في وضع إقليمي وفلسطيني غاية في الضياع، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ممثلا للإنجيليين واليمين الصهيوني المتطرف، رؤيته لتصفية القضية
الفلسطينية وإسقاط كل الثوابت التي ناضل من أجلها شعبنا الفلسطيني على مدار قرن من الزمن.
عربيا تتنازع الدول العربية أنظمة مختلفة، بعضها نسجت علاقات علنية أو سرية مع العدو وأقامت أحلافا وتفاهمات مع الكيان الصهيوني وربطت مصيرها به، وهم يمثلون دوما ضغوطا على السلطة الفلسطينية لانتزاع مواقف أكثر اعتدالا، والسلطة أثبتت دائما استعدادها للاستجابة لضغوطهم، والبعض الآخر مشلول الإرادة يعيش منذ سنوات حروبا داخلية، تغذي نيرانها قوى إقليمية ودولية.
وهناك دول أخرى مهتزة لم تستقر بعد وما زالت تتعرض للضغوط والحصار بأشكال مختلفة، ورغم مواقفها الإيجابية المعلنة من
صفقة القرن، لكن لا يمكنها التأثير على مجريات الأحداث.
هذا الوضع المتأزم ينعكس على المستوى الشعبي أيضا، فالشعوب العربية -رغم حبها لفلسطين واستعدادها للتضحية من أجل القدس- فهي إما مقموعة ومحاصرة من أنظمتها أو مشغولة بجراحها.
والشعب الفلسطيني -الذي أثبت دوما قدرته على مفاجأة الجميع وقلب الحسابات- تمارس عليه الضغوط:
- في غزة الحصار والقهر والإفقار.
- وفي الضفة اهتزازات عدم الثقة بالقيادة، وصراعات القوى داخلها.
هذا هو الوضع المثالي لإسرائيل لضم تدريجي لمستوطنات الضفة والأغوار، يستوعب ردود الفعل ويتجنب إثارة الشعوب.
يصاحب ذلك في الضفة محاولة إشراك السلطة واستئناف التفاوض معها، مع تحسين ظروف المعيشة لأهلنا في الضفة.
وفي غزة تستمر محاولات تحييد القطاع بتفاهمات وقف إطلاق النار، مقابل تحسين شروط الحياة التي ترعاها القاهرة، وفي الوقت نفسه استمرار التهديد واستخدام محدود للعنف إذا لزم الأمر.
هذا الوضع المركب والمعقد يرتب على الشعب الفلسطيني مسؤوليات جديدة لإفشال مؤامرة القرن.
إن الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي تخرج عن سيطرة السلطات خاصة في الضفة والأردن، هي التي ستفشل هذه المؤامرة؛ فالضفة هي المستهدفة أساسا بصفقة القرن، والأردن إما أن تشكل عمقا استراتيجيا لفلسطين لإفشال الصفقة، أو تشكل عمقا استراتيجيا لإسرائيل لامتصاص جموع المهجرين من أهل الضفة عندما تحين الفرص.