تعيين الهولندي فان مارفيك، الذي نجح في إعادة الأخضر إلى كأس العالم بعد غياب 8 سنوات.
إلا أن فترة نجاح مارفيك تزامنت مع وصول المستشار في الديوان الملكي تركي آل الشيخ إلى أعلى هرم الرياضة السعودية، وهي الفترة التي يتهم فيها آل الشيخ بـ"تدمير المنتخب"، إذ أقال على نحو مفاجئ مارفيك، وعين عوضا عنه المدرب الأرجنتيني إدغار باوزا، ليقيله أيضا بعد 5 مباريات فقط، وقبل أقل من 7 شهور على انطلاقة المونديال.
آل الشيخ الذي لم يمكث كثيرا في الهيئة العامة للرياضة قبل أن يتوجه إلى "الترفيه"، استقطب المدرب الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي لقيادة المنتخب في المونديال (خرج من الدور الأول بعد فوز على مصر وخسارتين أمام روسيا والأوروغواي)، وأخفق في كأس أمم آسيا بالإمارات، والتي حققتها قطر، إذ خرج من الدور الثاني على يد اليابان.
وفي تموز/ يوليو الماضي، اختار الاتحاد السعودي لكرة لقدم المدرب الفرنسي الشهير هيرفي رينار على رأس الإدارة الفنيا مدربا للمنتخب، ويأمل أن يصحح مسار "الأخضر" بعد الإخفاق الخليجي في أول تجربة له.
الاتحاد والهيئة.. من يقود الكرة؟
تأسس الاتحاد السعودي لكرة القدم في العام 1956، تلاها بثمانية عشر عاما، تأسيس الرئاسة العامة لرعاية الشباب (الهيئة العامة للرياضة حاليا)، وكان لافتا قيادة المؤسستين من قبل الشخصيات ذاتها في وقت متزامن.
وتعاقب على رئاسة الهيئة العامة للرياضة تسعة أشخاص، 7 أمراء منهم من أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز، واثنان من عائلة آل الشيخ، فيما تولى رئاسة اتحاد الكرة ثمانية أشخاص، أربعة منهم من الأمراء.
ومنذ وصول تركي آل الشيخ إلى رئاسة الهيئة منتصف العام 2017، طفت على السطح مشاكل ازدواجية العمل بين الاتحاد والهيئة، وبات الشارع الرياضي السعودي يرى أن رؤساء اتحاد الكرة مجرد أداة بيد رئيس الهيئة العامة للرياضة.
وتدخل آل الشيخ بشكل واضح في قرارات من صلاحيات اتحاد كرة القدم فقط، إلا أن البعض يرى نفوذ آل الشيخ لا يعكس بالضرورة تفوق الهيئة على الاتحاد، مستدلين بابتعاد رئيس الهيئة الحالي عبد العزيز بن تركي آل السعود عن المشهد.
الجدير بالذكر أن الاتحاد السعودي لكرة القدم هيئة العامة للرياضة يتبع، بحسب تصنيفات المؤسسات الحكومية، الهيئة العامة للرياضة، إلا أن ذلك لا يعني بحسب ناقدين قبول التدخل في شؤون الاتحاد وقراراته.